ابتسام إبحيح: مشروع الدستور الليبي الحالي معيب ويقيد حقوق المرأة ولا ينصفها
نظم منبر المرأة الليبية من أجل السلام وبالتعاون مع لجنة الحقوقيين الدولية، ندوةً إلكترونية لمناقشة عملية صياغة الدستور في ليبيا تحت عنوان "الإصلاح الدستوري وسيادة القانون في ليبيا".
هندية العشيبي
ليبيا ـ انتخبت في ليبيا عام 2014 الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور بغية إعداد دستور يقود البلاد في المرحلة الانتقالية التي بدأت بانتفاضة الشعب الليبي عام 2011، ويضع أساساً للحياة السياسية في ليبيا بما يضمن حقوق المرأة والأقليات، إلا أن اندلاع الحروب عقب ذلك بشهور أجل إنهاء عملية صياغة الدستور حتى الآن.
بالرغم من تأجيل عملية صياغة الدستور إلا أن الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور قدمت مسودة للبرلمان تضمنت بعض النصوص المقيدة لحرية المرأة وتقنن من حقوقها، لهذا عملت المؤسسات المدنية في ليبيا خلال الفترة الأخيرة على توعية المرأة بالدستور ونصوصه المخالفة لطموحات المرأة وآمالها.
وتضمنت الندوة محاور عدة منها آلية إنشاء نظام جديد للدولة يلتزم بسيادة القانون ويحترم القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير الدولية، خاصةً عقب الانتهاكات التي حدثت خلال الأعوام الماضية المخالفة للدستور والقوانين في شتى المجالات.
كما تناولت الندوة كيفية صياغة الإطار الدستوري واعتماده في ليبيا، بشكل شفاف وتشاركي، يشمل مختلف الشرائح بما في ذلك النساء والفتيات والأطفال بالإضافة للمكونات والأقليات.
رئيس منبر المرأة الليبية من أجل السلام زهراء لنقي أوضحت خلال الندوة الالكترونية حول الإصلاح الدستوري، أن عملية صياغة الدستور في ليبيا شهدت تحديات كبيرة منذ إنشاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور عام 2014، والطعون التي قدمت في المسودة التي اعتمدتها الهيئة، من قبل بعض أعضاءها، وبعض منظمات المجتمع المدني المهتمة بالمرأة وحقوقها كونه لا يكفل الحماية القانونية للمرأة وبعض الفئات والاقليات، مشيرةً إلى أن هذه التحديات كانت سبباً رئيساً في عرقلة صياغة مشروع الدستور لسنوات.
وشارك في الندوة الالكترونية التي نظمها منبر المرأة الليبية من أجل السلام، عدد من الخبراء والمختصين في حقوق الإنسان والقانون، بالإضافة لأعضاء من الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور والتي تأسست في عام 2014، لوضع الدستور الجديد للبلاد معتمداً في خلفياته على الإعلان الدستوري الصادر في 2011ـ 2012، والدستور الليبي في عهد الملك عام 1951.
عضو الهيئة التأسيسية لمشروع صياغة الدستور وأستاذ القانون في جامعة بنغازي ابتسام إبحيح حدثتنا خلال مشاركتها في ندوة الإصلاح الدستوري عن آلية مشاركة المرأة في صياغة النصوص الدستورية التي تكفل حصولها على حقوقها كاملة، وقالت أن "المرأة جزء لا يتجزأ من الشعب، وهي فئة كبيرة جداً قد تتجاوز حتى تعداد الرجال في بعض المدن والمناطق، بالتالي يجب ضمان مشاركة فعالة ومباشرة للمرأة في صياغة مشروع الدستور في ليبيا".
ووصفت مشروع الدستور الذي قدمته الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في البلاد للبرلمان، بالـ "المعيب" في الجانب الحقوقي والدولة المدنية ولا يلبي طموحات المرأة، داعية كل النساء الليبيات في كامل الأراضي الليبية واللواتي أطلعن على مشروع الدستور، لتوعية المرأة وتحفيزها على المشاركة في وضع دستور يضمن حقوقها وفقاً للمواثيق والقوانين الدولية.
وأكدت أنه على النخب النسائية في ليبيا توعية ربات البيوت والنساء الأقل حظاً من التعليم واطلاعهن على مشروع الدستور، حتى تتمكن من المشاركة بشكل فعال في صياغة المشروع بنسخته الجديدة.
وعن القوانين التي تقيد حرية المرأة وتحد من حقوقها قالت أن "القوانين الليبية والمعمول بها حالياً، تمت صياغتها لصالح المرأة وضامنة بشكل كبير لحقوقها، كما تدعم مشاركتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في شتى المجالات، ولكن تنفيذ هذه القوانين لا يتم بالصورة الصحيحة، لهذا لايزال حق المرأة مهضوم بسبب عدم تنفيذ القوانين كما هي".
تحديات عدة تواجهها المرأة في ليبيا اجتماعياً وأمنياً وسياسياً، تؤثر بشكل كبير على دورها وتمثيلها السياسي والاقتصادي، أبرزها القبيلة وتغلغلها في المشهد في أغلب المدن والمناطق الليبية.
وأضافت أنه "على الرغم من الدور المحوري الذي تلعبه القبائل الليبية خلال الفترة الحالية في تحقيق الاستقرار، وتوحيد الصفوف والالتفاف حول المؤسسات العامة في البلاد، إلا أن تدخلها في الشأن السياسي الليبي سيحد من إتاحة الفرص للشخصيات ذات الكفاءة من النساء، ويعتبر اجحافاً لمبدأ تولي الوظائف بالتساوي بين المرأة والرجل، فأغلب القبائل الليبية ترفض دخول المرأة للمعترك السياسي، ما يعد عائق أمام الشخصيات النسائية الوطنية القادرة على العطاء وتحقيق النمو والتطوير في ليبيا على المشاركة وتولي المناصب القيادية في الدولة".
وفي ذات السياق أكدت عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور من سبها نادية عمران أن التشريعات المتعلقة بالمرأة في ليبيا تعتبر منصفة، ولكنها لا تطبق بشكل صحيح، موضحةً أن الهيئة تمكنت من وضع أسس ناجعة، ترتكز على ترسيخ مبدأ المواطنة والمساواة بين الرجل والمرأة في تنفيذ النصوص القانونية.
بالإضافة لعملها على إرساء مبدأ تكافؤ الفرص وتولي الوظائف والمناصب العليا، بناءً على معايير الجدارة والاستحقاق واحترام المعاهدات الدولية والمواثيق والاتفاقيات التي صادقت عليها ليبيا فيما يتعلق بحقوق المرأة وغيرها.
وطالبت نادية عمران خلال حديثها بضرورة إلزام الدولة الليبية بسن القوانين التي تحمي المرأة وتدعمها في شتى المجالات، لإتاحة الفرص أمامها ومنع المساس بحقوقها المكتسبة.