فيتامين "د" مصادره وأبرز أعراض نقصه وتأثيره على النساء
يعتبر فيتامين "د" من الفيتامينات الأساسية لصحة جسم الإنسان في المراحل العمرية المختلفة ولا سيما النساء، ويلعب هذا الفيتامين دوراً هاماً في تقوية العظام وزيادة المناعة وتقليل احتمالية الإصابة بالسرطان.
سوزان أبو سعيد
بيروت - تعاني النساء في الشرق الأوسط من إحدى أبرز المشكلات الصحية في العالم وهي نقص فيتامين "د"، على الرغم من تميز هذه المنطقة بطقس مشمس أغلب فترات العام.
على الرغم من أن العالم العربي يتمتع بفترات مشمسة أغلب أيام العام إلا أنه سُجلت أعلى معدلات نقص فيتامين "د" فيه، وفي هذا المجال قالت أخصائية التغذية العلاجية هديل بو سعيد "فيتامين "د" هو هرمون يقوم الجسم بتصنيعه بعد التعرض لأشعة الشمس، وهو يذوب في الدهون مثل فيتامين "أ" و"هـ"، وفضلاً عن ذلك فهو مرتبط بعمليات حيوية كثيرة في أجسامنا أهمها امتصاص الكالسيوم والفوسفور المعدنين المهمين لصحة العظام، ووفق دراسات حديثة فيتامين "د" يقينا من خطر نمو الخلايا السرطانية، كما أنه يخفف كثيراً من الالتهابات الموجودة في الجسم"، مؤكدةً أنه من المهم "التمتع بجسم صحي قادر على القيام بالعمليات والوظائف الحيوية بصورة متكاملة".
وأضافت "كون هذا الفيتامين هو هرمون فوظيفته تقوية المناعة والوقاية من الأمراض، حيث هناك عمليات تحتاج إلى هرمون معين وهنا يأتي دور فيتامين د، ومنها الحماية بما يعرف بمضادات الأكسدة Antioxidants بمعنى الجسم نفسه يقضي على الملوّثات ويجدد الخلايا".
في منطقة الشرق الأوسط هناك نقص كبير في هذا الفيتامين بالرغم من أن الشمس متوفرة بشكل كبير، لكن لماذا يحدث هذا النقص؟ عن ذلك تجيب هديل بو سعيد "عدم تعريض أجسادنا لأشعة الشمس أبرز هذه الأسباب كون عملنا في أغلب الأحيان في بيئات مغلقة، بالإضافة لعدم ممارسة الرياضة، وقد أشارت أبحاث لا تزال قيد الدراسة أن بنية أجسامنا في منطقة الشرق الأوسط مرتبطة بعامل جيني يمنعها من امتصاص الفيتامين د، ولذلك من المفترض على كل شخص أن يعرّض جسمه يومياً لأشعة الشمس لمدة بين 5 إلى 30 دقيقة خاصة خلال الفترة بين شهري آذار وأيلول، وألا يقتصر الأمر على اليدين والوجه فحسب، وإنما هناك ضرورة لتعريض مفصلين من مفاصل الجسم لأشعة الشمس كحد أدنى، لأن المفاصل تمتص بشكل أكبر الفيتامين، ومن المهم أيضاً عدم وضع الواقي الشمسي الذي يحد من تكوين هذا الفيتامين بتأثير أشعة الشمس".
وأوضحت هديل بو سعيد "إضافة لما سبق هناك النظام الغذائي الذين نتبعه حيث يكون الفيتامين د في أغلب الأنظمة الغذائية قليلاً، فطعامنا يفتقر للأسماك الدهنية بشكل خاص، لذا فامتصاص أجسادنا له من خلال الطعام لا يعتمد عليه، فالمعدل الطبيعي في النهار للشخص الطبيعي بين عمر 19 و70 سنة هو 600 وحدة دولية في اليوم، فعلى سبيل المثال إذا تناول الشخص علبة تونة واحدة وهي غنية بالفيتامين، فهي تعطينا باليوم الواحد 150 وحدة، ولكن الهدف هو أن نصل إلى 600 وحدة، وهذا مثال لنتصور كم نحن بحاجة للفيتامين يومياً"، مضيفة أن "الحليب والأجبان والحبوب والشوفان تدعم بالفيتامين، وأهم مصادره الأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين، والأهم أن يتناولها الشخص العظم مثل سمك (البزري) كون الفيتامين يتركز فيه وأيضاً الكبد، فإذا تعرض الجسم لأشعة الشمس وتم تناول كمية مناسبة من الأطعمة المدعمة بالفيتامين لن يحتاج للمكمل الغذائي، ولكن إذا كان الشخص لا يتعرض للشمس ونظامه الغذائي يفتقر للفيتامين، سيكون مجبراً على تناول مكمل غذائياً يحتوي هذا الفيتامين".
وعن أنواع المكملات الموجودة في الأسواق قالت "هناك نوعان من المكملات الغذائية هي فيتامين د 3 وفيتامين د 2، والفرق بينهما أن فيتامين د 2 مصدره نباتي أي مناسب للذين يتبعون نظاماً غذائياً نباتياً، هذا النوع موجود في الفطر، أما الفيتامين د 3 فمصدره حيواني وهو نفس المركب الذي يصنّع في جسم الإنسان، والأطباء ينصحون بين 1000 و2000 وحدة دولية، في اليوم للشخص الذي يكون لديه نقص في الفيتامين، أما الأشخاص الأكثر عرضة لنقص الفيتامين هم النباتيون الذي لا يتناولون طعاماً من مصدر حيواني وأولئك الذين يعاونون من مشاكل في الجهاز الهضمي، فهناك بعض الأمراض تمنع أجسادنا من امتصاص الدهون، كأولئك الذين لديهم حساسية تجاه بروتين "غلوتين" Gluten الموجود في القمح أو مرض السيلياك الناتج عن الحساسية المفرطة تجاه بروتين الغلوتين، ومرض الكرون أو مرض التهاب الأمعاء، وهناك من لديهم زيادة في الوزن وهذا أمر لا يعرفه كثيرون أو ما يسمى السمنة المفرطة فهؤلاء تكون لديهم مشكلة ناجمة عن تخزين الفيتامين في الخلايا أو الأنسجة الدهنية، وكثرة الدهون تمنع تسربه إلى الدم، وهؤلاء الأشخاص أكثر عرضة لنقص فيتامين د، والجدير ذكره أن نقصه قد يؤدي إلى زيادة الوزن، فضلاً عن الأشخاص الذي لديهم مشاكل في الكلى التي تعد جهاز رئيسي لتفعيل الفيتامين في الجسم، وإلى جانب ذلك هناك الأشخاص ذوي البشرة الداكنة ويكون الميلانين مرتفعاً في أجسادهم، فالميلانين يمنع امتصاص الفيتامين إلى حدود 90%".
وعن استهلاك كميات كبيرة من فيتامين "د" بينت "زيادة كمية الاستهلاك عن 4 آلاف وحدة دولية يومياً يتسبب بحالة تسمم، ويفضل ألا تتجاوز الكمية ألف أو ألفي وحدة يومياً في حالة النقص بالفيتامين، و600 وحدة في الحالة الطبيعية ومن هم تحت سن السبعين عاماً فهذه الكمية تعتبر كافية، أما الأشخاص فوق هذا العمر يحتاجون إلى 800 وحدة يومياً للوقاية من هشاشة العظام والكسور".
أما عن تأثير الحالة النفسية على امتصاص الفيتامين أو العكس قالت هديل بو سعيد "أثبتت الدراسات أن العامل النفسي له تأثير على امتصاص العديد من الفيتامينات والمعادن، خصوصاً هرمون الكورتيزول المرافق لهذه الحالات ويتسبب بحالات وأعراض مرضية عدة في الجسم، فلا دراسة محددة لارتباط هذا الأمر بالفيتامين د أو العكس، لكن حالات القلق والتوتر يرتبطان بهرمون الكورتيزول الذي يتسبب بنقص امتصاص الفيتامين إلى حدود معينة".
وعن الحالات المرضية التي تستدعي أخذ كميات أكبر من فيتامين "د" كمكملات أوضحت "يعود ذلك للحالة المرضية التي يعاني منها الشخص، فمثلاً إن كان هناك مشاكل في الكلى فمن الضروري الحذر، فلا يمكن أن نعطي أكثر من ألفي وحدة يومياً، وإن كان مريض سكري خصوصاً من النوع الثاني أو أمراض قلب كالضغط أو أمراض سرطانية أو عسر الهضم والقولون العصبي IBS فمن الممكن أن يكون لديهم نقصاً في هذا الفيتامين بسبب سوء امتصاصه، خصوصاً أن هذا الفيتامين يقوي المناعة في كثير من الحالات السابقة والتي تستدعي أخذ مكملات لتعويض هذا النقص، مع ضرورة إجراء فحوصات مخبرية قبل أخذ المكملات الغذائية خاصة تلك التي تعوض نقص فيتامين د، أما أعراض التسمم بسبب زيادة الجرعات بفيتامين د فهي قلة الشهية ونقصان في الوزن وزيادة عدد ضربات القلب، وهناك دراسات أكدت أن زيادة نسبة فيتامين د تسبب ترسب الكالسيوم إلى الأعضاء الحيوية مثل القلب والكلى أي تصلب الشرايين"، مؤكدة أن الوقت المناسب لتناول مكملات الفيتامين هي ساعات الصباح أو بعد وجبة الغداء وخاصة بعد الوجبات عالية المحتوى من الدهون كونه يذوب فيها ليتعزز امتصاصه بصورة أفضل.
وبالنسبة للأعراض المرئية والمحسوسة لنقص الفيتامين أشارت إلى "قلق وأوجاع في المفاصل والعظام، وطاقة منخفضة وعدم القدرة على التركيز وتساقط في الشعر وعادة ما يلجأ الشخص لمكملات الزنك، ولكن نقص هذا الفيتامين يتسبب بهذا الأمر أيضاً، ومن الأعراض أنه في حالة ممارسة الرياضة يتجمع حامض اللاكتيك ويشعر المصاب بالألم والذي يتلاشى خلال 6 وحتى 12 ساعة، أما من يعاني من نقص بفيتامين د فالألم يمتد لأيام، كما يعاني من أعراض مرئية وهي انتفاخ وسواد تحت العينين".
وعن ارتباط الفيتامين "د" بالغدد بينت أنه "لدينا هرمون الباراثايرويد، مصدره غدد مجاورة للغدة الدرقية، وظيفته تعزيز امتصاص الكالسيوم من الكلى والأمعاء، وبالتالي هناك تأثير على كافة أعضاء الجسم ومنها الغدد للتوازن وإعادة امتصاص مختلف العناصر الغذائية وخاصة الكالسيوم من الجهاز الهضمي لمنع النقص في كافة المغذيات الأساسية ومنها فيتامين د لصحة العظام".
واختتمت أخصائية التغذية العلاجية هديل بو سعيد حديثها بالإشارة إلى احتياجات النساء للفيتامين "د" قائلةً "كل فئة عمرية معينة للنساء هي مرشحة للمعاناة من نقص فيتامين د، خاصة الحوامل فالطفل يستمد هذا الفيتامين من مخزونات جسم والدته مثلما يحصل على الكالسيوم في حال كان غذاءها لا يحتوي على هذا العنصر، وهذا يعرضها لخطر الإصابة بهشاشة العظام، وهو ما يحصل أيضاً في سن الأمل (بعد انقطاع العادة الشهرية)، وهشاشة العظام لا رجعة عنه، وهذا يعرض الجسم للإصابة بالكسور وأمراض المفاصل".