"بالكاغيط ولا بلا بيه الموافقة إيه" دعوة لتجريم الاغتصاب الزوجي في المغرب

تفضل العديد من النساء المغربيات الصمت حين يتعرضن للعنف الجنسي، خاصةً إذا كان المعنف هو الشريك، وغالبية النساء لا يعتبرن الاغتصاب الزوجي جريمة

حنان حارت
المغرب ـ ، وذلك لاعتبارات مجتمعية، منها سيادة العقلية الذكورية، التي تبرر لجوء الرجل إلى هكذا عنف ضد زوجته.
ومن أجل تحسيس شرائح المجتمع المغربي بهذا النوع من العنف الذي تتعرض له النساء على فراش الزوجية، تستعد جمعية أمل للمرأة والتنمية، تدشين حملة من أجل التحسيس والتعبئة بشأن الاغتصاب الزوجي، وذلك بالتزامن مع حملة الـ 16 يوماً العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة التي تنطلق في 25 تشرين الثاني/نوفمبر.
 
مسرحية للتحسيس
ستواكب جمعية أمل للمرأة والتنمية، الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة من خلال عرض مسرحية "بالكاغيط ولا بلا بيه الموافقة إيه"؛ أي "بعقد الزواج وبدونه تتم الموافقة"، التي ستعرض أمام الجمهور في 28 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري في المركز الثقافي بمدينة الحاجب شمال الأطلس المتوسط بالمغرب.
وكان تقديم العرض الأول للمسرحية في 14 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، التي تم من خلالها تسليط الضوء على الاغتصاب الزوجي، الذي يعد من التابوهات في المجتمع المغربي نتيجة عدم قدرة المرأة على البوح بهذا النوع من الاغتصاب والعنف الممارس في حقها، فالحديث عن ذلك يعتبر سبباً للعار وسط ثقافة ترسخ لدى الزوجة أنه عليها التفاني في تلبية رغبات الزوج والخضوع لنزواته الجنسية، وأن ذلك يعد من الأدوار الأساسية للزوجة.
وتأتي المسرحية في إطار التعبئة الشعبية لجمعية أمل للمرأة والتنمية حول الاعتداءات الجنسية الممارسة ضد المرأة بالمغرب، التي تتحدث فيها بكل جرأة عن الاغتصاب الزوجي.
 
عقلية ذكورية
تقول رئيسة جمعية أمل للمرأة والتنمية حسناء العلالي لوكالتنا أن المسرحية تتناول العنف الجنسي الممارس ضد النساء، خاصةً الاغتصاب الزوجي.
وتعرف حسناء العلالي الاغتصاب الزوجي على أنه ممارسة الزوج الجنس مع زوجته بالإكراه وبدون أن تكون لها رغبة في ذلك، معتبرةً أن انتشاره في عدد من المجتمعات يفسر هيمنة العقلية الذكورية التي تعتقد أن المرأة عليها تلبية جميع رغبات الرجل.
وأشارت إلى أن أحداث المسرحية مستوحاة من قصص حقيقية من أرشيف مركز استماع أمل والإرشاد القانوني، وأيضاً انطلاقاً من نتائج البحث الميداني حول العنف الجنسي وكيفية إجابة السلطات على هذا النوع من العنف، والذي شاركت الجمعية في إنجازه برفقة عدد من الجمعيات المغربية خلال العام الماضي.
وحسب البحث الميداني حول العنف الجنسي الممارس ضد النساء الذي نشر في كانون الثاني/يناير الماضي، فإن الغالبية العظمى من الجناة رجال من المحيط الشخصي للمرأة، وهم إما الأزواج الحاليين أو السابقين، الخطيب الحالي أو السابق.
وكشف البحث الميداني ذاته، أن أكثر من 80 في المائة من النساء اللواتي شملهن البحث، لجأن لشخص في محيطهن وطلبن منه المساعدة، وغالباً ما يكون أحد أفراد الأسرة الموثوق به.
وسجل التقرير ذاته أن عدداً من النساء اللواتي تعرضن للعنف الزوجي، لا يتعاملن مع نظام العدالة الجنائية، ولا يرفعن قضايا إلا لدى محكمة الأسرة، للحصول على الطلاق أو تثبيت النسب والنفقة وغيرها من المطالب المدنية.
 
صعوبة الإثبات
وحول تعامل القوانين مع العنف الجنسي ضد المرأة تقول "ظاهرة العنف عموماً تتفاقم، كما أن القوانين والتشريعات تتغاضى عن حالات العنف الجنسي في إطار الزواج لكونه غير معترف به ولا يعد جريمة جنائية، ولهذا فالقانون لا يجرم إلا بعض أشكال العنف ضد المرأة، وعليه فالنساء لا يمكنهن تقديم شكوى قانونية ضد أزواجهن بهذا الخصوص، حتى وإن قدمن شكوى وقررت المرأة البوح والتبليغ عما تعانيه يظل إثبات حدوث الاغتصاب الزوجي أمراً صعباً، والحصول على أدلة مادية تثبت حدوثه أصعب، ما يجعل عملية الإبلاغ أمراً في غاية التعقيد، ويتم تكييفه على أنه عنف وليس اغتصاباً زوجياً، وذلك لمجموعة من الإعتبارات والأفكار السادة في المجتمع، كون أن الأمر عادي وأنه على الزوجة تلبية رغبات الزوج وحاجياته الزوجية، وهكذا تلتزم النساء الصمت".
وتبين حسناء العلالي أن الأحكام القانونية غامضة في شأن العنف الزوجي، وفيها ثغرات كبيرة فيما يتعلق بمصطلح الرضى، وبالتالي يكرس ثقافة إفلات الجناة من العقاب.
وحول مطلب الحركات النسوية في المغرب، تقول حسناء العلالي "يبقى طلبنا إقرار نص قانوني صريح يجرم الاغتصاب الزوجي، وسن عقوبات خاصة به لكيلا يظل عنفاً مسكوتاً عنه، ويبقى ضمن التابوهات التي لا يمكن الإعلان عنها".
 
معاناة في صمت
من بين القصص التي عرضتها المسرحية، التي هي من تشخيص فرقة الواشون الحاجب، وإخراج وتأليف مولاي الوافي السليماني، قصة "بهاء" التي كانت ضحية أسرة تركتها عرضة للجهل أولاً، ثم زوجتها وهي قاصر من زوج لا يعرف لذة الجنس إلا وهي مرتبطة بالضرب والإكراه. 
ومن خلال أحداث المسرحية، يكتشف الجمهور أن معظم النساء اللواتي تعرضن لعنف جنسي من طرف الشريك، لم يبلغن عن الاعتداءات التي تعرضن لها، ما يؤكد أن العنف الجنسي أمر شائع، لكن النساء يعانين منه في صمت.
وتوضح رئيسة جمعية أمل للمرأة والتنمية حسناء العلالي أن العرض المسرحي، تم خلاله التركيز على الصمت الذي تلتزمه الزوجة، حينما تتعرض لهذا النوع من الاغتصاب، موضحةً أن ما يكرس ثقافة الصمت هو كون العديد من النساء لا يتقبلن فكرة أن ما تعرضن له هو اغتصاب زوجي.
وأكدت بأنه "لا يوجد وعي لدى الكثير من النساء بأن الأمر يتعلق بجريمة، لهذا هن يلتزمن الصمت وعدم البوح، فجاءت فكرة الجمعية بتقديم مسرحية تتحدث عن هذا النوع من الاغتصاب من أجل التحسيس والتعبئة والمناصرة".
وأوضحت حسناء العلالي أن مكافحة الاغتصاب الزوجي لا يمكن أن يتحقق فقط بتعديل النص القانوني، ولكن الأكثر أهمية هو وجود ثقافة مجتمعية ووعي مجتمعي دون إغفال جهات تحمي النساء من هذه الأفعال، وهو ما تنخرط فيه الجمعية.
 
3% فقط قدمن شكاوى
حسب إحصائيات رسمية كانت قدمتها المندوبية السامية للتخطيط، وهي الهيئة المكلفة بالإحصاء في المغرب خلال عام 2019 في البحث الميداني حول العنف ضد النساء بالمغرب، أظهر أن 57 في المائة من المغربيات تعرضن للعنف، أياً كان شكله أو نطاقه، وسجلت الأرقام ذاتها أن 10.5 في المائة هن ضحايا العنف، وأقل من 3 في المائة من اللواتي تعرضن للعنف الجنسي؛ قمن بتقديم شكوى إلى الشرطة أو سلطات مختصة أخرى، هذه النسبة ذاتها لا تتجاوز 8 في المائة إذا تعلق الأمر بعنف زوجي.
وكانت المغرب قد اعتمدت قانون محاربة العنف ضد النساء عام 2018، إلا أنه لا يعترف بالاغتصاب الزوجي كجريمة يعاقب عليها، رغم تجريم الاغتصاب بصفة عامة وفق الفصل 486 من القانون الجنائي المغربي، ويعرف بأنه مواقعة رجل لامرأة من دون رضاها ويعاقب عليه بالسجن من خمس إلى 10 سنوات.
كما يجرم الفصل 485 من القانون المغربي هتك العرض بالعنف، وأن كل رجل يهتك أو يحاول هتك عرض امرأة بالعنف، يعاقب بالسجن من خمس إلى 10 سنوات من دون استثناء من تربطهم العلاقة الزوجية.