السينما المغربية تحارب العنف ضد النساء بأفلامها

عديدة هي الأعمال السينمائية المغربية التي تناولت موضوع العنف ضد المرأة بمختلف أشكاله، كما عرت واقع الكثير من النساء اللواتي يعانين في صمت، فهل تمكنت السينما من أن تكون وسيلة احتجاج على هذه الظاهرة؟ وهل استطاعت أن تسلط الضوء على هذه الظاهرة؟

حنان حارت 
المغرب ـ
 
مغربية تستخدم السينما لمحاربة العنف
نجحت النساء المغربيات خلال الفترة الأخيرة في استغلال السينما وتوظيفها لخدمة قضاياهن، حيث حملت حفيظة بنصالح هموم المرأة المغربية، وحاولت الدفاع عنها بتأسيسها لجمعية نعمة للتنمية، وحاولت استغلال السينما لإيصال رسالتها ولردع العنف الممنهج ضد النساء في المجتمع، فأطلقت الجمعية مشروعاً يعنى بدور السينما في محاربة العنف المبني على النوع الاجتماعي.
وعن ذلك قالت حفيظة بنصالح لوكالتنا "الأعمال السينمائية المغربية التي تسير في اتجاه مناهضة العنف ونشر ثقافة المساواة قليلة جداً، لهذا جاء مشروع الجمعية الذي تم إطلاقه خلال السنة الماضية، وذلك نظراً للدور المهم الذي تلعبه السينما في التأثير على المتلقي".
وأضافت "السينما باتت اليوم أداة فعالة لمحاربة العنف وتغيير السلوكيات ومناهضة الصور النمطية للنساء"، مشددة على ضرورة إدماج مقاربة النوع.
ودعت كتاب السيناريو إلى الانفتاح على قضايا المجتمع، خاصة ما يرتبط بظاهرة العنف والمساهمة في الحد منها.
وأشارت رئيسة الجمعية إلى أنه خلال تنزيل برنامج المشروع المتعلق بدور السينما في محاربة العنف المبني على النوع الاجتماعي، تم الحرص على إشراك مجموعة من الفاعلات والفاعلين في الحقل السينمائي، وأيضاً مختلف الهيئات العاملة في مجال حقوق النساء بما فيها مراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف، كما تم الحرص على الانتقال إلى عدد من مناطق المغرب الحضرية والقروية، في مبادرة لاستعمال الإنتاجات السينمائية، كأداة لتحسيس الجمهور بمختلف فئاته، الشباب والأطفال، والكهول، والإناث بمختلف أعمارهن، للتحسيس بمظاهر العنف وأنواعه الذي تتعرض له النساء في المجتمع، إضافة إلى محاربة الصور النمطية التي يتم ترويجها أو تكريسها، وإبراز خطورتها على تنشئة الأجيال الصاعدة.
وعن نجاح السينما المغربية في ردع العنف أو التوعية بمناهضته، قالت "السينما في الفترة الأخيرة حرصت على إلقاء الضوء على بعض القضايا التي تهم النساء، ومنها العنف".
وأشارت المتحدثة إلى أنه رغم تسليط الضوء على ظاهرة العنف في بعض الأعمال الفنية إلا أنه كثيراً ما يتم التطبيع مع هذا العنف، بحيث يتم إظهار المرأة مغلوب على أمرها وأن العنف الممارس عليها، خاصة ذلك الذي يصدر من الزوج هو عنف عادي وعليها الصبر وتحمل الزوج في كل حالاته.
وأضافت أنه في المقابل هناك بعض الأفلام التي تناولت الظاهرة وأظهرت الصراع الذي تعيشه النساء خلال تعرضهن للعنف، لكنهن في الأخير ينتفضن ويخرجن عن صمتهن ويلجأن للجمعيات النسوية من أجل التحسيس والتوعية ومحاربة العنف ضد النساء.
ولفتت حفيظة بنصالح إلى أنه إضافة إلى الأعمال السينمائية، هناك حملات كثيرة ضد العنف بمختلف أشكاله الذي يمارس في حق المرأة ويترك أثره عليها، من أجل تحسيس المجتمع بعدم التطبيع مع العنف ضد النساء.
ووجهت حفيظة بنصالح دعوة إلى صناع السينما، وذلك بعدم حصر دور المرأة في الأدوار التقليدية التي تركز فقط على كونها زوجة وربة منزل، وأيضاً مراجعة المواد الفنية من زاوية النوع الاجتماعي، حتى تظهر المرأة بصورة لائقة ومنطقية دون اللجوء إلى التهويل أو التقليل من شأنها، ووضعها في مكانة تليق بها، مع مراعاة حضور المرأة المتوازن في الأعمال السينمائية.
 
وكالتنا سلطت الضوء على بعض الأفلام السينمائية التي تناولت موضوع العنف وقضايا المرأة في المجتمع، بعد أن نجحت النساء المغربيات في توظيف السينما لخدمة قضاياهن.
 
مصير امرأة 
تطرق فيلم "مصير امرأة" لظاهرة العنف الزوجي، حيث كان هناك زوجان تسير حياتهما على ما يرام، لكن كل شيء تغير بمجرد الإنجاب، تحول الزوج إلى شخص عصبي، وبات يعرض زوجته لكل أشكال العنف، لتقرر البطلة في الأخير الحصول على حريتها، لكن الزوج رفض تطليقها في البدء، لكنه سيساومها في الأخير، بإجبارها على منحه مبلغاً مالياً والتخلي عن مستحقاتها، مقابل الطلاق.
 
نساء ونساء
أنتج فيلم "نساء ونساء" في فترة تسعينات القرن الماضي، والذي خلق ضجة كبيرة بالمغرب آنذاك، لكونه كان من أول الأفلام المغربية التي عالجت عن قرب حياة المرأة المغربية العصرية، والاضطهاد والعنف الذي تتعرض له في المجتمع، وكان الفيلم قد حاز على جائزة أفضل ممثلة لفاطمة خير بمهرجان جوهانسبرغ السنيمائي بجنوب افريقيا.
 
خلف الأبواب المغلقة
ومن بين الأعمال الأخرى التي تناولت تعنيف النساء، هناك فيلم خلف الأبواب المغلقة الذي يحكي قصة سميرة التي عانت من التحرش الذي كان يمارسه عليها مديرها في العمل، والتي حاولت بكل الطرق صده، لكنه كان مصراً على مضايقتها وتهديدها بالطرد من العمل إن لم ترضخ لرغباته، لكن سميرة رغم خوفها أخبرت زوجها بالأمر، الذي ساندهاً معنوياً، وقررا معاً وضع خطة للإيقاع به، وفضحه أمام زوجته، ومن ثمة اللجوء إلى جمعية نسوية.
 
سعيدة
يعتبر فيلم "سعيدة" من الأفلام التي تناولت العنف الجنسي، إذ يحكي قصة سيدة متزوجة ولها ابنة، وتعمل موظفة في إحدى الشركات وتعيش حياة هادئة وسعيدة، لكنها تضطر لاستعمال سيارة أجرة للتوجه لعملها، بعدما تعرضت سيارة زوجها لعطل، فتطلب من السائق الذي بدا لها شخصاً مؤدبا أن يقلها في المساء، إلا انها تتعرض للاختطاف من طرف سائق سيارة الأجرة الذي أغتصبها رفقة صديقه، وخوفاً من الفضيحة تخفي سعيدة ما تعرضت له حين استجوابها من طرف الشرطة وعن زوجها الذي اخبرته فقط بأنها تعرضت للسرقة.
هذا الحادث أثر نفسياً على سعيدة، وجعلها متوترة، ما جعلها تلجأ لجمعية نسوية لتساعدها على تجاوز محنتها، وفي أحد الأيام تعثر على سائق سيارة الأجرة، لتنقد فتاة كادت تتعرض للاغتصاب بالطريقة نفسها، فتبلغ عن المغتصبين، وبينما يحاول سائق التكسي الفرار، فقد توازنه وسقط  من مكان عال وفقد حياته.
 
موؤودة
يعتبر الفيلم السينمائي "موؤودة" أيضاً صرخة فنية لإسماع صوت النساء المعنفات وملامسة عدد من التابوهات المسكوت عنها، حيث تتوالى أحداث الفيلم، من خلال رصد قصة البطلة التي تكافح من أجل أن تتنصر لعنفوانها الأنثوي وكرامتها الإنسانية، وذلك في ظل مجتمع يعيش الهشاشة والعنف على مستوى تمثلاته تجاهها، حيث لم تسلم من العنف حتى بعد وفاتها، لينتهي الأمر بممارسة الجنس على جثة البطلة وسط قبرها.