تغريد العمور أول معلقة رياضية في فلسطين
في ساحة منزلها الواسعة كبرت تغريد العمور ذات (42) عاماً على حب الرياضة بجميع أنواعها وخاصة كرة القدم التي كان يتقنها والدها ويدربها عليها هي وأشقائها في كل يوم لخوض مباريات تماثل تلك التي يشاهدونها عبر التلفاز
رفيف اسليم
غزة- , لتتقن مع مرور السنوات قواعد اللعبةـ وتتحول من مجرد هاوية لمتخصصة بالإعلام الرياضي، قادرة على خوض تجربة التعليق على مباراة كاملة الأركان, وحاصدة بذلك لقب أول معلقة رياضية في فلسطين.
تقول عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الإعلام الرياضي وعضو مجلس إدارة نادي الهلال الرياضي الفلسطيني تغريد العمور لوكالتنا, أن الانتماء الرياضي المختلف لوالدتها ووالدها في تشجيع الناديين الأهلي والزمالك هو السبب الرئيسي في زرع حب لعبة كرة القدم في نفسها, فتلك المشاجرات المضحكة التي تتم بين الطرفين بعد كل مباراة هي من كانت تفتح الباب الواسع للأسئلة والنقاشات بين أفراد العائلة فيتحول المنزل بأكمله لاستديو تحليلي.
وتبين تغريد العمور بأن تعلق والدها بمباريات كرة القدم لم يقتصر على مشاهدة التلفاز فقط بل تخطى الأمر ذلك بكثير فأصبح يسافر من دولة لأخرى ليشجع منتخبه المفضل, ففي إحدى السنوات قطع عدة تذاكر للعائلة بأكملها حتى يشاهدوا المنتخب العراقي في مواجهة المنتخب اللبناني بالأردن, لافتةً أن تلك المشاهدات الحية لأعرق مباريات المنتخبات بالدول العربية هي من جعلتها تتقن كيف تدار المباراة كاملة بالملعب.
وتستذكر تغريد العمور أن من المواقف الطريفة التي حدثت معها أثناء طفولتها في السعودية عندما جمعت الفتيات في ساحة المدرسة ليعدن تمثيل مباراة الهلال السعودي في كأس دوري خادم الحرمين الشريفين, الأمر الذي لم يروق لمديرة المدرسة واستدعت على إثره والدها, مشيرة أن التهكم بدى على ملامح مديرتها وهي تراقب ضحكة والدها التي رافقتها نظرة فخر بدلاً من توبيخها وهو يحاول أن يشرح للمدرسة عن طبيعة تلك الرياضة في حياة الأسرة وأن لعب كرة القدم ليس شيء معيب للفتيات ويستدعي معاقبتهن.
وتشير تغريد العمور أن مع مرور السنوات اضطرت هي وعائلتها للرجوع إلى موطنهم الأصلي مدينة غزة، لكن العائلة لم تغير نمط حياتها الرياضي الذي بسببه التحق شقيقها اسماعيل إلى نادي المشتل ليمثل فلسطين في منتخبها بالنرويج ثم استمر في مباريات الضفة الغربية, مكملة أن ذلك الأمر جعلها تتمسك بالرياضة أكثر لتتخصص خلال دراستها الجامعية بالإعلام الرياضي، وتصبح ضمن أوائل وأبرز صحفيات الرياضة في قطاع غزة.
فسرى الأمر بتتابع حسب ما أخبرتنا تغريد العمور، فالبداية كانت تقديم فقرة رياضية ضمن برنامج إذاعي صباحي لتغطية كأس العالم عام 2010، ثم تطور الأمر خلال أربعة سنوات لتصبح المدير التنفيذي للإذاعة وهي أول مدير امرأة لإذاعة رياضية في قطاع غزة, لافتةً أنها خلال عام 2016 رغبت في نقل تجربتها للتلفزيون الفلسطيني فكانت أول من تدير استديو تحليلي رياضي في قناة هنا القدس المحلية كما قدمت برنامج رياضي "هنا سبورت".
تلك التجارب الناجحة وظهورها المستمر على الساحة الإعلامية كان الدافع الأساسي لاختيارها كي تعلق على مباراة كروية تجمع قادة الفصائل الفلسطينية, فتقول تغريد العمور أن تلك المبادرة جاءت لتعزيز دور المرأة في صنع القرار لمؤسسة مفتاح فكان التحكيم والتعليق لامرأة, لافتة بالرغم من أنها كانت تأمل أن تفتح لها تلك التجربة نطاقات أوسع لكنها بقيت كما هي ولم يزيد الاهتمام عن كونها معلقة لمباراة واحدة مع أنها أثبتت جدارتها.
وتضيف تغريد العمور أن التعليق على مباراة ذات طابع سياسي لم يكن سهلاً، فالأمر يتطلب ثقافة واسعة عن قواعد اللعب ومعلومات عن اللاعبين من كلا الفصلين، وربط تاريخي بين الأحداث لتدمج مع أحداث المباراة وبأن تمتلك القيادة ما بين هدف المباراة ومسارها, مكملة أن الجمهور كان متفاعل معها ولأول مرة لم ينزعج كون من يقودهم امرأة كما أن اللاعبين أيضاً كان تركزيهم معها بالرغم من انخراطهم باللعب وقد تلقت في ذلك اليوم العديد من التعليقات الايجابية بشأن التعليق على المباراة.
وتلفت تغريد العمور أن تلك التجارب كسرت احتكار الرجال سواء للتعليق على المباريات أو الاستحواذ على شاشات التلفاز لإدارة الاستديو التحليلي وبينت أن المرأة تستطيع تقديم كافة الفنون الصحفية من الكتابة للتقديم للإلقاء, مشيرة أنها لم تواجه أي تحديات خلال عملها طوال تلك السنوات بل كان كل من يستمع لها أو يشاهدها يشجها على أسلوبها وأيضاً مراعاتها التنوع بالعرض للمحتوى الذي تقدمه.
وتوجه تغريد العمور نصيحتها للصحفيات المقبلات على التخصص بالمجال الرياضي أن هذا المجال واسع جداً ويشمل داخله عدة تخصصات أخرى كـ "كرة سلة, قدم", لذلك يجب على من تتخصص به أن تكون متابعة جيدة وذات ثقافة واسعة لأن المتلقي الرياضي فطن جداً وقادر على توقع الكثير ويتساءل دوماً ما الجديد الذي سيقدم, مختتمة أن طموحها هو أن تصبح معلقة في قنوات عربية وعالمية ولمباريات مختلفة ذات يوم.