للكحل العربي فوائد ومزايا جمالية وطبية
اشتهر الكحل العربي الذي عُرف منذ آلاف السنين لدى العديد من الشعوب ومن بينهم الفراعنة، فقد عثر على زجاجات من الكحل المزود بالعصي العاجية داخل مقابرهم. ولا تزال النساء في مدينة كوباني بشمال وشرق سوريا يحتفظنَّ بطريقة صناعته.
دلال رمضان
كوباني ـ
ورثت أمينة إبراهيم بصراوي معرفة إعداد الكحل العربي من جدتها ووالدتها، لتحافظ على التراث، وكونه معروف بفوائد عدة للعينين.
تقول أمينة بصراوي (65) عاماً من قرية سفتك غربي مدينة كوباني، "كنت أرى والداتي وجدتي وغيرهن من النساء يصنعنَّ الكحل، إذ لم يكن هنالك مستحضرات تجميل كما في يومنا الحالي، فكنَّ يشترينَّ مواده من الباعة الجوالة في القرى، وتعلمتُ منهن في صغري".
وعن المواد التي تلزم لصنع الكحل، تقول "نستخدم نوع من حجر الأثمد الذي نشتريه من السوق، والأشياء الأخرى فهي متوفرة في المنزل كنواة التمر، وصفار البيض، وزيت الزيتون، وعدد قليل من حبات القمح والشعير والحمص".
وتضيف "في البداية أخلط القمح والشعير، وأطحن نواة التمر جيداً، ومن ثم أضعها مع بعضها البعض في وعاءٍ على النار مدة ساعة، وأقلبها عدة مرات، وأضيف أليها صفار البيض، وملعقة كبيرة من زيت الزيتون الذي يزيد من سواده ويعطيه اللمعان، وأعاود تحريكها لتتمازج، وتصدر فرقعات وتصبح كالفحم".
وفيما بعد تقوم أمينة بصراوي بإطفاء النار تحت الوعاء، وتتركه ليبرد قليلاً، "أقوم بطحن المواد بواسطة الهاون حتى تصبح ناعمة بعد أن اتأكد من أنه قد برد، وأغربله من خلال قطعة من قماش الكتان، ليصبح جاهزاً للاستخدام وأضعه في المكحلة، لتستعمل بواسطة عود خشبي في العين".
وعن فوائده تقول أمينة بصراوي "يستخدم الكحل لمعالجة أمراض العين كـ التحسس والتقرح، ويقضي على الجراثيم، ويفيد العين التي تدمع كثيراً، إضافة إلى أنه يُعطي كثافة للرموش، ويحمي البصر من العوامل الخارجية، إلى جانب أن النساء يستخدمنه للزينة".
وتتابع "يوضع الكحل لحديثي الولادة لمدة أسبوع نظراً لاحتوائه على معدن الزنك، فيحمي العينين من الجراثيم ويقوي النظر، إضافة إلى أنه يوضع على سُرتهم للحفاظ على جفافها ومنع التهابها، وسقوطها بسرعة".
النساء في وقتنا الحاضر يذهبنَّ إلى الأطباء لمعالجة أمراض العين، ولا يعلمنَّ قيمة وفوائد الكحل الذي يحتوي على مواد طبيعية، "لم أذهب إلى طبيب العيون قط، لأنني استخدم الكحل بشكل مستمر"، إلا أنها منذ قرابة الـ 5 أشهر لم تضعه بسبب وفاة زوجها، والعادات المتداولة في المنطقة لا تسمح للنساء بوضعه أثناء فقدان أحد المقربين، لكن في الأحوال العادية تستخدمه النساء صباحاً ومساءً.
وتصنع أمينة بصراوي الكحل لمن يطلبه، وتوزعه على النساء خاصة الكبيرات في السن، "أشعر بالسعادة لدى استخدام النساء للكحل، أتمنى أن يحافظن على هذه الصناعة من الاندثار، كونها من العادات والتقاليد التي أورثتها الجدات والأمهات".