التكتل النسوي الجنوبي يقيم معرضاً توثيقياً لرائدات الحركة النسوية

أقام التكتل النسوي الجنوبي معرضاً توثيقياً لرائدات الحركة النسوية في جنوب اليمن، قبل الاستقلال من الاستعمار البريطاني الذي كان في جنوب اليمن، في الـ 17 من آب/أغسطس الجاري، وقد استمر المعرض على مدى ثلاثة أيام في مقر التكتل بالعاصمة المؤقتة عدن

نور سريب
اليمن ـ ، بمناسبة الذكرى الخامسة لتأسيس التكتل النسوي الجنوبي الذي تأسس في آب/أغسطس 2016.
وللتعرف على المعرض التوثيقي الأول للتكتل والذي سيليه سلسلة من المعارض التوثيقية لمراحل متعددة للنهضة النسوية الجنوبية، التقت وكالتنا بعدة نساء زرن المعرض.
تقول رئيسة التكتل النسوي الجنوبي عائشة طالب عن فكرة المعرض الذي انطلق بها التكتل "جاءت فكرة المعرض بسبب الاقصاء والتهميش الذي طال النساء في جنوب اليمن، والتراجع والانكسار الكبير بعد قيام الوحدة اليمنية وبعد الحرب التي بدأت في صيف عام 1994، التي شنها النظام في صنعاء على الجنوب".
"تعرضت المرأة الجنوبية للتكفير والترهيب من خلال الفتاوى والخطاب الذي اتبعته تيارات الإسلام السياسي، حيث وأنهم اعتبروا أن المرأة في الجنوب وعدن خاصة متمردة ومنفتحة وخارجة عن تعاليم الدين، مما جعلها تشعر بالخوف والهزيمة، وقد تم إقصاء مئات النساء من وظائفهن خاصة العاملات في السياسة والقضاء والإعلام والفن والآلاف من العاملات في الجمعيات التعاونية وشركات التجارة الداخلية والخارجية والمصانع، والتي كانت النساء تشكل 90% من القوى العاملة فيها بعد أن تم خصصتها وتوزيعها على متنفذين موالين للنظام".
وأضافت "على مدى سنوات كانت النساء الرائدات بمثابة نجوم تجابه القمع والإرهاب فقد تصدرت النساء الجنوبيات المشهد لسنوات من خلال المشاركة في الاحتجاجات السلمية والمظاهرات التي ناهضت ممارسات نظام صنعاء حتى في الحرب الأخيرة على عدن ومناطق الجنوب".
وأشارت إلى أن النساء دائماً ما تصدرن المشهد، "ساهمت النساء في الإغاثة والوساطة والتوعية ومناهضة العنف وكذلك في مفاوضات المسار الثاني وبناء السلام كما عملت العديد منهم في الرصد ومنظمات المجتمع المدني، ونظراً للصراع الكبير والمستمر مع الأفكار الدخيلة على مجتمعنا والتي تقصي المرأة،  قررنا إبراز دور النساء اللاتي خلدهن التاريخ بدورهن الريادي والمكانة المتقدمة التي كانت قد وصلت إليها في وقت مبكر من القرن الماضي والذي كان لها الأسبقية في المنطقة العربية".
وأوضحت بأن المعرض "جاء لتنشيط ذاكرة المجتمع، لأن المرأة في عدن والجنوب كانت الرائدة بين نساء دول الإقليم وقد تنبهت مبكراً على أهمية التعليم، حيث أنشأت مدرسة نور حيدر للبنات في عشرينيات القرن الماضي  وبجهود النساء تخرج منها العديد من المدرسات وكان لهن الفضل الأكبر في انتشار التعليم في أوساط الفتيات اللواتي التحقن بعد ذلك بالدراسات العليا في الخارج والداخل، وعملن في مختلف التخصصات، وجاء المعرض أيضاً تقديراً لدور تلك النخبة من النساء التي كانت لهن الريادة والفضل في صناعة العصر الذهبي للمرأة لسنوات ماضية". 
وعن عدد الشخصيات النسوية التي ضمها المعرض قالت "توصلنا لما يقارب 40 امرأة من الرائدات في مختلف التخصصات، لم نكن نعلم أن المعرض سينال استحسان الزوار من نخب سياسية وصحفية وحقوقية، كما توافد زوار من مختلف الأجيال، شعرنا بالسعادة ونحن ننقل لهذه الأجيال الشابة الصورة الحقيقية للنساء قبل سيطرة قوة القمع والإرهاب، وقد حرصنا أن يكون مشاهدة الافتتاح متاحة للنساء المناضلات اللاتي فرضت عليهن الأوضاع أن يغادرن البلاد من خلال بث الافتتاح بواسطة الإنترنت".
وتابعت "نأمل مستقبلاً أن نحصل على معلومات أكثر وأشمل عن النساء الجنوبيات الرائدات وجميع الشخصيات المميزة والمؤثرة، وهن أكثر ممن احتواهن المعرض، لقلة المعلومات وضياع أغلب الوثائق والصور بسبب نقل كل تلك الوثائق والملفات خاصة التي احتواها أرشيف قناة عدن وغيرها من المؤسسات الإعلامية إلى مركزية صنعاء وإتلاف واحراق ما تبقى منها سوى بسبب الاهمال أو الحروب".
وأشارت إلى أنهم "بصدد تجميع ما نستطيع من معلومات وصور لإقامة معارض توثيقية قادمة للمرأة الجنوبية لمختلف المراحل التي مرت بها البلاد ودورها فيها، نحن نسعى إلى النهوض بواقع المرأة ودعمها وتشجيعها لممارسة دورها الريادي في المجتمع على الصعيدين السياسي والاجتماعي من خلال أنشطتنا السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية".
"زرت المعرض وشعرت بالفخر وأنا اقرأ سيرة العديد من النساء اللاتي كان لهن الأسبقية في الدفاع عن حقوقنا، المعرض رائع واتمنى أن نشهد فعاليات مماثلة لنبذ ثقافة العنف والقمع ولمجابهة كل الأفكار التي تشبع بها مجتمعنا لسنوات بسبب التعبئة الخاطئة والأفكار المتطرفة"، هكذا عبرت مديرة تحرير صحيفة الوطن توداي عبير محمد عن إعجابها بالمعرض.
ومن جانبها أشادت رئيسة مؤسسة المستقبل للتأهيل وتنمية الوعي والقدرات منال مهيم بالمعرض، قائلة "المعرض خطوة جيدة للتذكير بأن المرأة كانت رائدة وذو مكانة كبيرة، وما قامت به رئيسة التكتل النسوي الجنوبي عائشة رغم الصعوبات التي واجهتها يعد عمل رائع، وقد سلط الضوء على حقبة زمنية لا تنسى، حقيقية لازالت النساء تحصدن نجاح تلك الجهود النسوية السباقة في تمكين المرأة ورفض الاستعمار".
وأشارت إلى أن معظم شباب الجيل الجديد في اليمن لا يعرفون شيء عن النساء الرائدات في البلاد، "مثلاً الكثير من هم من الجيل الجديد لا يعرفون من هي لطيفة شوذري وهي أول شهيدة في المظاهرات السلمية التي حدثت في عدن ضد الاستعمار البريطاني، وغيرها الكثير من النساء الفدائيات والمناضلات اللاتي ذكرهن المعرض، وأيضاً الكثير لا يعرفون عن الإعلامية صفية لقمان التي تعد أول صوت إذاعي نسوي يظهر على مستوى شبه الجزيرة العربية، لاتزال عبارتها خالدة في الأذهان وهي تقول "هُنا عدن"، وكذلك عن أول رئيسة تحرير لمجلة فتاة شمسان النسوية التي صدر أول عدد لها عام 1960، الصحفية ماهية نجيب".
مؤكدة على أن معظم النساء الرائدات قبل الاستقلال كان لهن دور في توقيع البلاد على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء، "الكثير من النساء اللاتي تم ذكرهن في المعرض هن بمثابة تاريخ بلد لم يكن فيه تمييز ضد النساء، بل بسببهن وقعت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على اتفاقية سيداو، ونفذت بنودها على أرض الواقع بعد الاستقلال".
فيما قالت الفنانة التشكيلية رشا عبيد التي حرصت على رؤية المعرض عن بعد في يوم الافتتاح "يوجد الكثير من النساء المناضلات في الحركة النسوية اليوم أصبحن متعبات من واقع البلاد التي تمر بحرب شرسة، وبرأيي مثل هذه الفعاليات تذكرنا بنساء قويات واجهن الصعاب والاستعمار، انتزعن حقوقهن في تلك المرحلة، سيرتهن بمثابة دافع كبير لنا ولجميع النساء المدافعات عن حقوقهن في الداخل والخارج للاستمرار في كفاحنا، هذا المعرض لفتة شكر وتقدير للرائدات بعد التهميش الذي نال منهن بسبب التقلبات السياسية التي مرت بها البلد".