فيلم "Beirut the Aftermath" يروي قصة بيروت ما بعد انفجار المرفأ

يجسد الفيلم الوثائقي ""Beirut the Aftermath الأول للمخرجة والمصورة فادية أحمد، معاناة أهالي بيروت والأثر النفسي الذي خلفه انفجار الرابع من آب/أغسطس.

كارولين بزي

بيروت ـ تعتبر المخرجة الإسبانية اللبنانية الأصل فادية أحمد، بأن من واجبها تجاه بيروت رواية حكايتها وقصص بيوتها وأهلها وحتى جدرانها، في محاولة منها لتوثيق الآثار التي خلّفها انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في الرابع من آب/أغسطس 2020.

 

"Beirut the Aftermath يوثق الأثر النفسي لانفجار المرفأ"

عن الفيلم الوثائقي "Beirut the Aftermath"، أي بيروت ما بعد الكارثة، قالت المخرجة فادية أحمد على هامش مشاركتها في معرض فني تعرض فيه صوراً التقطتها من بيروت، تحت عنوان "بواسطة الفنانين وللفنانين" الذي انطلق يوم الجمعة 20أيار/مايو، ولا يزال مستمراً، "عُرض الفيلم الوثائقي في الصالات اللبنانية منذ شهر وتوقف حالياً، كما أنه عرض في أكثر من بلد، ولاقى الفيلم قبولاً قوياً واستحسان المشاهدين، كما تأثر بأحداثه كثيراً من اللبنانيين في الخارج، وفتحت العروض الدولية عيون الناس على بيروت وتأثير انفجار المرفأ على نفوس الضحايا وبيوتهم".

وأضافت "الجولات العالمية التي قمنا بتنظيمها للفيلم ستكمل مسيرتها ولن تتوقف، كما أن لدينا مشاركات في مهرجانات دولية وعروض دولية أخرى".

وأوضحت فادية أحمد أن فيلم Beirut the Aftermath هو وثائقي يحاول إيصال المعاناة والأثر النفسي الذي خلّفه انفجار الرابع من آب/أغسطس على بيروت، إذ أن مدينة بيروت هي واحدة من الشخصيات الأساسية في الفيلم، ففي الفيلم الوثائقي حكت بيروت عن معاناتها، وجدرانها روت قصصها، وشوارعها تحدثت عن آلامها وكذلك بيوتها. كما يتضمن الفيلم شهادات لضحايا الانفجار الذين تحدثوا عن تأثير الانفجار عليهم أو الآثار التي تركها الانفجار على منازلهم أو على أشخاص فقدوهم بسبب الانفجار.

تم إصدار أكثر من فيلم وثائقي يتناول انفجار مرفأ بيروت وتم إجراء لقاءات عديدة مع ضحايا عاشوا لحظة الانفجار، أما الجديد فتتحدث عنه مخرجة وكاتبة الفيلم فادية أحمد "أعتقد أن كل الأفلام الوثائقية التي تناولت انفجار المرفأ تكمل بعضها البعض، ولكن النطاق التاريخي في هذا الفيلم والعمل على الذاكرة لما حصل في الرابع من آب/أغسطس، هو في الحقيقة من يعمل على توثيق هذه المشاهدات وهذا الأثر للتاريخ، ويتحول إلى أرشيف عن بيروت وأبنائها في المستقبل، إذ أن لهذا الفيلم قيمة مستقبلية. كما أنه يسلط الضوء على أصوات كل اللبنانيين ليس فقط الذين كانوا موجودين في العمل، لأن صوت الذين شاركوا في العمل هو صوت كل واحد منا وتحدثوا بألسنتنا، هناك الكثير من الأحاسيس والمشاعر يترجمها ويسلط الضوء عليها هذا الوثائقي".

 

"واجب عليّ تجاه بيروت"

وأضافت فادية أحمد أنها شعرت بأن تقديم هذا الفيلم الوثائقي كان بمثابة الواجب "صنعت هذا الوثائقي لأنه واجب عليّ بعد انفجار المرفأ، ومشروع "بيروت بيروت" وكتاب "بيروت بيروت"، اللذين كانا وسيلة في محاولة مني لأجد نفسي وجذوري اللبنانية، ولكي أستطيع أن أتصالح مع نفسي كإنسانة وامرأة وهذا الأمر كان له أثراً عميقاً في عملي كمصورة أولاً وكفنانة معاصرة".

 

 

"نحتاج إلى قوة لنتخطى الانفجار"

يكشف فيلم فادية أحمد عن مشاعر وآثار خلّفها الانفجار لدى الضحايا، ولكن عن تأثير يوم الرابع من آب عليها شخصياً، تقول "هذا الانفجار أثر فينا جميعاً، أعتقد أن هذا الانفجار غيّر كل واحد منا فلم يعد أي شخص منا على حاله كما كان عليه قبل هذا اليوم. تأثرنا كثيراً وأعتقد أننا فقدنا جزءاً من روحنا مع الانفجار... أعتقد أن هذا الأثر سيرافقنا لسنوات ولذلك كان من المهم أن أصنع هذا الوثائقي لأسلط الضوء على الأثر النفسي الذي خلّفه الانفجار. كل واحد منا لا يزال متألماً وفي كل مرة نلتقي نقرر بألا نتطرق إلى الانفجار ولكن في كل مرة نلتقي يتمحور حديثنا حول الانفجار. نحن بحاجة لسنوات وإرادة وقوة لكي نتخطى الذي حصل".

على الرغم من هول الانفجار وقوته وتأثيره العميق على البشر والحجر، إلا أن فادية أحمد فضلّت ألا تصور كاميرتها مشاهد الدماء والعنف والموت، بل استخدمت اللغة الأقرب إلى الناس وتوضح "أردت أن أظهر اللغة التي نحبها جميعاً، لغة الفن والثقافة والموسيقى والصوت، التشاور والحوار حتى لو كنا نشعر بالوجع والغضب، إلا أننا عبّرنا عن ألمنا بطريقة محترمة وشاعرية وبكرامة".

وعن كيفية تسليط الضوء على العنف من دون إظهاره بطريقة مباشرة، تقول مخرجة فيلم Beirut the Aftermath "أعتقد أنه من الأهمية عدم اللجوء إلى الطرق السهلة في الأعمال الفنية وفي الوقت نفسه نجد صورة حقيقية تترجم المعاناة والألم والواقع، وكفنانة أملك القدرة من خلال الصورة أن أقوم بترجمة مشاعر الآخرين، فكان من المهم أن أعبّر عن هذا العنف وأن أستطيع أن أوصله إلى المشاهد، لأؤكد بأننا ليس فقط خضعنا للتعنيف بل ما عشناه تخطى العنف والخيال، لكن اليوم إذا أردنا أن نتعامل بإنسانية وكرامة نستطيع أن نصل إلى ما نصبو إليه وأن نوصل الرسالة أقوى بعيداً عن مشاهد الدماء والعنف".

من خلال الفيلم، اكتشفت فادية أحمد بأن "اللبنانيين يقفون يداً واحدة في ظل الأزمات، وإلى أي مدى وجع الناس واحد، وبأننا جميعاً نحارب من أجل هويتنا لبنانية، على الرغم من محاولات تفرقتنا وتشتيتنا ولكن أظهر لي الفيلم وعملي في الشارع بأننا جميعاً لبضعنا البعض".

وأكدت أن تأثير الانفجار على دول العالم كان قوياً في الأسبوع الأول الذي وقع فيه الانفجار، وذلك لفترة مؤقتة ولكن في هذا الوقت الذي انتهى صدى الانفجار لدى دول العالم، كنا قد بدأنا للتو ننفض الغبار عن أنفسنا وبدأنا نستيقظ من الصدمة، وكانت منازلنا لا تزال مدمرة، كنا لا زلنا نتلقى واجب العزاء ونلملم أرواحنا ونتلقى أخبار الموت ونمسح الدماء، لذلك أكرر اخترت أن أصنع الفيلم لأنه من المهم أن نترك على المدى الطويل أرشيف يوثق تأثير الانفجار على لبنان وعلى اللبنانيين".