الإعلام الإيراني يحرم كرة القدم النسائية حقوقها

لقد كانت وجهة نظر النظام الإيراني بشأن الرياضة وكرة القدم دائماً وجهة نظر أمنية، وقد حاول جعل الأندية تعتمد اقتصادياً على الحكومة من أجل فرض السيطرة الكاملة عليها.

كلارا جيلاني

كرماشان ـ كرة القدم الإيرانية نسخة غير مكتملة، وهي متخلفة عن كرة القدم التجارية والصناعية في العالم الغربي، ففي إيران، كانت تمارس كرة القدم كرياضة ونشاط اجتماعي وإنساني ممتع وبناءً بعيداً عن المعايير الرأسمالية، وحتى المعايير الموجهة نحو الربح في العالم الرأسمالي لا يتم تنفيذها وتكييفها بشكل جيد.

هذه النسخة غير المكتملة تمنع الرياضيين/ات من ممارسة الرياضة بإرادة موجهة نحو المتعة التجريبية، وفي الواقع، تم استبدال "القيمة التبادلية" والموجهة للربح بـ "القيمة التجريبية" والإنسانية، وهذا يعني أن الرياضيين/ات في إيران محرومون/ات من الدخل والرواتب، ومن التسهيلات والحقوق الممنوحة في العالم.

وبالنظر إلى حقيقة أن الرياضة الاحترافية في إيران مملوكة للسلطة وعدم وجود خصخصة في معظم مجالات المجتمع، فإن هذا التقليد للعالم الرأسمالي ورياضاته التجارية والصناعية سيبقى ناقصاً تماماً وسيكون له العديد من النتائج السلبية منها فقر الرياضيين/ات والأندية، ونقص المرافق، وانعدام الأمن الوظيفي، والهجرة القسرية.

 

الحرمان من حقوق البث المباشر

ترفض إذاعة السلطات الإيرانية البث المباشر للمباريات الرياضية النسائية، وخاصة في كرة القدم، وفي هذه النقطة يكمن الشريان الرئيسي للتمييز والقمع ضد الرياضة النسائية، فأكبر مصدر للدخل لكرة القدم والرياضة حول العالم هو حق البث المباشر وحق بث المباريات دون الاتصال بالإنترنت.

يجلب هذا المصدر إيرادات ضخمة للأندية في جميع أنحاء العالم، لكن بالنظر إلى أن وسائل الإعلام في إيران تخضع لاحتكار الحكومة وكذلك وسائل الإعلام الخاصة فلا يُسمح لها بالعمل، كما يرفض الإعلام الحكومي بث المباريات النسائية على الهواء مباشرة، لذلك فأندية كرة القدم النسائية محرومة من أكبر مصدر دخل لها.

 

جعل المرأة غير مرئية

على الرغم من وجود راديو وتلفزيون في كرة القدم للرجال، لا يدفع النظام الإيراني الحصة الحقيقية لأندية كرة القدم من دخل حق البث المباشر لمبارياتها، ويرفض الوفاء بهذا الحق بالتنمر لعدة عقود، ولكن في كرة القدم للرجال، على أية حال، هناك بث مباشر للمباريات، مما يضخ دخلاً نسبياً في كرة القدم للرجال.

وفي الوقت نفسه، في حالة كرة القدم النسائية، لا تمتنع هيئة البث عن البث المباشر فحسب، بل ترفض أيضاً بث المباريات النسائية دون الاتصال بالإنترنت، وحتى أن تسليط الضوء على صور كرة القدم النسائية واختيارها في البرامج الإخبارية نادراً ما يحدث، وغالباً ما يقتصر الأمر على نشر صورة غير مفهومة.

هذه القضية تجعلها غير مرئية حتى من الناحية الاجتماعية، ونتيجة لذلك تعاني الأندية وكرة القدم النسائية بشكل عام ضغوط وانتهاكات.

 

إعلانات على القميص وعلى جوانب الملعب

تمثل حقوق البث المباشر وغير المباشر ما متوسطه 60% من دخل أندية كرة القدم في جميع أنحاء العالم، وحرمان كرة القدم النسائية الإيرانية من مصدر الدخل هذا يجبرها على التفكير في مصادر الـ 40% المتبقية.

 لكن في هذا المجال الوضع هو نفسه 20-30% من الإيرادات المشتركة في كرة القدم العالمية تأتي من الإعلانات على القميص وعلى جوانب الملعب، لكن هذه الإعلانات تعتمد أيضاً على حق البث المباشر، أي أنه طالما لم يتم بث المباريات على الهواء مباشرة، فلن تتمكن من جذب مثل هذه الإعلانات، ولن تكون أي شركة على استعداد لدفع ثمن هذه الإعلانات، لأنها تحتاج إلى رؤيتها.

 

بيع القمصان وحقوق النشر في إيران

يرتبط جزء آخر من دخل كرة القدم ببيع القمصان، ففي إيران، لا يتم احترام حقوق الطبع والنشر ليس فقط في كرة القدم والرياضة، بل في كل المجالات، كما لا يتمتع الفنانون/ات في مجالات السينما والمسرح والموسيقى وغيرها من الفنون البصرية والكتّاب والمترجمين/ات والناشرين/ات والباحثين/ات والمخترعين/ات وغيرهم بأي أمان وظيفي في غياب هذا الحق.

وتطلب حقوق الطبع والنشر حماية قانونية وضمانة تنفيذية يمكنها منع الاستخدام غير القانوني للإنتاج المهني في المجالات الفنية والعلمية والصناعية، وهو أمر تم نسيانه في إيران منذ سنوات ولا يوجد أمل في تنفيذه، في مثل هذه الحالة، لا يمكن للخيارات التجارية مثل بيع قمصان اللاعبين/ات والعلامات التجارية أن تكون مصدر دخل فعال، ولن تكون نتيجة كل هذه العوامل سوى إبقاء كرة القدم سيئة وآلاف الشباب مليئين بالآمال والأحلام.

 

الخوف من استقلال الأندية النسائية

بشكل عام، استراتيجية النظام الإيراني خلال هذه العقود فيما يتعلق بالرياضة على وجه الخصوص الرياضة الشعبية مثل كرة القدم، هي محاولة إبقاء الأندية واللاعبين/ات تحت سيطرتها، كون هذا النظام يعلم أن الرياضات الشعبية تتمتع بإمكانات اجتماعية عالية تمكنها من تعبئة ملايين الأشخاص من أجل قضية ما.

ولهذا السبب، كانت نظرة النظام للرياضة وكرة القدم دائماً هي وجهة نظر أمنية، وحاول جعلها تابعة للحكومة اقتصادياً من أجل السيطرة الكاملة على الأندية، حتى الآن نرى المصانع فقط والممتلكات الحكومية الكبيرة لديها القدرة على امتلاك الأندية منها مصانع مبارك سباهان للصلب، ومصهر الحديد في أصفهان، وصلب خوزستان، وميس كرمان، ومس رفسنجان، وإيران خودرو، وسايبا، وغيرها، وجميعها تعتبر شركات حكومية أو خاصة؛ لقد وسعوا هيمنتهم على الرياضة الإيرانية حتى أصبحت الحكومة (أي صاحبة هذه الصناعات والشركات) تتمتع بالسيطرة الكاملة على الرياضة.

هذا النظام لن يسمح بوجود أي نادي خاص، ومصيرها جميعاً هو الدمار والتصفية بعد سنوات قليلة من إنشائها، وكيف يمكن لنادٍ خاص تم حظر جميع طرقه لكسب المال وغير قادر على الحصول على حقوقه من هيئة البث أو التنافس العادل مع الأندية الحكومية والخاصة، أن يتمكن من البقاء وتوفير حياة أفضل للاعبين/ات؟