"المايسترو عزة" صاحبة أول تجربة للعلاج بالموسيقى في باريس
بدأ صالون "عزة" للنساء بفكرة بسيطة وتطور ليقدم عروض أزياء فلكلورية وخدمات رسم الحناء، بالإضافة إلى تقديم أطباقاً شرقية وحلويات تراثية تساهم في خلق فضاء للنساء، فضلاً عن محاضرات العلاج النفسي والتنمية البشرية، التي تحظى باهتمام كبير من النساء.

أفراح شوقي
باريس ـ لم تكن عزة بن فتح الله، المعروفة بلقب المايسترو عزة، تتوقع هذا النجاح الكبير بعد تجربتها الأولى في العلاج بالموسيقى، التي قامت بها مع بعض رفيقاتها في إحدى الصالات الفنية، وبعد الصدى الواسع الذي حظيت به توسعت لتشمل جلسات العلاج النفسي والتنمية البشرية للنساء.
تعد هذه التجربة الأولى لها في فرنسا، حيث تعزف الفنانة عزة بن فتح الله على آلة الأورغن وتغني أيضاً، وقد لاحظت أن النساء العربيات في الدول الأوروبية، وخاصة في فرنسا، تواجهن صعوبة في حضور الأمسيات الفنية المشتركة، يعود ذلك إلى عدم قدرتهن على الاستمتاع بسبب الاختلاط وطبيعة العائلات المحافظة، كما أن معظمهن يكرسن حياتهن للمنزل والأطفال، مما يمنعهن من تخصيص أوقات خاصة لأنفسهن، وهذا يؤثر سلباً على حالتهن النفسية ويزيد من شعورهن بالضيق وعدم الرضا، لذلك، وجدت أن تنظيم أمسيات خاصة بالنساء يمكن أن يكون حافزاً لهن للمشاركة والتعرف على نساء أخريات، والاستمتاع بالموسيقى الشرقية والغناء في أجواء مناسبة وحرية، مما يساعد على تخفيف الضغوط عنهن، وقد تحقق ذلك بالفعل.
وفيما يتعلق بالصدى الذي حققته تجربتها، قالت "أصبحت أتلقى المزيد من الطلبات لتنظيم هذه الأمسيات، وأصبح "مسرح هي" معروفاً وعلامة فارقة لطالما حلمت بها، كما أن بعض المقاطع بدأت تنتشر بسرعة على مواقع التواصل الافتراضي، حيث تشارك نساء عربيات في أداء أغنية عربية من التراث الفني بطريقة جماعية مذهلة"، مضيفةً "أنا سعيدة كون الحضور متنوع ويشمل جميع الفئات العمرية، فهناك نساء شابات وأخريات كبيرات في السن تأتين مع بناتهن أو أقربائهن، كما أن هناك من استطاعت تكوين صداقات جديدة في الغربة، التي أثرت عليهن كثيراً، وأصبح لديهن اليوم متنفس للقاء نساء من بلادهن، بالإضافة إلى فرصة للتعارف والزيارات".
سفيرة الطاقة الإيجابية ووزيرة السعادة
تشعر المايسترو عزة، التي أطلق عليها لقب سفيرة الطاقة الإيجابية ووزيرة السعادة، بالفخر تجاه هذه الألقاب وتجربتها الفريدة، وفيما يتعلق بتجارب أخرى للعلاج بالموسيقى في باريس المخصصة للنساء، أوضحت أنه "أتلقى عروضاً من بعض الدول الأوروبية لتنظيم جلسات فنية مشابهة، ومن أبرز أسباب نجاحي هو إشرافي على تنظيم الحفل بكل تفاصيله، حيث أعمل على اختيار الأغاني التي تفضلها النساء، والتي تذكرهن بأيام الطرب الجميل، أوزع الأغاني عليهن قبل الحفل بعدة أيام للتدريب، وغالباً ما أجد تفاعلاً إيجابياً منهن، مما يساعد على تشكيل فريق متناغم، يعبرن عن طاقاتهن من خلال الغناء، مما يساهم في تحسين حالتهن النفسية".
وعن الأغاني التي تفضلها النساء عادة، قالت "تفضل النساء الاستماع إلى الأغاني القديمة التي نشأنا عليها، مثل أغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ووردة الجزائرية وغيرها، من خلال هذه الأغاني، يسترجعن ذكرياتهن وأيامهن الجميلة، تعتبر الأمسية أو الحفل الذي يُنظم بمثابة نادي للموسيقى الشرقية، حيث لا يمكن لأحد أن ينكر جمال الموسيقى الشرقية، أحياناً، نستقبل نساء فرنسيات يأتين لاستكشاف المكان والاستمتاع بالألحان العربية".
وفيما يتعلق بنشاطها المقبل، بينت عزة بن فتح الله أنه "ستقام الحفلة القادمة في باريس يوم 15 آذار القادم، ثم سنتوجه إلى إيطاليا وبعدها إلى بروكسل، كما لدينا حفلات أخرى في معظم دول أوروبا تقريباً".
محاضرات التنمية البشرية
صالون "عزة" للنساء بدأ بفكرة بسيطة لكنه توسع اليوم ليشمل عروض أزياء فلكلورية للنساء ورسوم الحناء على اليد والوجه، وكذلك تقديم بعض الأطباق الشرقية والحلويات التراثية والتي تساعد في خلق مناخات تفضلها المرأة وتذكرها بالوطن وتخفف عنها ألم الغربة، هذا كله إضافة إلى توفير محاضرات العلاج النفسي والتوعية والتنمية البشرية التي تلقيها مختصة بذلك وتحظى باهتمام وتفاعل النساء.
عن تلك المحاضرات، قالت المدربة المعتمدة يسرى مرشدي تخصص تنمية بشرية من تونس "قدمت محاضرة حول حب الذات وتأثيره على علاقاتنا مع الآخرين، بما في ذلك أطفالنا وأزواجنا وزملائنا في العمل، والتأكيد على أهمية اختيار أنفسنا كأولوية، وضرورة تعزيز الثقة بالنفس وتقدير الذات، بالإضافة إلى تحسين حديثنا الداخلي مع أنفسنا. يجب أن نتساءل عما نحب وما نكره وما نريد حقاً".
وأضافت "كمختصة، ألاحظ أن العديد من النساء تكرسن حياتهن للعائلة وتنسين أنفسهن، حيث تفضلن شراء ما تحتاجه الأسرة على حساب احتياجاتهن الشخصية، هناك أيضاً من تبالغن في جلد الذات والقلق، مما يجعلهن تشعرن بعدم كفاية ما تقمن به في المنزل لإرضاء الجميع، مما يؤدي إلى شعورهن بالتعب والإرهاق، من خلال الحديث المباشر مع النساء، أتناول مواضيع شخصية لكنها مهمة، وأقترب أكثر من معاناتهن محاولةً إيجاد حلول معهن، وأجد تفاعلاً كبيراً وسهولة في شرح المحاضرة، حيث تشارك بعضهن مشاكلهن داخل الأسرة، وأعمل على إيجاد علاجات من خلال جلسات أخرى".
ولفتت يسرى مرشدي إلى أن النساء بحاجة كبيرة للبوح بمتاعبهن مع نساء أخريات قد تواجهن ظروفاً مشابهة وعندها تكون فرصة لإيجاد حلول وطرق حياة أفضل وأسهل. أنا سعيدة جداً بعملي، وأشعر أنني أقدم للنساء ما يمكن أن يجعل حياتهن أكثر سهولة ونجاح في تخطي المتاعب".
وأشارت إلى أنها لمست اهتمامهن بالمحاضرة من خلال الإصغاء "كنت أرى كيف ينصتن، وأفهم من تعابير وجوههن أنهن يبحثن عن حلول لمشكلات يواجهنها، كما أنني أدركت أن حبهن لأنفسهن يمكن أن يكون مفتاح السعادة الأول، كل هذا يمنحني طاقة لتقديم الأفضل في العيادة التي أديرها، فنحن نمارس رياضة للروح تماماً كما يحتاج الجسد إلى الرياضة".
تُعتبر الجالية العربية في فرنسا واحدة من أكبر التجمعات الثقافية، حيث تضم أعداداً كبيرة من المهاجرين ذوي الأصول العربية من دول متنوعة مثل الجزائر، المغرب، تونس، ومصر، مما يعكس تنوعاً ثقافياً واجتماعياً غنياً.