فاطمة برناوي... رمزاً نسائياً في تاريخ كفاح المرأة الفلسطينية

فاطمة برناوي هي أول مناضلة ثورية برتبة لواء ومؤسسة الشرطة النسائية في فلسطين، ورمزاً لتاريخ المرأة الفلسطينية في الكفاح والتضحية من أجل القضية والوطن.

نغم كراجة

غزة ـ الثورية الفلسطينية فاطمة برناوي هي أولى النساء الفدائيات اللواتي وهبن أنفسهن للنضال والكفاح دون كلل أو ملل، وعرفت بين الجميع بشجاعتها وقوتها وحبها الشديد لأرض بلدها، ولها العديد من الإنجازات والعمليات الفدائية داخل المعتقل وخارجه التي بقى صداها إرثاً نضالياً بعد رحيلها.

ولدت فاطمة برناوي في مدينة القدس عام 1939، وهجرت في التاسعة من عمرها من القدس إلى مخيم للاجئين مع أسرتها في الأردن وتحديداً في مدينة عمان، لكنها عادت بمفردها إلى بلدتها القدس عام 1960 وقطنت في الجالية الإفريقية، طاردها الإسرائيلين بعد عملها في النضال والثورة حتى قام بإبعادها إلى لبنان، وتمكنت من تأسيس الشرطة النسائية عام 1994 حين جاءت إلى قطاع غزة بعد توقيع اتفاقية أوسلو.

وتعد أول أسيرة في الثورة الفلسطينيّة المعاصرة داخل المعتقلات الإسرائيلية حيث اعتقلت على خلفية تنفيذ عملية لتفجير سينما صهيون في "إسرائيل" في تشرين الأول/أكتوبر عام 1967 وحكم عليها بالمؤبد برفقة شقيقتها الصغرى إحسان برناوي واستمر اعتقالها لمدة 10 سنوات حتى تم الإفراج عنها عام 1979 بعد تنفيذ صفقة إطلاق سراح الأسرى، كما أنها انضمت لحركة المقاومة برفقة نساء ثوريات وهن ليلى خالد، وعائشة عودة، ورسمية عودة.

وتقلدت مناصب عليا في الحركات التنظيمية والسياسية، وحصلت على عضوية المجلسين الثوري والاستشاري لحركة فتح والمجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1989، إضافة إلى ترأسها أول جهاز أمني للنساء عام 1994.

اهتمت بشؤون المعتقلات داخل السجون والأسيرات المحررات وسلطت الضوء على معاناتهن وقضاياهن وطالبت بإعطائهن حقوقهن وتأمين حياة كريمة لهن، كما أنها خصصت نسبة من راتبها الشهري لتعليمهن، ونسبة أخرى للأسر الفقيرة والمهمشة.

وقالت إحدى تلميذاتها الناشطة المجتمعية هنا موغماس "لقد تدربنا وترعرعنا أنا وزميلاتي على اسم المناضلة فاطمة برناوي كونها رمزاً نسائياً في تاريخ نضال وكفاح المرأة الفلسطينية وقدوة لمعاني التضحية والفداء، ولم أتوقع ذات يوم الاجتماع بها لكن المناسبات الوطنية مهدت لنا فرصة الالتقاء في تونس وقطاع غزة واستدعتنا أكثر من مرة لزيارتها في المنزل".

وأضافت "عند زيارة إحدى الزميلات لها كانت تسرد لنا تجربتها النضالية وتمنحنا جرعات الأمل والقوة ومواصلة الكفاح، وكنت أتمنى أن يحالفني الحظ وأتدرب تحت إشرافها أثناء توليها منصب قيادة الشرطة النسائية الفلسطينية"، مؤكدة على أن "فاطمة برناوي هي مثال يحتذى بها عبر العصور وخير نموذج للمرأة الثورية المناضلة".

 

 

بينما قالت مسؤولة الدائرة الثقافية في سفارة فلسطين في تونس رقية العلي "التقيت فاطمة برناوي ضمن وفد لحضور افتتاح مؤتمر النساء العراقيات عام 1988، ومكثنا معاً لفترة في نفس الغرفة في مدينة بغداد، وكانت بمثابة الأم والأخت والصديقة والإنسانة قبل المناضلة والقيادية، عندما كنت أخبرها بحالات إنسانية نسائية وأطرح مشاكلهن وأزماتهن المادية لم تتأخر أبداً عن مد يد العون والمساعدة إما بفرض حلول للمشكلة أو تقديم مبلغ من المال لمن تعاني من الفقر وتردي الأحوال الاقتصادية"، وعبرت عن حبها الشديد لفاطمة برناوي قائلة "كانت عظيمة بوجودها ورحيلها أيضاً".

توفيت فاطمة برناوي في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر بعد صراع مع المرض دام لأكثر من ثلاث سنوات أثناء تواجدها في مصر حيث التقطت أنفاسها الأخيرة في مستشفى فلسطين في مدينة القاهرة، وحسب وصيتها التي أقرت بها أن تدفن في قطاع غزة، ووارى جثمانها التراب في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر بعد وصولها الأراضي الفلسطينية بحضور مهيب من القيادات السياسية الكبيرة، وأقامت السفارة لها عزاء على أرض القطاع تكريماً وتقديراً لمسيرتها النضالية العظيمة.