نساء يطمحن إلى تسويق منتجاتهن التقليدية إلى الخارج

تعمل العديد من النساء التونسيات على تطوير الصناعات التقليدية والإبداع فيها، رغم الظروف الصعبة التي يواجهنها

زهور المشرقي 

تونس ـ تعمل العديد من النساء التونسيات على تطوير الصناعات التقليدية والإبداع فيها، رغم الظروف الصعبة التي يواجهنها، وواحدة منها الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، كما أنهن يطمحن إلى ترويج منتجاتهن إلى خارج تونس، داعين السلطات إلى مزيد من الاهتمام بهذا القطاع.

اختُتمت يوم الأحد 27آذار/مارس، بالضاحيةِ الشماليةِ للعاصمة التونسية، فعالياتُ صالونِ الابتكار في الصناعات التقليدية،  في دورتِه الثامنةِ والثلاثين، واتّسمت الدورةُ بإحداث عددٍ من الفضاءاتِ الجديدة بهدف الرفعِ من قدرات القطاع والمساهمةِ في التنمية.

وكالتنا التقت مع العديد من النساء اللواتي شاركن في فعاليات صالونِ الابتكار في الصناعات التقليدية، وسردن قصصهن الناجحة مع مشاريعهن الصغرى بإمكانيات ضئيلة، وأشرن إلى الصعوبات التي واجهنها خاصة بعد عامين من توقّف الدورة نتيجة جائحة كورونا.

 

توظيف التراث في منتوجات عصرية فنّية تتماشى مع العصر الحالي

 قالت لبنان عنّان، خريجة المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس لوكالتنا، إنها اختارت قطاع الصناعات التقليدية بهدف النهوض بالمنتوج التونسي والتعريف به بصفة أكبر عبر توظيف التراث في منتوجات عصرية فنّية تتماشى مع الواقع التونسي.

ووصفت وضعية المرأة التي تعمل بالخزف في تونس بأنه صعبة خاصة أن هذه الحرفة تتطلّب الكثير من الوقت والمجهود البدني والعقلي والطاقة، لكن حب هذا الفن يدفعها إلى المثابرة ومواصلة الطريق بكل صعوباته، بدءاً بصعوبة توفير المواد الأولية التي تضاعفت أسعارها بشكل كبير، وصولاً إلى مشاكل  التسويق. 

وأضافت "برغم هذه الظروف تواصل النساء اللواتي يعملن في الخزف الاجتهاد والإبداع كما يحدوهن أمل كبير في ترويج منتوجهن إلى خارج تونس، لكن الواقع حالياً يحول دون تحقيق هذا الهدف بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، إلا أننا نغتنم فرصة إقامة المعرض الدولي في "الكرم" كمتنفّس لنا وفضاءٍ للحرفيات للتعريف بالمنتوج التونسي المرتبط أساساً بالأصالة والتراث"

ودعت السلطات ووزارة الأسرة والمرأة إلى زيادة الاهتمام بهذا القطاع لدعم النساء وتشجيعهن على المزيد من العطاء والإبداع، معتبرة أن إقامة معرض واحد فقط سنوياً غير كاف لتقديم الفرص اللازمة للتعريف بأنفسهن وفنّهن.

 

 

 التونسي متعطّش للصناعات التقليدية

وأوضحت أن التونسي متعطش لمثل هذه المنتجات التي تحاكي التاريخ التونسي وتراث الأجداد في مهنة كادت أن تندثر لولا مجهودات الحرفيين الفردية دون أي دعم من الدولة.

وتطرقت إلى الأزمة التي يعيشها قطاع الصناعات التقليدية، وقالت "الدعم ضروري من مختلف الهياكل ذات الصلة، وصحيح أن هناك مجهودات صغيرة لتشجيع الحرفيات لكنها تبقى غير كافية مقارنة باحتياجات السوق وصاحبة المهنة"، مؤكدة أن أزمة كوفيد ـ19 أثّرت على النساء بصفة خاصة.

ومن جانبها، قالت ثريا الوسلاتي، التي عملت على تحويل الجلد من مواد طبيعية إلى حقائب يدوية نسائية ورجالية تقليدية، أنها تركز في صنعتها اليدوية، على إدخال لمسات فنّية إبداعية مستوحاة من الطبيعة والتراث وهو مزيج نادر الوجود في تونس، كالخلط بين الجلد الطبيعي والنحاس.

وتوّجهت ثريا الوسلاتي إلى أسواق خارجية كالسوق الايطالية حيث لاقت الحقائب التقليدية المصنوعة من الجلد الطبيعي، إقبالاً كبيراً، مشيرة إلى أن الإيطاليين والفرنسيين والسعوديين أعجبوا بمنتوجاتها التي لاقت رواجاً وطلباً كبيراً من قبلهم ما دفعها إلى إطلاق علامة "شيكاز''.

 

 

"دعم النساء لتطوير مهاراتهن"

وبدورها قالت الرسامة إيناس الجمني، وهي مسؤولة بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، بأنها تسعى من موقعها إلى دعم الحرفيات ومختلف المبدعات في شتى المجالات، وتشجيعهن على المشاركة في المعارض المحلية والدولية للتعريف بالمنتج التونسي، لافتة إلى أنها كرسامة تعتمد على التراث التونسي وتُحاكي تاريخ بلادها القديم عبر لوحات فنية يدوية بألوان زاهية.

وأضافت إيناس الجمني، أنّ النساء مدعوات إلى المشاركة بكثافة في المعارض وإثبات أنفسهن عبر أعمالهن، منوهة إلى أنها شاركت في المعرض الدولي بـ "الكرم" بتونس خلال ثماني دورات على التوالي.

ولاحظت الرسامة التونسية الإقبال المهم الذي شهدته الدورة الحالية، بعد غياب دام عامين بسبب جائحة كورونا، مشيرة إلى أنها تعمل على تجهيز منتوجات خاصة بمعرض الكرم سنوياً، معتبرة أن الصعوبات هي بمثابة التحفيز على تحقيق المزيد  من التقدّم والتألق.

ودعت النساء إلى الصبر لتخطي كل العراقيل التي من شأنها أن تعطي شحنة للنساء لتحقيق النجاح المرجو، مؤكدة أن النجاح يكمن في التحدي لتجاوز الصعاب.

وأشارت إلى أنه يجب الاستفادة من الجيل القديم الحامل للمهنة، لتطوير الصناعات التقليدية بأيدي وإبداع جيل جديد حالم وعصري يؤمن بالتلاقح بين الجيلين لخلق إبداع جديد عبر روح شبابية ثائرة ومؤمنة بالفن والتغيير وصنعة الأجداد.

وطالبت إيناس الجمني السلطات بالسعي إلى إيصال المنتوجات إلى الخارج وتسويقها على المستوى الدولي والإقليمي، للمساهمة في تنمية اقتصاد تونس.

 

 

التقطير عمل سهل بالنسبة للنساء

وبخصوص المواد التجميلية الطبية الطبيعية التي كانت حاضرة أيضاً في المعرض، تحدثت عنها ابتسام بلهادي، وهي مديرة تسويق لمنتج طبيعي مختص في مواد التجميل الطبيعية المستخلصة أغلبها من نبتة الصبّار.

وقالت إنها مختصة في تقطير النباتات الطبّية، مشيرة إلى أن منتجاتها لاقت رواجاً وإقبالاً كبيراً من قبل التونسيين في المعرض، موضحة أن تقطير الزيوت تجربة سنوات تعلمتها من المؤسسة التي تنضوي تحتها.