'الأدب حالة إبداعية لا يمكن تأنيثها أو تذكيرها'

أثار مصطلح "الأدب النسوي" جدلاً كبيراً بين صفوف الأديبات والأدباء، فمنهم من كان مؤيداً له، لأنه يتناول قضايا المرأة ومشكلاتها، وآخرون رفضوه على اعتبار أنه تأطير لدور المرأة في الأدب، لأنهم ينظرون إليه كحالة إبداعية لا يجب تذكيرها أو تأنيثها.

ليلى محمد 
قامشلوـ  
الشاعرة مريم تمر من مواليد عام 1979، تنحدر من مدينة الحسكة في شمال وشرق سوريا، لها ثلاث أعمال أدبية، الأول بعنوان "إلى صغيرتي قامشلو" والذي طبع في عام 2013، الثاني "الأبله الذي يدق في غيابي" وطبع في دمشق عام 2017، والثالث بعنوان "ورود من فم الحرب" في 2019. 
تحدثت مريم تمر لوكالتنا عن نظرتها كامرأة كاتبة لمفهوم الأدب النسوي ومدى قدرة المرأة على الإبداع في الأدب. 
 
"الكاتبة يجب أن تكون الرائدة في التغيير"
إن التطور السريع للنظريات النقدية في العصور الثلاث الأخيرة انعكس بشكل تلقائي على الفكر المتعلق بالمرأة، وهذا ما أطلق عليه "الفكر النسوي"، ويتفرع إلى العديد من المواضيع التي ترتبط بقضية المرأة، ولعل أبرزها مصطلح "الأدب النسوي"، رغم أن العديد اعتبره حصراً لدور المرأة في الأدب، وعن هذا تقول مريم تمر "لا أعترف بتأطير المرأة ضمن مصطلحات معينة، فالأدب حالة إبداعية لا يجوز  تذكيرها أو تأنيثها".
وعن تطور المرأة تقول "الأدب الذي تكتبه المرأة وصل لسوية معينة، من خلال المحاولات التي تُرفع لها القبعة، للتعبير عن حالة أدبية متفردة ومميزة، فالكاتبات يكتبن أعمالهن بمحبة".
وحول تطور الأدب وفق المجتمع توضح مريم تمر أن "تطور الأدب يبدأ من التغيير المجتمعي في البداية، لا أنكر وجود العديد من العقبات والمواضيع التي تتجنب المرأة تناولها، نتيجة التربية الاجتماعية أو الدينية، ولكن من وجهة نظري على الكاتبة أو المبدعة أن تكون هي الرائدة في التغيير، وأنا أحيي جميع النساء اللواتي تجاوزن الخطوط الحمراء".
 
"مهما بلغت سطوة الرجل، لا يمكنه منع شغف المرأة بالكتابة"
تعمل مريم تمر للنجاح في مجالها من دون التقليل من شأن أي شخص "لا يمكننا في هذا المجال أن ننتقص من حق الرجل، ففي حالتي الشعرية يكون قريني الرجل محفزاً لي، وربما يكون لهذا التأثير صورة ايجابية أو سلبية".
وتبين أن المرأة إن أحبت الأدب وشغفت بالكتابة لن يكون الرجل عائقاً أمامها مهما بلغت سطوته، لهذا من المهم جداً أن تمتلك الكاتبة الإيمان، لأن الكتابة هي رسالة للعالم بأن المرأة قادرة على التغيير، فعندما تكتب المرأة عن كل ما يجول في خاطرها فهي تقول "أرفض التمييز ولي الحرية في أن أعبر".
والإبداع حالة شعورية يعجز الكثير من الأشخاص عن التعبير عنها "حالة الكتابة هي بالمحصلة حالة شخصية وخاصة تعود للكاتب نفسه بغض النظر عن جنسه، وبتصوري ما يهم هنا هو محتوى الكتاب، وما يجب أن يتم التركيز عليه في هذا المجال هو الاندماج بالحالة الشعورية أثناء كتابة النص وإتقان الاسلوب الذي يتم العمل به"، وتضيف "أنا ككاتبة يهمني جداً أن يشعر القارئ أن صاحبة العمل امرأة دون أن يقرأ اسمي، أريد أن أكتب أفكار النساء وأبرز نظرتهن في جميع التفاصيل".
 
"الأدب يتكفل بمعالجة البشاعة بصورة جميلة"
تطلب مريم تمر أن تسهم الكاتبات في تطوير بعضهن "يجب أن تكون روح التنافس الإيجابي موجودة، من أجل تقديم الأفضل، من خلال تشجيع النساء على احتراف الكتابة، مما سيسهم أيضاً في تغيير الصورة النمطية التي يضعها المجتمع".
وحول كيفية العمل في مجال الأدب تقول "نحن نريد أن نثبت أنفسنا ونحصل على حقنا من دون أن نبخس أحداً حقه، ولهذا نعمل على العيش بطريقة إنسانية نكون فيها متساوين بالحقوق والواجبات، وفي الوسط الأدبي يجب على المرأة المبدعة أن تُصلح من شأنها، وبهذا تلغي عدد من الأفكار الرجعية التي تسلبها العديد من حقوقها".
ولأن المرأة تناصر قضايا النساء بشكل عام،  ليس في الأدب فقط، بل وفي جميع المجالات ظهر التضارب بين قبول ورفض مفهوم الأدب النسوي، وتقول مريم تمر "لا يمكنني أن أحكم على آراء الآخرين، ولكن من خلال كتاباتي أنظر إلى الشعر على أنه نقل لكل شيء جميل ومؤلم، فالواقع ألهمني لكتابة "ورود من فم الحرب".
وتؤيد مريم تمر التغيير مع الوعي "أنا لست كاتبة مدافعة ولا حتى مهاجمة أنا لي حق وسأحصل عليه عبر موهبتي، فالأدب يجب أن يتكفل بمعالجة البشاعة بطريقة جميلة".
 
"الكتابة الذكية قادرة على تناول جميع المواضيع"
وعلى الرغم من التطور الذي شهدته المرأة في الأدب إلا أن الكاتبات الصاعدات بحاجة لأن يكن أكثر جرأة ويحصلن على التجربة "هنالك العديد من العوامل التي يجب أن تتكامل لتصعد المرأة الكاتبة درجاتٍ أعلى، وكما أن هنالك مؤسسات تتبنى الفنانات فيوجد العديد من المؤسسات للكاتبات، والإنسان بحاجة إلى ظروف معينة ليتمكن من النهوض بواقع الكتابة، وفي حال وجدت المرأة الدعم والرعاية ستكون أكثر جرأة".  
وكثيراً ما تتعرض المرأة لهجمات في حال كتبت عن (الدين، الجنس، السياسة) "الرجل يتعرض أيضاً لهجمات، ولكن المجتمع يسانده أكثر من المرأة، إضافة إلى وجود الكثير من الضوابط الداخلية لدى المرأة، ولكن اعتقد أن  الكتابة بشكل ذكي قادرة على تناول كل هذه المواضيع من دون أن تخدش القواعد، على الرغم من أنني لا أنكر أنه لا  يزال التطرق إليها صعباً".
وتتمنى مريم تمر أن تتمكن المرأة الموهوبة في أي مجال من أن تنمي قدراتها "أرجو من المؤسسات المعنية بالأدب أن تركز على النساء اللواتي يكتبن بشكل أكبر في المستقبل، وكذلك على الأديبات أو اللواتي يجدن في أنفسهن الموهبة الأدبية أن لا يدفن مواهبهن".