أهداف حزب العدالة والتنمية لعام 2023: لقد كان خيالاً وليس حقيقة

أعدت حكومة حزب العدالة والتنمية AKP وحزب الحركة القومية MHP قبل سنوات خطط التنمية لعام ٢٠٢٣، ولكن مع ممارستها لسياساتها الخاصة، جعل من المستحيل أن تتحقق هذه الخطط قبل عام ٢٠٢٣.

ساريا دينيز

مركز الأخبار ـ لقد دخلنا عام 2023 الذي تعتبره حكومة حزب العدالة والتنمية AKP وحزب الحركة القومية MHP علامة فارقة بالنسبة لهم، كما أنها أعطت لهذا العام معنى مختلفاً لأسباب مثل الذكرى المئوية لمعاهدة لوزان والذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية، وكانت قد أعلنت عما يقارب من ١٠٠ بند بأهداف اقتصادية وسياسية والعديد من الأهداف الأخرة لعام ٢٠٢٣.

وفي هذا التقرير سيتم التعريف بأهداف الحكومة التركية التي لم تنفيذها بسبب سياساتها. وكيف كان وضع المرأة في الطريق إلى عام ٢٠٢٣؟ وأين تركيا من الأهداف الموعودة في خطة التنمية العاشرة؟

 

١٨ امرأة فقط من أصل ١٠٠ تعملن في وظائف رسمية

كان أحد الأهداف الرئيسية لخطة التنمية التي تم الإعلان عنها، خفض البطالة إلى ٥%، تقليل العمالة الغير المسجلة إلى ١٥%، فهل حدث ذلك؟

لقد وصلت بطالة النساء إلى مستويات تثير القلق، وبناءً عليها فإن العمالة المسجلة بدوام كامل تبلغ 21.8 مليون فقط، من بين 64.7 مليون شخص من الذين في سن العمل هناك 21.8 مليون فقط يعملون رسمياً في وظائف وبدوام كامل، في حين أن عدد العاطلين عن العمل والمحدد على نطاق واسع تجاوز 7.7 مليون شخص خلال الربع الثاني من عام 2022، فإن ١٨ فقط من كل ١٠٠ امرأة تعملن في وظائف رسمية بدوام كامل، كما وتبلغ نسبة البطالة الحقيقية بين الشبان 36.6%، وبطالة الشابات 48.4%.

 

تم إبعاد النساء عن المجالات العامة

زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة لا يزال حلماً. كان الهدف لعام ٢٠٢٣ هو رفع نسبة مشاركة النساء إلى 38%، لكن ذلك لم يحدث في الحقيقة، وعلى العكس فقد تم بذل كل الجهود لإخراج النساء من المجال العام، وكانت تصريحات السياسيين تدل على ذلك بدءً من عبارة "مهنة المرأة هي الأمومة"، "يجب على الأمهات ألا تركزن على أي مهنة أخرى غير الأمومة"، هل تعلمون لماذا تتزايد معدلات البطالة؟ لأنه وفي أوقات الأزمات، يتم البحث عن المزيد من الوظائف. هناك تصريحات من قبل السياسيين قاموا خلالها بربط سبب البطالة بعمل المرأة "إن نسبة المشاركة في القوى العاملة في ازدياد خلال الأزمة وخاصة بين النساء"، ومقترحات الحكومة بخصوص شكل التوظيف والتي أرادت أن ترى النساء في بيوتهن، أي داخل أربعة جدران، كانت تجري في هذا الاتجاه، ونتيجة لذلك أصبح هدف ٢٠٢٣ مستحيل التحقيق.

 

لقد تعمق الفقر

من بين الأهداف كان الحد من الفقر، ومع ذلك ففي العام الفائت ازداد الفقر في البلاد تزامناً الأزمة الاقتصادية، لقد تصاعدت البيانات أكثر من تراجعها إلى الخلف، لم تستطع النساء والأطفال حتى الوصول إلى المواد الغذائية الأساسية، وقد أجبر عدد أكبر من الأطفال على ترك المدرسة والالتحاق بالعمل، وفقاً لبعض البيانات، يبلغ حد الجوع في البلاد 9 آلاف و59 ليرة تركية، يتم التعبير عن حد الفقر لعائلة مكونة من ٤ أشخاص بـ 26 ألفاً و124 ليرة تركية، إن هذه البيانات لها معنى أكثر بكثير من القيمة العددية الموجودة فيها، إن هذه البيانات تعني إظهار المزيد من عدم المساواة للنساء الآخذة في الازدياد والفقر الآخذ في التعمق, ويعبر هذا الوضع عن دوامة العنف المتعددة الأوجه الممارسة ضد المرأة، وربما تكون أكثر مضرة للأطفال، أولئك الذين يجبرون على ترك المدرسة، والذين يتزوجون في سن مبكرة، والذين يضطرون إلى العمل والذين لا يتمتعون بالحماية من جميع أنواع الإساءة والاستغلال، يعاني الأطفال من أشد آثار الفقر تدميراً، فهناك أطفال لا يحصلون على طعام صحي ومياه نظيفة، هناك أمهات لا تستطعن تأمين الحليب والملابس لأطفالهن، ويتخطون وجباتهم الغذائية، ولا يمكن معالجتهم في مرضهم حتى عند الضرورة.

 

إغلاق الأحزاب

ومن القضايا الأكثر حديثاً عنها في تركيا مؤخراً، رفع دعوى إغلاق ضد حزب الشعوب الديمقراطي HDP, ومن بين أهداف عام 2023، كانت هناك مادة "إلغاء إغلاق الأحزاب تماماً"، و يطالب بإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي على أساس أنه "يهدف إلى تعطيل وتدمير وحدة البلاد التي لا تقبل التجزئة مع بلدها وأمتها"، وفرض حظر سياسي على ٦٨٧ عضواً فيها، بمن فيهم الرئيسان المشتركان للحزب مدحت سنجار وبرفين بولدان، وكان من بين البنود إزالة جميع الحواجز التي تعيق  المشاركة في السياسة، وبالرغم من ذلك تم اعتقال العديد من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي HDP.

ومن بين المعتقلين/ات نائبة حزب الشعوب الديمقراطي سمرا غوزل التي رفعت عنها الحصانة، كما تم فرض حظر سياسي على رئيس حزب الشعب الجمهوري CHP في اسطنبول جانان كفتانجي أوغلو.

 

تجاهل بند "لا مساومة على الحرية"

إحدى الرؤى لعام ٢٠٢٣ هي "لا مساومة على الحرية من أجل الأمن". يتم تجاهل هذه المادة أيضاً، فعلى سبيل المثال، تم حظر ساحة غلطة سراي أمام أمهات السبت اللواتي أردن السؤال عن مصير أبنائهن المفقودين، وقد تعرض أقارب وأهالي المحتجزين في مناطق الاحتجاج لهجمات الشرطة العديد من المرات، بحجة أن حاكم المنطقة قام بحظرها، إن الأمهات اللواتي أردن الإدلاء بصريحات صحفية تم جرهن على الأرض واعتقالهن باستخدام العنف ضدهن، في 25 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام في ميدان تقسيم بيوغلو، تمت محاولة إسكات صوت النساء اللواتي تسرن ضد العنف وتم منع تنظيم فعالياتهم ومن حين لآخر تم  فرض حالات من الحظر في جميع المحافظات الكردية، واستمرت أياماً ومنع الدخول والخروج من بعض المناطق السكنية.

 

تضاعف جرائم قتل النساء ثلاث مرات

سوف ينتهي العنف ضد المرأة، وهل حصل هذا حقاً؟ في السنوات الـ 11 الماضية، تضاعفت جرائم قتل النساء في تركيا لثلاثة أضعاف، أقدم الرجال على قتل 3330 امرأة خلال عامي 2010 ـ 2022، تم إحصاء الرقم المذكور من الأخبار المنعكسة في الصحافة فقط، وبحسب معطيات وكالة jin news، قتلت ٢٩٩ امرأة في الأشهر العشرة الأولى من عام 2022، وهناك 190 امرأة توفيت في ظروف غامضة، وكانت هناك زيادة واضحة في تركيا في عدد وفيات النساء التي تعتبر حالات مشبوهة.

على الرغم من زيادة العنف انخفض هدف ملاجئ النساء في وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية، ظلت السعة الإجمالية للملاجئ في تركيا عند  ٣٦٢٤ ولم تتخطى هذا الرقم بعد، لقد كان الهدف الذي حددته الوزارة في عام 2021، هو فتح 155 ملجأ، لكن يوجد حالياً 149 ملجأ في البلاد، في عام 2022، انخفض العدد إلى 152 ملجأ.

 

تجاهل النساء في ميزانية ٢٠٢٣

في موازنة عام 2022، قام حزب العدالة والتنمية AKP باتخاذ موقفاً بعيداً عن "الميزانية الحساسة للنوع الاجتماعي"، وفي اقتراح الموازنة المعلن عنه بزعم "قرن تركيا" في الميزانية المقترحة لعام ٢٠٢٣ لوزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية التي تبلغ 149 مليار و868 مليون ليرة تركية، تم تخصيص مليارين و86 مليون ليرة تركية فقط من أجل "تمكين المرأة"، وهذا يعني أنه لكل امرأة سيكون ٢٥ ليرة تركية فقط، كما تم الإعلان عن الميزانية المخصصة لحماية الأسرة وتعزيزها بمبلغ 3 مليارات و781 مليون ليرة تركية.

 

غير مسموح الدفاع باللغة الأم

لم يتم تنفيذ إزالة شرط "عدم الدفاع باللغة الأم" واعتبارها مشكلة، كانت هناك العديد من الأمثلة على هذا الوضع في المحاكمات، فلم يسمح للمتحدثة باسم حركة المرأة الحرة TJA عائشة كوكان التي حوكمت بتهمتي "إدارة منظمة" و"العضوية في منظمة إرهابية"، لها بالدفاع عن نفسها بلغتها الأم خلال جلسة الاستماع العشرين، وكذلك الحال في  جلسة الاستماع في الدعوى المرفوعة ضد أعضاء اللجنة التي نظمت احتفال نوروز في منطقة نصيبين بماردين في 21 آذار/مارس 2010، فلم يسمح لهم بالدفاع باللغة الكردية، كما حرمت الرئيسة المشتركة لمؤتمر المجتمع الديمقراطي ليلى كوفن، والرئيسة المشتركة لحزب الشعوب الديمقراطي HDP آمد هوليا الأوكمين من الدفاع باللغة الكردية على أساس أنهم يعرفون اللغة التركية.

 

العدالة في التمثيل

لنلق نظرة على هدف "ضمان العدالة في التمثيل" من وجهة نظر المرأة،

وفقاً لبيانات خريطة "المرأة في السياسة ٢٠٢١"، تحتل تركيا المرتبة ١٢٩ من بين ١٨٨ دولة من حيث تمثيل المرأة في البرلمانات، يتم تمثيل النساء بنسبة 17.1% في الجمعية الوطنية التركية الكبرى (TBMM)، ارتفع تمثيل البرلمانيات في الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا إلى ٩.١ % في عام ٢٠٠٧؛ وفي انتخابات عام ٢٠١١ ارتفعت إلى 14.3% وفي انتخابات 7 حزيران/يونيو 2015 وصلت إلى أعلى مستوى في تاريخها بنسبة 17.6%، وفي انتخابات ٢٤ حزيران/يونيو عام 2018 بلغ المعدل 17.1%، وبعد الانتخابات الأخيرة دخلت 103 امرأة إلى البرلمان من أصل 600 نائب.

فعندما يتم عرض هذه المقالة من وجهة نظر حزب الشعوب الديمقراطي HDP ومن زاوية مختلفة قليلاً، تظهر صورة رهيبة في الوسط، لأن تمثيل الشعب أمر محظور، فبعد انتخابات 7 حزيران/يونيو عام 2015، تم وضع أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي تحت الرقابة أو اعتقالهم وإرسالهم إلى السجون، بين عامي ٢٠١٥ و٢٠٢١، تم اعتقال ١٦٤٩٠ شخصاً في عمليات جرت ضد حزب الشعوب الديمقراطي HDP، وتم اعتقال ٥٠٦٦ شخصاً بينهم ٧٥٠ عضواً وإدارياً، وإلى جانب اعتقالات الرؤساء المشتركين، تم اعتقال ١٨ نائباً و٢٣ عضواً من هيئة المؤهلات المهنية MYK و٢١ من PM، وأكثر من ٨٠٠ مدير إقليمي ومديري، ويوجد حالياً في السجن ٨ نواب و١٥ من أعضاء هيئة المؤهلات المهنية، كما تم تقليص المقاعد النيابية إلى ١٣ مقعداً.

 

زادت حرائق الغابات بنسبة ٢٥٠%

في تخطيط عام ٢٠٢٣، كانت هناك بنود بخصوص الغابات والبيئة، كان الهدف منها هو زيادة الأصول الحرجية إلى ٣٠ في المائة من المساحة الإجمالية للبلاد، لكنها لم تستفد منها، فخلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية زادت حرائق الغابات بنسبة ٢٥٠%، في السنوات الثلاث الماضية أصبح 210 هكتار من الأراضي رماداً، فخلال العام الماضي فقط احترق 176 ألف هكتار بحسب تقديرات البيانات الرسمية، أي أن عدد الغابات المحترقة هذا العام يتوافق مع حجم الغابات التي أحرقت في العشرين عاماً الماضية، وعلى الرغم من كل الاعتداءات الموجهة لها، أخذت النساء زمام المبادرة في المجال البيئي، فعلى سبيل المثال وقفت النساء ضد بناء منجم في غابة أكبيلين في منطقة ميلاس بموغلا، كانت النساء تعملن ضد قطع الأشجار في مانيسا لبناء منازل توكي، وقمن بحماية الأشجار عن طريق احتضانها، وتم اعتقال ومعاقبة النساء فوق الثمانين من العمر أثناء احتجاجهم من أجل أراضيهم. ويبقى سؤال واحد فقط في الأذهان "ما الذي سيأتي به عام ٢٠٢٣ لشعوب تركيا؟"