هديل الصبيحي... أولى النساء الرائدات في صناعة الحرف اليدوية والتراثية
هديل الصبيحي صاحبة مشروع "عبق الماضي للحياكة" حاصلة على أفضل منتج عربي للعام الحالي والمختارة من بين مجموعة من النساء الرائدات في الأردن لتسليط الضوء على الجوانب الإبداعية في مسيرتها الحرفية والمهنية الطويلة
سرى الضمور
الأردن ـ تستوحي هديل الصبيحي من عبق مدينتها السلط، المدرجة على قائمة التراث العالمي عام 2021، مهنة شارفت على الانقراض رغم جذورها العائدة إلى عراقة التاريخ، وغزلت من القش نسيجاً يحاكي طبيعة وجمال الموروث الشعبي الأردني.
بدأت هديل الصبيحي مشوارها الحرفي قبل 23 عاماً بمشاريع منزلية بسيطة مثل تنسيق الزهور وصناعة الأشجار الصناعية والإكسسوارات النسائية، إضافة إلى تصميم مفارش من الخرز، ليتطور الأمر إلى صناعة أواني من خامة "الامويف" وهي مادة مأخوذة من الخيزران ومن خامات مستوردة من الخارج لتنطلق من خلالها مسيرتها الإبداعية.
انضمت هديل الصبيحي في مراحل من مسيرتها الحرفية إلى "جمعية صناعة الحرف التقليدية" ولمست حاجتها لتطوير منتجاتها وتطوير الخامات المستخدمة في صناعة المواد الحرفية، وعليه قررت التوجه إلى خامات مستوحاة من البيئة الأردنية وصولاً إلى عالم "القشيات الواسع" التي وجدت لنفسها مكاناً بارزاً فيه، بحسب وصفها.
وعن مسيرتها التي حظيت مؤخراً بحصولها على أفضل منتج عربي، لتختار من بين نخبة من المشاركات في العاصمة البحرينية المنامة بالنسخة السادسة عشر محلياً والسابعة عربياً، قالت "أن هذه الحرفة شارفت على الانقراض خاصة بعد اطلاعها على احتياجات السوق المحلي نظراً لشح استخدامها في صناعة الحرف اليدوية التقليدية".
ولاحظت هديل الصبيحي خلال مسيرتها أن الكثير من زملاء المهنة تميزوا بحرف متخلفة وشائعة مثل الفيسفساء وخشب الزيتون في صناعاتهم للحرف اليدوية، لذلك رأت بأن استخدام مادة القش بحاجة إلى تطوير وحضور دائم نظراً لشح استخدامها في الأسواق والبازارات.
وأوضحت بأن القش مادة صديقة للبيئة ومتوفر بكثرة في الأردن، ولطالما كانت تحرق وتهدر وتتسبب بضرر كبير على البيئة، وعليه قررت استخدامها وتدويرها بشكل يصب بالنفع والفائدة عليها وعلى محيطها وأسرتها.
وأشارت إلى أن الحرفي المتميز عندما يتخصص بمجال يبدع ويضع بصمة له بكل مكان، فالقشيات مستنبطة من عالم واسع كـ (أعواد الحلفا وقصب الموز وسعف النخيل وقصل القمح والعديد من المواد الزراعية)، مضيفة "بدأت أنفذ تصاميم تواكب حاجة العصر مثل الحقائب والمفارش وغيرها من التصاميم بشكل يعيد لهذا المادة رونقها".
وتدرجت هديل الصبيحي في العمل وتطور الأمر لتدخل عالم التدريب الذي تسعى من خلاله لاستقطاب النساء، من خلال مبادرة شخصية حملت عنوان "مبادرتي هويتي" التي أسستها قبل خمسة أعوام بهدف تمكين ودعم النساء في المجتمع المحلي لتقديم العون إلى فئة النساء من ذوات الاعاقة والشباب والفئات المهمشة.
وشددت على أن المبادرة تحث على التمكين والتدريب على الحرف اليدوية ونشر التراث الأردني إلى العالم، لافتة بأنه "تم تخصيص جزء من المبادرة للبدء بمشاريع صغيرة لتمكينهم مادياً ومعنوياً، وذلك بمشاركة عدد كبير من نساء الأردن اللواتي لامست حبهن للعمل في ظل محدودية الكلفة في المواد الأولية المستخدمة".
وأوضحت أن الحرفية تواجه الكثير من التحديات خلال مسيرتها المهنية منها محدودية قدرتها على توفير المواد الأولية للحرف إلى جانب التنافس بيها وبين الحرفي.
وطالبت هديل الصبيحي المجتمع المحلي والمنظمات الداعمة إلى ضرورة مواجهة الصعوبات لتستمر الحرفيات في مواصلة عملهن الإبداعي.
وحول منافسة الحرفي للحرفية قالت إن المرأة تسبق الرجل في هذا المضمار رغم أنه يوجد عدد لا بأس به من الحرفيين إلا أن الظروف الاقتصادية والأعباء الملقاة على كاهل الرجل تحيدهم عن هذه الحرف اليدوية نظراً لمردودها المالي الضئيل، إلا أن المرأة استطاعت اثبات حضورها في هذا المجال رغم كل التحديات وتمكنت من بسط ريادتها فيها.
وعن تداعيات جائحة كورونا على مهنتها قالت إن تبعاتها أسهمت بخلق حالة من الركود الاقتصادي بالمجمل وخفضت حركة السياحة الوافدة مما اضطر الكثير من الحرفيين إلى التعطل جرائها، آملة بأن يتجدد النشاط لنشر الثقافة الأردنية على نطاق واسع.
وحول مشاركاتها الخارجية أوضحت هديل الصبيحي أن لديها العديد من المشاركات منها في المغرب العربي والهند وأخرها في الشارقة عام 2021، قدمت حينها ما يقارب العشرة محاور من أبرزها المنسف الأردني المرشح للفوز بقائمة التراث العالمي في الموروث الثقافي غير المادي في منظمة "الاسكوا" بالإضافة إلى صناعة بعض المأكولات التراثية الشعبية والأثواب الشعبية الأردنية وعرض خصائصها ومميزاتها، إلى جانب حديثها عن دور المرأة الأردنية لاعتبارها مكون رئيسي في المجتمع، وحصلت على تكريم من قبل وزير الثقافة الأردني نظراً لمبادراتها وأعمالها الجيدة ونقل الصورة المشرقة للمرأة الأردنية في المحافل العربية والمحلية.
وفي عام 2019 تم اختيارها للمشاركة في برنامج تدريبي في تونس قدمت خلاله ورقة عمل حول إدارة المشاريع الصغيرة وحصلت ورقتها على الدرجة الأولى، كونها الأكثر تميزاً.
وتتطلع هديل الصبيحي للوصول بمنتجاتها إلى العالمية وأن تحقق جميع أهدافها وطموحاتها المستقبلية وأن تشكل حالة من الفخر والاعتزاز بين محيط أسرتها ومجتمعها، مؤكدة أن الإيمان بما تملك من موهبة والعمل على صقلها هو بداية الطريق نحو النجاح للوصول إلى الهدف المنشود.