كتاب غروب وكتابة
مجموعة قصصية تعرض وحشة اغتراب الإنسان عن ذاته، وخاصةً المرأة التي تستيقظ في وقت متأخر لتجد نفسها كانت ضحيا نظرة الناس والعادات والتقاليد.
هيفاء باسيل بيطار قاصة وروائية سورية، تعمل طبيبة اختصاصية في أمراض العيون وجراحتها، وهي من مواليد عام 1960، لها أعمال روائية وقصصية كثيرة.
تناولت في مجموعتها القصصية التي حملت عنوان "غروب وكتابة" موضوع الشعور بالوحدة ومرور الزمن وبعض مجالات اغوار النفس البشرية بكثير من التحليل النفسي والفكري.
كتبت عملها هذا بفيض من المشاعر حين صورت الوحدة والحزن الذين رافقة تجارب المرأة في هذا الكتاب الذي نشر عام 2010 عن دار العربية للعلوم ناشرون.
اتصفت القصص التي روتها الكاتبة في عملها بالاتساع أي ليس لها زمان أو مكان محدد، لكنها كشفت معانٍ للحياة بشكل أكثر عمقاً ووضوحاً، من خلال حالات إنسانية وهي اشبه برحلات متفاوتة المسافات، ولتسلط الضوء على ما تخفيه النفس البشرية من غربة في كل روح عاشت ما يكفيها من المعاناة.
كشفت الكاتبة مخابئ الذات البشرية التي تقود أي شخص إلى أحد الطريقين أما أن يتصالح مع ذاته ويقبل الحياة كما هي أو أن يتمرد ويتغير، وهذا هو حال المرأة العربية التي رسمت لها الأعراف والتقاليد صورة المرأة المطيعة والمتفانية والمخلصة في خدمة الزوج والأولاد، ولكن لا تلبث كثيراً ألا أن تصدمها الحياة بقسوتها وزيفها، كما في قصة "امرأة من غيم" اختارت هذه المرأة أن تبقى وحيدة كغيمة تشبهها تماماً كما تقول، بعد أن قرر زوجها أن يبدأ حياته من جديد مع امرأة أخرى وهو في منتصف عمره، وفي مثل هذا المواقف تسقط الجمرة على قلب المرأة لتوقظها على الحقيقة المرة التي كانت غافلة عنها لسنوات، حين كان اهم شيء في حياتها الناس والعادات والتقاليد.
أما في قصة "إلى روح أحمد" تنبِّه الأديبة إلى أهمية الرقابة على أرواح البشر في المستشفيات الحكومية في غالبية البلدان العربية، فالإهمال والاستهتار بحياة البشر بات سمة في مستشفيات الطبقة المتوسطة والفقيرة، حيث يقع سنوياً عدد ليس بقليل ضحايا الأخطاء الطبية في المشافي الحكومية التي ذاع صيتها بعدم المبالاة والإهمال من قبل الأطباء والممرضين.
فيما قرعت الكاتبة الأجراس والطبول في قصة "غروب وكتابة" لتقول لكل إنسان أن لا معنى للحياة إذا لم تضع فيها بصمة مميزة، وأن انتظار المجهول لا يجدي نفعاً.
دونت الكاتبة عشرين قصة ممتعة وهادفة جميعها تصور حالة اغتراب المرّء التي باتت تحتل مساحة شاسعة في الروح العربية، هي حال حساسة ومقلقة، أن يغترب الإنسان عن ذاته وعن مجتمعه مما يهدِّد بناء الأسرة العربية، والتي يجب المحافظة عليها لبناء مجتمع سليم له خصوصيته وقيمه التي تميِّزه عن حضارات زائفة، وضرورة إعادة بناء الشخصية العربية بشكل جديد يرتقي قولاً وفعلاً عن هذه الفوضى التي باتت نمطاً فكرياً الوقت الحالي.