ناشطة لبنانية تؤكد على أن الانتخابات البلدية باتت مسألة ملحة ولا تحتمل التأجيل
بعد تأجيل الانتخابات البلدية لأكثر من سنتين، أكدت الناشطة ديانا البابا أن هذا التأجيل غير قانوني، ويؤثر على الجميع ولا سيما النساء، مشددةً على ضرورة مشاركة النساء في صنع القرار.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ شددت منسّقة البرامج وعضوة المكتب التنفيذي في "الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات" الناشطة ديانا البابا، على ضرورة إجراء الانتخابات البلدية، فهي باتت مسألة ملحة ولا تحتمل تأجيلاً إضافياً.
تسعى الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات "LADE"، إلى بناء مجتمع ديمقراطي وتعزيز المواطنة المبنية على أساس الشفافية والمساءلة والمحاسبة وإصلاح النظام السياسي وإشراك المواطنين ولا سيما النساء في العملية السياسية الديمقراطية.
وتعمل على توثيق سير الاستحقاقات النيابية والبلدية، لإنجاز تقارير تقدم للجهات المعنية وخصوصاً "هيئة الإشراف على الانتخابات" للأخذ بملاحظات الجمعية قبل وأثناء وبعد الاستحقاقات، لتحسين أداءها ونتائجها والتي تنعكس على المواطنين نساءً ورجالاً.
وحول تأجيل الانتخابات البلدية تقول منسّقة البرامج وعضوة المكتب التنفيذي في "الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات" الناشطة ديانا البابا "إن تأجيل الانتخابات البلدية لأكثر من سنتين غير قانونية، لقد شهدنا تأجيل هذه الانتخابات لمرتين، مع الأسف إن ذلك يؤثر على المواطنين حيث تترتب عليه تبعات سلبية كبيرة جداً".
وحيال تأثير تأجيل الانتخابات البلدية على المرأة في لبنان أوضحت "إن النساء من بين الفئات التي تتأثر بالاستحقاقات أياً كانت، كما أن دعم المجالس البلدية لقضايا المرأة تعد مهمة جداً لتقلد مناصب قيادية وكسر الصور النمطية، فاليوم نطمح في أن نرى رئيسات بلديات فاعلات، وعضوات في المجالس البلدية تتسلمن ملفات خارج الإطار النمطي والمألوف، وهو الأمومة والنطاق الخيري والرعائي، فاللبنانيات بمقدورهن صنع القرار ويجب ترجمة قدراتهن على أرض الواقع".
وحول إفلاس البلديات وعدم توفر المال لتحقيق التنمية، وبروز دور النساء في جلب مشاريع استثمارية، تقول "إن الفكرة الأساسية تتركز على وجود مجالس بلدية متجانسة قادرة على وضع خطط طويلة الأمد لعملية الإنقاذ المفترض أن تكون قائمة في كافة المناطق اللبنانية، لا خطط قصيرة الأمد فقط لسد بعض الحاجات، فأي بلدية كانت هي بحاجة للإنماء المستدام"، مشيرةً إلى أن "البلديات في لبنان تعاني من أزمة اقتصادية، لكن المشكلة الأساسية تكمن في عدم وجود خطط إنمائية طويلة الأمد من أجل إصلاح الأوضاع، نرى اليوم بعض المبادرات في عدد من البلديات، لكنها لم تصل إلى مرحلة تحقيق التنمية المستدامة، ووجود امرأة تشارك في صنع القرار هو أمر أكثر من مهم".
وأضافت "لا فرق بين المجلس النيابي والبلدي، بمعنى أنه ليس المطلوب أن تكون المرأة حاضرة أكثر في البلديات، اليوم الوضع مختلف، فوجود المرأة في أي موقع صنع قرار هو أمر أساسي، ويمكن أن يفيد قضايا المرأة بالتحديد، وذلك لا يعني أن ترشحها للانتخابات البلدية أفضل من الترشح للانتخابات النيابية، من المفترض أن تكون هناك مناصفة وأن نرى المرأة في جميع مواقع صنع القرار".
وعن توجهاتها للفئة الشابة تقول "المشاركة الشبابية للأسف ضئيلة جداً، فعلى مستوى البلديات لا توجد أحزاب تدعم الفئة الشابة والنساء، بالإضافة إلى غياب الكوتا النسائية والشبابية، كل ذلك يصعِّب عملية وصولهم إلى مواقع صنع القرار، كما أن وجود الفئة الشابة أساسي في عملية الإنقاذ"، ولفتت إلى أن "العديد من البلديات أصبحت غير فاعلة، تفتقد الأفكار الجديدة وبالتأكيد للأزمة الاقتصادية تبعاتها وتأثيرها، ولكن هذا لا يمنع الفئة الشابة من خوض هذه المعركة ويكون لديهم أطروحات جديدة من أجل التأسيس لمرحلة مقبلة".
وعن الزبائنية السياسية الوارد في تقارير عدة للجمعية، أوضحت أنه "من المعروف أن المرأة اللبنانية لا تستطيع أن تزاحم الرجل اقتصادياً، وبالتالي اليوم من الذي يقدم الخدمات الزبائنية هم الرجال، مع الأسف هذه العمليات التي تحصل مع عدم اتخاذ إجراءات قانونية بحق كل من يقوم بأعمال زبائنية تؤثر على نجاح المرأة وإمكانية وصولها إلى البلديات أو المجلس النيابي، ولا أنكر عدم وجود كوتا نسائية تحمي المرأة، ومع الأسف هذه من العوامل المؤثرة، بالإضافة إلى قانون الأحوال الشخصية وعدم دعم الأحزاب الواضح للمرأة لتصل إلى مواقع صنع القرار، كل ذلك يؤثر عليها سلباً".
وحول كيفية محاربة هذا الأمر تجيب "بالوعي يمكن أن يتم محاربة ما ذكرته سابقاً، أي على المواطن ألا يرهن صوته للشخص الذي يسدي له خدمة لأنها ستكون مقابل الولاء السياسي، ويمكن ذلك عبر البرامج، اليوم أي امرأة ورجل يريدون الترشح يجب أن يكون هناك برنامج ينطلقون من خلاله، المقترعون يختارون المرشحين بناءً على برامج وليس بناءً على خدمة شخصية، مع الأسف كلما واجهنا أزمة اقتصادية أشد من سابقاتها كلما غابت الدولة عن أداء دورها، وكل ذلك يصعِّب من عملية وصول النساء إلى مواقع صنع القرار والمجالس النيابية والبلدية".
وعن دور الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات في مجال الانتخابات البلدية، أوضحت ديانا البابا أنه هناك سلسلة إصلاحات يطالبون بها على المستوى القانوني "نعمل ضمن الجمعية على إصدار تقارير حيال الزبائنية وكيف تؤثر على المرأة خلال الانتخابات البلدية، بالإضافة إلى التوعية بالمساواة بين الجنسين المشكلة الأساسية التي تواجهنا، وتدريب المرشحات أو النساء اللواتي قررن خوض غمار الاستحقاق في الانتخابات المقبلة لعام 2024".
وعن التحديات والصعوبات التي تحول دون وصول النساء إلى مواقع صنع القرار وسبل مواجهتها أشارت إلى أنه "هناك اليوم سلسلة معوقات تواجه المرأة على الصعيد السياسي وفي مجال الانتخابات في لبنان، ومنها كما أسلفت غياب الكوتا النسائية وقانون الأحوال الشخصية، إذ ليس لدينا قانون موحد للأحوال الشخصية وقوانين تحمي المرأة، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية، وهي النقطة الأبرز التي تؤثر على حضور وحظوظ المرأة في الانتخابات، في ظل وجود منظومة مركبة من قوانين وصور نمطية وأعراف ذكورية تعيق تقدمها في هذا المجال".
وأكدت على عدم صحة مقولة أن "المرأة لا تريد العمل في الفضاء العام"، مشيرةً إلى أن الأرقام تشير إلى خلاف ذلك، لكن اليوم الطريق غير معبد أمامها، حيث تظهر الإحصائيات أن أكثر من 50% من الناخبين في لبنان هم من النساء، وهو ما يدل على أنه هناك مشكلة في صحة التمثيل السياسي وعدم المساواة التي من المفترض أن يتم معالجتها في أسرع وقت.
ولفتت إلى أن الجمعية رصدت خلال الانتخابات البرلمانية الماضية لعام 2022 عدة مخالفات، معظمها كانت تتعلق بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، مشيرةً إلى أن العديد من المرشحات تعرضن لعنف إلكتروني ولفظي وجسدي، بعضهن تعرضن للضرب خلال حملاتهن الانتخابية، منوهةً إلى أن الجمعية قامت بوضع خارطة طريق للحد من الصعوبات التي تواجهها المترشحات "نحن في طور العمل على بعض المواد القانونية، إلا أن ما يعيق عملنا وتقدمنا في إحداث إصلاحات، وجود مشاكل في الرئاسة والمجلس النيابي الذي لا يعمل إلا بما يسمى "تشريع الضرورة"، وعدم وجود برلمان".
وشددت على أن المرأة لها الحق في أن تمارس دورها، إن كان في الاقتراع أو الترشح، وممارسة عملها التشريعي وفي المجالس البلدية، من دون ضغط وعنف "يجب على السلطات اللبنانية إجراء الانتخابات البلدية ومن دون أي تأخير، اليوم هذا استحقاق قانون ودستوري يجب عدم تأجيلها، فالوضع القائم يؤكد الحاجة لوجود بلديات جديدة تضع الخطط، وبالتالي إجراء الانتخابات البلدية باتت مسألة ملحة ولا تحتمل تأجيلاً إضافياً".