نساء سيدي بوزيد تشتكين سوء الخدمات الصحية

تعاني النساء في مدينة سيدي بوزيد من نقص وتردي الخدمات الصحية والأدوية والكوادر الطبية، الأمر الذي يفاقم معاناة الحوامل إلى جانب وفاة امرأة لصعوبة توفر وسائل نقل إلى المستشفيات في المناطق المجاورة.

إخلاص الحمروني

تونس ـ لا يمكن الحديث عن وضع النساء في مدينة سيدي بوزيد التونسية، دون التطرق لما تعانينه من هشاشة تسببت بحرمانهن من التمتع بأبسط حقوقهن وهي الخدمات الصحية وفق ما ورد في دستور تونس وأجمعت عليه القوانين المدافعة عن حقوق المرأة.

إذا كان الركود التنموي لسيدي بوزيد يطغى على أكثر من مجال، فإن الصحة تعتبر القطاع الأبرز في ذلك نظراً لما تعانيه خدماتها خلال السنوات الأخيرة من تردي وضعف كبير دفع نساء المنطقة للقيام بالعديد من الاحتجاجات كانت أهمها عام 2023 بعد تسجيل وفاة امرأة حامل نتيجة الإهمال الطبي وتسجيل عدد من الحوادث الأخرى، لكن دون جدوى.

وعن تردي قطاع الخدمات الصحية تقول أمل العافي من منطقة العويفات "في منطقتنا لا يوجد مستوصف لذلك نحن مجبرين على التوجه إلى أقرب مستوصف حيث يبعد عن منطقتنا عشرات الكيلومترات"، لافتةً إلى أن قلة وسائل النقل تعد أكثر المشاكل التي تعترضهن.

وأضافت "في هذا المستوصف يسمح لنا بالعلاج يوم واحد في الأسبوع وفي الكثير من الأوقات يكون الطبيب المناوب غائباً، وبالنسبة للدواء حدث ولا حرج فهو دائماً غير متوفر، الأمر الذي يجبرنا للذهاب إلى مركز المدينة وهذا يتطلب معرفة شخصية بأحد العاملين هناك أو زيارة طبيب خاص"، مؤكدةً أن أغلب النساء لا تملكن أي جهة ذات مكانة في المنطقة حتى تحصلن بموجبها على موعد في المستشفى الكبير، لذلك تجبر المرأة المريضة على البقاء في المنزل وتحمل آلام المرض وقد وصل الأمر إلى تسجيل حالة وفاة في صفوف النساء.

وعن تفاصيل هذه الحادثة تقول "كانت مريضة جداً لا تقوى على الحراك ووضعها الاقتصادي متردي كونها كانت عاطلة عن العمل ولا تملك أي مصدر دخل، حتى أنها لم تكن تملك المال الكافي لاستئجار سيارة لنقلها إلى المستشفى الكبير أو لزيارة طبيب خاص، لذلك كانت مجبرة على العلاج في المستوصف التي زارته على مدار 3 أيام، ففي الأول لم تجد الطبيب وفي اليوم التالي لم يتوفر الدواء في صيدلية المستوصف وكان متوفر فقط في صيدلية سيدي بوزيد التي تحتاج لوسيلة نقل حتى تتمكن من الوصول وبالمقابل المال الذي لا تملك منه شيء ونتيجة لذلك تردى وضعها الصحي وتوفيت".

وأكدت أن "أكثر النساء اللواتي تتعرضن لمشاكل صحية في منطقتنا هن الحوامل، فعندما تمرضن تكن مجبرات على الانتقال إلى مدن أخرى من أجل الحصول على ظروف ولادة سليمة إلا أنهن تحصلن على العكس وهذا يشكل خطراً على حياتهن وحياة أجنتهن، بالإضافة إلى تكبد أسرهن مصاريف النقل المكلفة، وهو ما يعتبر تقصيراً تجاه حقوق المرأة في الأرياف التونسية"، مستفسرةً في ختام حديثها عن موعد تحسين وتجويد الخدمات الطبية "المرأة الريفية منسية، حتى في حقها في الحصول على العلاج".

 

 

من جهتها تقول خيرية غانمي من منطقة المزونة من سيدي بوزيد "نسكن في منطقة ريفية بعيدة عن مركز المدينة وواقع الخدمات الصحية في مستوصف المنطقة متردي بشكل كبير ويشهد الكثير من النقائص لاسيما شح الدواء وصعوبة التنقل الى أماكن أخرى للعلاج وخاصة في الليل، وفي كثير من الأحيان عندما يمرض لنا فرد من العائلة ليلاً لا نجد وسيلة نقل لذلك يترك يعاني آلام المرض حتى الصباح".

وعن معاناة ابنتها من تردي الخدمات الصحية في المنطقة "منذ فترة ابنتي كانت حامل وفي ليلة شتاء بارد حان موعد ولادتها، لم نجد وسيلة نقل لإيصالها إلى المستشفى وبقيت تعاني آلام المخاض لساعات عديدة إلى حين تأزمت حالتها وشارفت على الموت ومع حلول الصباح الباكر قمنا بنقلها إلى المستشفى وبعد أن أنجبت مولودها بخير بقيت في غرفة الإنعاش لساعات طويلة".

وعن أبرز الصعوبات التي تواجها النساء قالت إن "مشاكل عديدة تعترض المرأة كون معظم الأدوية مفقودة خاصة أدوية الأمراض المزمنة والتي لا نستطيع شرائها لأنها باهظة الثمن وأيضاً نعاني من نقص خدمات الصحة الإنجابية وتحديد النسل وغياب مراكز خاصة برعاية الأم والطفل".

وفي ختام حدثيها أكدت خيرية غانمي أن الرجال يتمتعون بالخدمات الصحية بطرق أسهل من النساء، كونهم لا يجدون أي صعوبة في التنقل بحكم أنه يستطيعون استقلال أي وسيلة نقل وفي أي وقت ومع أي شخص على عكس النساء اللواتي تمنعن من الركوب مع الغرباء ولا يسمح لهن التنقل لوحدهن بدون مرافقة أحد أفراد العائلة لها.