مريم لطيف: النجاح في الحياة لا يعتمد على الحظ بل يعتمد على التحدّي

لم تتردّد النساء الرياضيات في تونس منذ عام 2011 على وصف واقع الرياضة النسائية بالمأساوي

'النجاح في الحياة لا يعتمد على الحظ بل يعتمد على التحدي'
 
زهور المشرقي 
تونس ـ ، أو على طريق الاندثار خاصةً مع مختلف الأزمات التي عاشتها البلاد اقتصادياً وسياسياً والتي مسّت المجال الرياضي والمرأة بشكل خاص، حيث برزت التقارير أن النساء هن الأكثر تضرراً من مختلف المشكلات.
وتستند الرياضيات في تحليل واقعهن على ما تعيشه الجمعيات الرياضية النسائية من صعوبات مالية حادة قادت الكثير منها إلى تجميد أنشطتها، حيث لم تعد الرياضة النسائية محل متابعة فيما تواصل التركيز على كرة القدم والسلّة وغيرها في صنفها الرجالي ويوكل لها الدعم المضاعف. 
وتقول المعطيات الرسمية أن كرة السلّة تستقطب عدداً لا بأس به من الفتيات تليها رياضة كرة الطائرة والجيدو، وهي مجموعة من المشكلات التي ذكرتها لاعبة كرة السلة التونسية مريم لطيّف في حديث مع وكالتنا.
مريم لطيف البالغة من العمر 28 عاماً من مواليد محافظة سوسة في الساحل التونسي، شابة أغرمت بكرة السلة منذ نعومة أظافرها، حققت حلمها بأن تصبح لاعبة كرة السلّة التي كانت ولازالت محتكرة من قبل الرجال في البلاد. 
تقول مريم لطيف التي تمسكت بطموحها في كل خطوة كانت تخطوها، بإرادة قوية وخطوات ثابتة، دون أن تسمح للكلمات غير المشجعة أن تتسلل إلى داخلها، وتجعلها تتراجع عن تحقيق حلمها الطفولي، وحتى عندما تكون وسط الملعب وهي تمسك الكرة، فإنها تعمل بكل جهدها لتنجح وباقي اللاعبات في مهمتهن، "حلمي أن أكون لاعبة كرة سلة راودني منذ الصغر، لكني لم أكن أعرف كيف أمارسها، لشدة حبي لهذه الرياضة كنت على ثقة أنه سيأتي يوم ويتحقق هذا الحلم خاصةً بعدما وجدت دعماً وتشجيعاً كبيرين من قبل عائلتي".
وأضافت "لقد انضممت إلى نادي لكرة السلة من أجل التدريب، ومن هناك كانت البداية وها أنا اليوم أحتل المركز الرابع - الخامس في ترتيبي ضمن فريقي الأول والحالي النجم الرياضي الساحلي"، موضحةً أن انضمامها للفريق كان بمحض صدفة "بعد أن تم اختياري من قبل إحدى المدربات رأت أن طول قامتي مناسب لممارسة رياضة كرة السلة رغم أنني كنت في العاشرة من العمر فقط، خضعت لاختبار صغير لأتمكن من الانضمام".
تمكنت مريم لطيف من اكتساب خبرة في مجالها، وأصبحت من اللاعبات المتميزات في كرة السلة ضمن فريقها، كما أنه بفعل احتكاكها بفعاليات رياضية ومتابعتها للشأن الرياضي الوطني، وانطلاقاً من موقعها كذلك تمكنت من تكوين فكرة عن المشاكل التي يعرفها قطاع الرياضة النسائية في تونس، الرياضة النسائية في تونس مظلومة ويواجه القطاع صعوبات في أكثر من مجال أبزرها ضعف الدعم المالي المخصص للمواهب مقابل استئثار الرياضة الرجالية بالاهتمام الأكبر، ما زاد من تعميق أزمة هذا المجال وتراجعه في السنوات الأخيرة".
وأوضحت أن عدم تمكين الإمكانيات اللوجستية وغياب الدعم الحكومي بسبب احتكار الرياضيين الرجال مختلف أنواع الرياضة من أبرز الصعوبات التي تعيشها الرياضة النسائية في تونس، إضافةً إلى النظرة الدونية التي لازالت تلاحق بعض أنواع الرياضة على غرار كرة السلة وتفضيل مشاهدة الرجال على النساء في البطولات المحلية والدولية.
وعن ظاهرة هجرة الرياضيات وقبول اللاعبات العروض من قبل المنتخبات الدولية تقول "لم تعد البطولات المحلية تستهوي بعض اللاعبات خاصة مع حرمان بعض اللاعبات من أجورهن ودعم الدولة اللاعبين الذكور أكثر وتفضيلهم"، مشيرةً إلى أن "الأولوية لا تتمثّل في توفير الإمكانيات كالتدريب والقاعات، بل توفير الدعم المالي الكافي لتحفيزهن وإيجاد الظروف المناسبة لتألقهن دولياً خاصةً وأن تونس رائدة عربياً في الرياضات النسائية".
وأوضحت أن "لا يمكن أن ننسى أن هناك أسماء فرضت اسمها في الرياضة النسوية التونسية، هناك لاعبات حققن الكثير كاللاعبة حبيبة الغريبة والمصارعة مروى العامري والعداءة سميّة بوسعيد، وبالتأكيد نجاحاتهن تترجم مدى جدية اللاعبات من مختلف الأصناف في التميز برغم الظروف الصعبة".
وشددت على أنه رغم الصعوبات التي تعرفها الرياضات النسوية في تونس، إلا أن هناك تقدم لا يمكن إنكاره يتجه بالرياضات النسائية إلى مسارها الصحيح، "المساعي مستمرة لتشجيع النساء على اقتحام المجال الرياضي، فاللاعبات التونسيات حققن أرقاماً قياسية، لكن في المقابل يظل حضورها في مواقع صنع القرار الرياضي ضعيفاً".
ودعت إلى زيادة عدد النوادي الرياضية الخاصة بالرياضة النسائية حتى تجد النساء نصيبهن في ممارسة رياضتهن المفضّلة، لافتةً إلى غياب تشييد نواد رياضية في المناطق الداخلية، وهو من الملفات التي وجب إيلائها أهمية قصوى، مشددة على ضرورة إلى سن وزارة الشباب والرياضة آليات لمعالجة تلك المشاكل.
وبرغم تلك الصعوبات التي ذكرتها مريم لطيف إلاّ أنها متمسكة بمواصلة مسيرتها والعمل على تشريف تونس وتحسين مردودها الرياضي، موجهةً رسالة إلى الفتيات والنساء اللواتي يحملن في الانخراط بالمجال الرياضي قائلةً "على كل فتاة تحب أن تمارس أي رياضة، لا تأبه لكل ما يقال لها من قبيل أن احتراف الرياضة ليس شأناً للنساء وأن النجاح في أي رياضة هو من نصيب الرجل، وأن المرأة لا يمكنها تحقيق ذلك، عليهن ألا يلتفتن إلى ذلك، ويمضين نحو تحقيق حلمهن، فلا يوجد هناك رياضة للنساء وأخرى للرجال، فما عليهن إلا أن يرفعن التحدي، ويسعين نحو الاحتراف، وينتسبن للنوادي الرياضية من أجل صقل الموهبة وبالتالي السعي لبلوغ الهدف مهما كانت صعوبته"، مؤكدةً أن "النجاح في الحياة لا يعتمد على الحظ بل يعتمد على التحدّي والقوة والاستمرار لتحقيق الحلم".
وأوصت مريم لطيف في ختام حديثها النساء والفتيات بالبدء في ممارسة الرياضة لأهميتها في الحفاظ على صحتهن ولياقتهن البدنية، "بغض النظر عن كوني لاعبة كرة سلة وأني أمارس الرياضة من أجل التدريب اليومي لخوض البطولات الوطنية، ومسؤولة عن فريق أحمل اسمه وقميصه، ومهمتي رفع راية بلدي، إلا أن الرياضة جعلتني متميّزة وصبورة وأكسبتني لياقة كبيرة وغيرت من حياتي تماماً، وأصبح الوقت مهماً بالنسبة لي، كما أنه خلال ممارسة الرياضة يتم تفريغ كل الطاقة السلبية، وشحن الجسم بكل ما هو إيجابي، لهذا فهي مهمة لكل امرأة مهما كانت تبلغ من العمر".