من خلال رياضة الترايثلون تسعيان لتمثيل بلادهما في بطولات عالمية

تسعى الشقيقتان بيسان وأسيل بكر أول فتاتين مارستا رياضة "الترايثلون" في قطاع غزة، لخوض بطولات دولية لرياضة مائية تحتاج قوة بدنية كبيرة خارج فلسطين بالرغم من شح الإمكانات

رفيف اسليم
غزة ـ
لم تكن الرياضة المائية أمر غريب بالنسبة للشقيقتين بيسان وأسيل بكر فعمل والدهما كصياد جعلهما تعتادان منذ الطفولة على السباحة والغطس الحر والإبحار عبر قوارب الصيد، لتنميا تلك الموهبة من خلال نوادي خاصة أرشدتهما للمشاركة في المباريات المحلية أو الدولية، وهذا ما أهلهما لنيل كأسي الإنجاز لعام 2021، من اللجنة الأولمبية الفلسطينية والاتحاد الفلسطيني للشراع والتجذيف. 
المركز الأول والثاني كانا من نصيب الشقيقتين بيسان وأسيل بكر، تقول بيسان بكر البالغة من العمر (18) عاماً والحاصلة على المركز الأول، أنها تفاجأت بالفوز لأنه لم يوافق تخمينات والدها التي نادراً ما تفشل، لافتةً إلى أنها استطاعت التغلب على الجميع وخاصةً الشبان المشاركين معها في رياضة مائية تحتاج قوة بدنية كبيرة لدفع القارب وتعتمد على تحريك مجدافين للوصول إلى نقطة الصفر التي كانت تنتظرها اللجنة مقابلها. 
تقول بيسان بكر وهي تذكر تفاصيل خوضها السباق، إن المشهد كان مهيباً فبعد مدة طويلة من التجديف تكاد لا تذكرها نظرت حولها فلم تجد أي مركب فأيقنت حينها أنها حصلت على المركز الأول لتظهر أختها بعد فترة وجيزة ومن ثم باقي المتسابقين، لافتةً إلى أن أول ما رغبت في مشاهدته عند الفوز هو ملامح والدها الذي كان ينظر إليها ولأختها بفخر وكأنهما معجزتان سقطتا من السماء ليسارع بتسلم الجائزة معهما والتقاط أول صورة لإنجازه.
وبالرجوع في الزمن قليلاً لم تكن تلك المسابقة الأولى لبيسان بكر أو أختها، فقد سبق لهما المشاركة في مسابقة الشراع والتي تختلف عن التجديف بأنها تحتاج لقوة ذهنية أكثر من العضلية في كيفية توجيه الشراع مع اتجاه الريح وليس عكسه للعمل على تحريك القارب، مشيرةً إلى أن جميع القوارب التي شاركن بها هي قوارب صيد غير مخصصة لممارسة أي نوع من أنواع الرياضة وذلك ما يجعل الفوز أصعب.
وأوضحت أن نجاحها في البطولات التي تشارك بها جعلها تحظى باحترام زميلاتها بالمدرسة ومعلماتها اللواتي يعتبرنها حالة خاصة فيساعدنها في الدراسة ويتفقن معها على وقت معين لإجراء الاختبارات، مشيرةً إلى أنها تحاول تعويض ما يفوتها خلال التحاقها بالتدريبات بمساعدة الدروس الخصوصية والدراسة المكثفة خاصةً في ساعات الفجر. 
وتستعد بيسان بكر للتقدم إلى امتحانات الثانوية العامة في فلسطين بعد عدة أشهر، منوهةً أنها تحاول وضع جدول دراسي لتعويض ما فاتها من الوقت بمساعدة والدتها التي تعتبر الدراسة أهم من البطولات والجوائز التي تحرزها ابنتها وتراجع معها ما تحفظه من معلومات للتأكد من مراجعتها لغالبية المنهاج المقرر لديها.
كما أنها ستمثل فلسطين في الإمارات، فتشير والسعادة ترتسم على وجهها أنه تم اختيارها من قبل مدير الاتحاد الفلسطيني للمشاركة في البطولة العربية للتجديف، مرجعةً الفضل فيما وصلت إليه لوالدها الذي جعلها تتقن جميع أنواع الرياضات البحرية وهي طفلة.
فاليوم بيسان بكر لا تشارك في المسابقات فحسب بل أصبحت مدربة دولية حائزة على رخصة تحكيم للسباحة في أي دولة من دول العالم على حد قولها، موضحةً أن الأمر بدأ منذ أن علمها والدها السباحة في البحر ومن ثم في البرك الاصطناعية لتلتحق بدورة تدريبية في أحد المراكز بقطاع غزة وتتفوق على جميع زميلاتها بوقت قصير مما دفع المدرب لمنحها فرصة تدريب عدد من الراغبين بالالتحاق في دورات تعلم السباحة منهم نساء وأطفال.
ولم تكن قيود المجتمع وتعليقاته الساخرة تارة والجارحة والمنتقدة تارة أخرى، كونهما فتاتان تركضان وتركبان الدراجات الهوائية وتمارسا رياضة السباحة، حاجزاً أمامهما، فبعزيمتهما وبدعم والدهما فرضتا على المجتمع تقبلهما، وأشارت بيسان بكر إلى أن العديد من النساء اليوم يدعمنهما فيركضن في الصباح الباكر برفقتهما على الكورنيش ويسألن على أماكن جيدة لممارسة الرياضة وإجراء بعض التدريبات لركوب الدراجة. 
وترجع أسيل بكر البالغة من العمر (14) عاماً، سبب فوزها وشقيقتها بالمسابقات التي شاركتا بها إلى النظام الصحي المتبع لديهما في العائلة فللطعام مثلاً أنواع وتواقيت خاصة والرياضة جزء أساسي ففي الصباح ركض وفي منتصف اليوم نط الحبل والسير في نهاية اليوم، لتصبح أجسادهما باللياقة التي عليها الآن، لافتةً أن والدتهما تتابعهما في تطبيقه إضافةً إلى دراستهما التي تحرص كل الحرص على عدم إهمالهما لها في ظل التدريبات والبطولات.
أما عن المشاركة في التدريبات تلفت أسيل بكر إلى أن فيروس كورونا عطل تدريباتهما لفترة طويلة كما جعلها تعتذر عن المشاركة في مسابقة دولية بالكويت لرياضة الترايثلون التي تتضمن ثلاث مراحل "السباحة، قيادة الدراجة، الجري"، التي احترفتها بعمر صغيرة مما جعلها تصبح محط اهتمام الأندية الرياضية التي كانت تتسابق كي تضمها إلى فرقها وتصبح ضمن أعضائها، منوهةً أنهما أول فتاتين تمارسان تلك الرياضة في قطاع غزة، وأشارت إلى أن الجهات المختصة في قطاع غزة فتحت الميناء من جديد في الفترة الحالية لتعود جميع التدريبات كما كانت قبل كورونا.
وتسعى الشقيقتان لخوض بطولات دولية خارج فلسطين يمثلن فيها بلادهما، بالرغم من شح الإمكانات، وافتقار قطاع غزة لمعدات كثيرة يحتجنها خلال التدريبات "عدم توافر الأدوات المناسبة لممارسة رياضة التجذيف أو الشراع مشكلة أكبر من نظرة المجتمع لنا، فالقوارب التي نتدرب بها لا تصلح للمشاركة بمسابقات دولية".