المرأة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط... تحديات مشتركة وطموحات موحدة

في عالم يتشابك فيه العنف والصراعات مع مساعي النساء لتحقيق المساواة، تنشأ روابط قوية بين نساء شمال إفريقيا ونساء الشرق الأوسط، فرغم الاختلافات الثقافية والدينية، يبقى الهدف المشترك هو دفع قضاياهن إلى الأمام، ومواجهة التحديات بروح تضامن عابرة للحدود.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ بينما تتباين الثقافات والعادات بين مناطق شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تظل قضايا المرأة جسراً يربط بين النساء، حيث يجتمعن على مواجهة التحديات وإيجاد حلول مبتكرة لها، صباح العبيدي إحدى أبرز الناشطات النسويات، التي تشدد على ضرورة التفاعل المشترك بين نساء المنطقتين ودورهن في التصدي لقضايا العنف، وتعزيز المشاركة السياسية، وبناء السلام.

أكدت الناشطة النسوية صباح العبيدي على وجود تفاعل ملحوظ بين نساء شمال إفريقيا ونساء الشرق الأوسط، خاصة في القضايا التي تؤثر بشكل مباشر على المرأة، مثل العنف وقوانين العمل، موضحة أنها شخصياً تحرص على التواصل المستمر مع المنظمات الإقليمية، رغم التباين في الثقافات والعادات وحتى الأديان، لكنها ترى أن القضايا المشتركة، مثل تلك المتعلقة بالعنف ضد المرأة، توحد الصوت النسائي لتحقيق حلول فعالة.

وعن الاختلافات فيما بين المنطقتين، تقول إن "التجارب مختلفة في شمال إفريقيا عنه في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك في ذات المنطقة، فمثلاً لو تحدثنا عن التجربة التونسية، سنجد أن النساء التونسيات أكثر قوة وصلابة من النساء في ليبيا لأن تجاربهن تختلف عن تجاربنا، فهن لديهن قانون قوي ينصفهن على الرغم من التحفظ على بعض البنود فيه، لكنه قانون قوي يدعمهن، كذلك التجارب تختلف أيضاً في المجالات الاجتماعية والسياسية وحتى الاقتصادية".

وأشارت إلى أنه "هناك تحالف قوي على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهنا نرى بعض التباين في القضايا المعروضة للنقاش مثلاً التاريخ السياسي لكل بلد على حدة بالتأكيد ينعكس على المرأة ومدى انخراطها فيه، كذلك دعم القانون لهن فمن خلال التجارب تكون هذه الاختلافات ظاهرة للعيان".

وعن أهمية التحالفات الإقليمية بين نساء المنطقتين، لفتت إلى وجود تباينات في النقاشات المطروحة بسبب اختلاف التاريخ السياسي لكل بلد، مبينة أن القوانين المحلية تلعب دوراً بارزاً في تشكيل هذه التباينات، مشيرةً إلى مقارنة بين لبنان وليبيا، حيث ترى أن ليبيا متقدمة قليلاً في بعض القضايا مثل حقوق الإنجاب والتواجد السياسي، رغم أن لبنان كانت سابقاً متوازية مع ليبيا في هذه القضايا.

وذكرت صباح العبيدي أنهم يدعمون القضايا النسوية مهما كان اختلافها "ندعم القضايا النسوية بكل قوة ونتفاعل معها باستمرار، فقضيتنا واحدة في رفع الظلم عنها، ودفعها للتقدم للأمام، ونسلط الضوء تحديداً على قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي، ونتحدث عن المرأة غير المشاركة في صنع القرار، وفي بناء السلام، حتى في التحالفات التي تعقد على مستوى العالم الخاصة بالمرأة نتناول بجدية هذه النقاط ولا نلتفت للجنسية ولا الدين، قضيتنا مناصرة المرأة أينما كانت فقط".

ولفتت صباح العبيدي أن النساء سواء في الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا هن من أكثر الفئات التي تتأثر بالصراعات، والحروب والأزمات فالمرأة هي المعيلة للأسرة وبالتالي النزاعات والحروب تؤثر على مصادر دخلها، كما أنها تتعرض للعنف المباشر وغير المباشر في المجال السياسي، على الرغم من دورها الأساسي في البناء، فالمرأة في العالم تتأثر اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وتجد نفسها في الشارع بعد التهجير والنزوح.

وأكدت أن "العنف الذي تعرضت له النساء في سوريا والعراق من داعش غير مسبوق من قتل واغتصاب وتجويع وتهجير، وللإخفاء والابادة خاصة للنساء الكرديات، ونتمنى تسليط الضوء عليهن للتضامن معهن بقوة".

وذكرت أن هناك مجموعة من المبادرات في شمال إفريقيا وجنوبها والشرق الأوسط عملن على عدة مبادرات منها المبادرة الخاصة ببناء السلام والتي عقدت في جنوب إفريقيا، والمبادرة التي أقيمت في بيروت لدعم النساء، وهذه المبادرات تجمع النساء من شتى أنحاء العالم.

وقالت إنه "أصبح من السهل جداً التفاعل عبر الفضاء الإلكتروني خاصة وأنه لدينا كنساء من شمال افريقيا والشرق الأوسط حلف قوي مثل تحالف "ندى" وهو من أقوى التحالفات النسوية، وكذلك تحالف النساء من أجل السلام، وهذه التحالفات وحتى وأن رآها البعض غير مجدية إلا أنها مهمة جداً للمرأة".

وترى صباح العبيدي أن مبادرة بناء السلام مهمة جداً فالمرأة لها دور كبير في بناء السلام، ولابد لها أن تكون في مراكز صنع القرار، في هذا الجانب خاصة النساء اللواتي فقدن أحد أفراد العائلة في الحرب بمشاركتهن في بناء السلام بالتأكيد ستكون المبادرة ناجحة لأنها استطاعت التجاوز والمساهمة في دعم الوطن وبنائه.