فرقة بوطان... عمل فني متواصل لأكثر من 30 عاماً

أصواتٌ نسائية وحناجرٌ تتميزُ بالنقاء والإبداع تنقل التراث الكردي الأصيل ضمن فرقة بوطان، وبحسٍ من المسؤولية يسعينَّ للحفاظ على الموروث الثقافي العريق من الاندثار

عذراء السعدو
كوباني ـ
منذ تشكيل فرقة بوطان، تؤدي المرأة ضمنها دوراً مميزاً ولافتاً، من خلال أحاسيسها الجياشة وحنجرتها العذبة في إيصال التراث الكردي وأصالته إلى الجميع، والحفاظ على عراقة الثقافة الكردية من الزوال والانصهار.
وتقول عضوة فرقة بوطان للأغاني التراثية الفلكلورية محبوبة عطو (45) عاماً "في الـ 11 من عمري، كنتُ عضوة في فرقة ديلان، وعندما بلغتُ الـ 17 عاماً انضممتُ إلى فرقة بوطان التي كان اسمها سابقاً فرقة كوباني".
وعن الصعوبات التي واجهتها الفرقة، تقول "عانينا الكثير من المصاعب في بداية تأسيس الفرقة عام 1983، فكان النظام السوري، يمنع الشعب الكردي من ممارسة ثقافته بحرية، وكعضوات في الفرقة كنا نرتدي العباءة عند الذهاب إلى مدينة حلب للتسجيل".
وتتابع "أصدرنا 14 كاسيت غنائي، و11 فيديو كليب، وجميع البروفات كانت بشكل سري، وكنا نسجل الأغاني على آلة التسجيل المتوفرة في ذلك الوقت، وأحيينا العديد من الحفلات في القرى، وأما نوع الأغاني التي نغنيها فكانت ثورية وفلكلورية كردية، ومازالت جميع الذكريات محفورة في ذاكرتي".
وتضم الفرقة 9 أشخاص بينهم عازفين، وتحتل الفئة الشابة مكانها ضمنها، لإعطاء الفرصة للجيل الصاعد لإبراز مواهبهم وصقلها، "نتدرب مرتين في الأسبوع، وتُشرف إدارة الفرقة على تنسيق مواعيدها، وعقد الاجتماعات بهدف تقييم عملنا الفني، وكيفية تطويره ليكون مقبولاً".
وعن أهم الفعاليات التي شاركت بها فرقة بوطان، تقول محبوبة عطو "نرتدي ملابس كردية فلكلورية في الفعاليات التي نشارك فيها، لأنها تُمثل تراثنا العريق وثقافتنا الأصيلة، ومن ضمن مشاركاتنا الفعالة لنا ثلاث مُشاركات في مهرجان غنائي برميلان وقامشلو منذ ثلاثة أعوام، وقدمنا عروضاً فنية غنائية في كل من الرقة والطبقة، إلا أن عملنا انحصر ضمن كوباني، في ظل وباء كورونا". 
وواجهت المرأة العديد من الضغوطات العائلية والاجتماعية أثناء انخراطها ضمن الفرق الفنية، إلا أنها بإرادتها وتصميمها اجتازتها، "كنا نزور عوائل عضوات الفرقة لإقناعهم بعمل بناتهنَّ، لأنهم كانوا يرفضون صعودهنَّ على المسرح وأدائهنَّ للأغاني، ومع ثورة المرأة في روج آفا أثبتت النساء وجودهنَّ ودورهنَّ الفعال ضمن جميع المجالات".
تعمل الفرقة على تجهيز كليب جديد، إضافة إلى تحضير مشروع فني آخر بمشاركة فنانين من خارج المركز الثقافي، "العمل عبارة عن لوحة فنية فلكلورية، ولنا مشاركة فيه، وسيتم تقديم 11 أغنية تراثية فلكلورية".
 
 
وتتحدث ميديا بوطان (21) عاماً عن عملها ضمن فرقة بوطان، وتقول "أمتلك موهبة الغناء منذ الصغر، وعملتُ على صقلها بكل حب وشغف، إذ بدأتُ تجربة الغناء الأولى بنشر أغنية على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم توجهتُ للانضمام إلى الفرقة قبل سنتين ونصف".
تجربتها مع الفرقة ما زالت في البداية، لأن الفن يحتاج إلى المزيد من الإبداع والتطور، والحديث لـ ميديا بوطان "كل إنسان ينتمي لتراث وثقافة أصيلة، وفرقتنا دائماً تحاول نشره من خلال الأغاني".
وتذكر أن أول أغنية تراثية قدمتها كانت باسم "منجولي" من خلال كليب، ولاقى قبول وإعجاب الجمهور، "فرقة بوطان قديمة وتراثية، ومبدئها الحفاظ على تراث كوباني بالدرجة الأولى، وتطويره لمنعه من الاندثار، لأن أهلها يحبون سماعها، وهذا ما يُشجعنا على الاستمرار في تقديم أعمال فنية مميزة وملفتة لتكون محط قبولهم وإعجابهم".
 
 
وتقول آندرين بكر (19) عاماً، "بدأت مسيرتي ضمن الفرقة منذ 8 أشهر، وبتشجيع من عائلتي قمتُ بخوض هذه التجربة، ففي السابق لم أكن أعرف معنى التراث، وبعد التدريب والغناء فيه تعرفت على أهميته وضرورة حمايته من الضياع، والرقي به نحو الأفضل".
وتتلقى دروساً موسيقية على آلتيَ الدف والبزق إلى جانب الغناء في الفرقة، لتنمي موهبتها وإعطائها طابعاً احترافياً، "عانيتُ صعوبات في البداية، لكن مع المُمارسة والتدريب ومساعدة عضوات وأعضاء الفرقة اجتزتها، والآن أملك طبقة صوتية مميزة بفضل دعمهم"، وتسعى إلى إيصال التراث الكردي العريق إلى العالم وعدم حصره في المنطقة.
 
 
أحلام عبدي (15) عاماً والأصغر سناً في فرقة بوطان تحدثت عن مسيرتها "أتواجد ضمن الفرقة منذ 8 أشهر، وأتلقى تدريب على آلة البزق، لأن سعي الشخص وراء الشيء ومعرفته بنفسه يعطيه الغنى أكثر، وأسعى لإتقان العزف والغناء بشكل جيد".
وبتشجيع من عائلتها وأصدقائها توجهت إلى المركز الثقافي ليتم اختيارها كعضوة في فرقة بوطان، "بمساعدة الفرقة أجد تقدماً ملحوظاً في أدائي للأغاني، وبتُ أشارك معهم في الفعاليات والمهرجانات كأعياد نوروز، وغيرها من النشاطات الفنية".
وتؤكد أحلام عبدي على مواصلتها في التدرب وتمرين صوتها لتكون لها بصمة مختلفة، "لا توجد أغنية خاصة بي، أتمنى في المستقبل تقديم أغنية خاصة، إلى جانب تقوية نفسي في كتابة الشعر الغنائي، لأكون قادرة على إيصال التراث الكردي إلى الجميع، والتعريف بالثقافة الكردية على نطاق أوسع".