تأمين الغذاء... معضلة نازحات لا تجدن مصدر دخل في مخيمات إدلب
تعتمد النازحات في مخيمات الشمال السوري على الصيام المتقطع، بسبب الجوع والفقر الذي يعانوه وعدم قدرتهن على تأمين احتياجاتهن الأساسية من مأكل ومشرب.
هديل العمر
إدلب ـ ازدادت معدلات الفقر في الشمال السوري، ولاسيما في مخيمات النازحين التي تخلو من أدنى مقومات الحياة وسط قلة فرص العمل وانعدام مصادر الدخل، ما دفع النازحات لمواجهة ضنك الحياة والعيش وفق الإمكانيات الضعيفة المتاحة.
تواجه 86 % من المخيمات في الشمال السوري أزمة تأمين الغذاء نتيجة ضعف الاستجابة الإنسانية ضمن هذا القطاع، في حين تواجه نسبة 94 % من المخيمات أزمة الخبز وارتفاع أسعاره.
وقالت صفاء الدبس 31 عاماً وهي نازحة من ريف إدلب الجنوبي ومقيمة في مخيمات كفرعروق "الحياة أصبحت صعبة للغاية في مخيمات النزوح، وأكثر ما يؤلم المرء حين لا يستطيع أن يؤمن متطلبات أبنائه وسط كل ما يواجهه من تحديات مادية".
وأوضحت أنها بحثت مراراً عن عمل من أجل مساعدة زوجها في تغطية نفقات العائلة ولكن دون جدوى، وتحاول بما توفر من مال ناتج عن عمل زوجها في المياومة تأمين الخبز الذي ارتفع سعره أضعافاً مضاعفة وبعض الخضار، مشيرة إلى أن زوجها يحصل على أجرة يومية لا تتجاوز الـ 80 ليرة تركية وهي لا تكاد تكفي حتى لسد الرمق، إذ أنهم في الخيمة ستة أشخاص وبحاجة يومياً لأربع أكياس من الخبز سعرها 40 ليرة تركية عدا عن الخضار التي ارتفعت أسعارها بشكل لم يعد قادرين على مجاراتها.
مرام الشلوف 38 عاماً مقيمة في مخيمات الكرامة شمال بلدة قاح وجدت نفسها تعاني من فقر مدقع لعدم وجود من يكفل معيشتها بعد وفاة زوجها بحادث سير منذ فترة قصيرة تاركاً لها خمسة أطفال بدأوا يعانون من سوء التغذية الحاد، جراء الفقر والغلاء.
وأوضحت أن أوضاعهم المعيشية في مخيمات إدلب تسير بهم من سيء إلى أسوأ، وبات تأمين لقمة عيش كريمة أكثر ما يؤرقها، خاصة وأن الغلاء لامس كل احتياجاتهم الأساسية لاسيما الغذائية منها.
ولمساعدة نفسها وأطفالها من الفقر والعوز لجأت مرام الشلوف لبيع المعروك على بسطة صغيرة في شوارع المدن والبلدات القريبة من مخيمها وهو ما عاد عليها ببعض المال الذي استخدمته لتأمين المواد الغذائية لأطفالها.
بعد اتساع رقعة الجوع والفقر والبطالة، اعتمدت نازحات على الصيام المتقطع، لعجزهن عن توفير 3 وجبات طعام أساسية يومية، مكتفيات بتناول وجبة واحدة في اليوم وهو ما حدث مع رويدا عواد 41 عاماً المقيمة في مخيمات دير حسان شمال إدلب.
أوضحت رويدا عواد، وهي أم ومعيلة لأربعة أولاد بعد اعتقال زوجها من قبل قوات حكومة دمشق، صراعها المرير مع رحلة البحث اليومية والشاقة لتوفير مصدر الرزق لأبنائها، وعجزها عن تأمين كميات الطعام اليومي الكافي لهم وذلك بعد أن حصدت الحرب والغلاء كل ما كانت قد أدخرته من مال قبيل نزوحها الأخير منذ خمس سنوات، من أجل توفير الطعام والشراب.
وأشارت إلى صعوبة تحمل الأطفال الجوع وسعيها الحثيث لصنع أصنافاً غير مكلفة من الطعام بما توفر لديها من مؤون وحشائش ربيعية تنتشر في البرية والمزارع، حيث ترى ذلك أفضل بكثير من محاولة طلب المساعدة من أحد.
وفي أحدث تقرير لفريق "منسقو استجابة سوريا" بين أن أكثر من 12.9 مليون نسمة في سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وما يقارب 4 من كل 5 سوريين يعانون من تأمين الاحتياج الغذائي اليومي، ويشكل القاطنين في المخيمات جزءاً كبيراً منهم.
وبلغت معدلات حد الجوع في سوريا أعلى مستوى على الاطلاق بعد 13 عام من الأوضاع الإنسانية في سوريا، ويشكل نسبة 80 % من السوريين الغير قادرين على تأمين الغذاء خلال الفترة القادمة، وتزداد النسبة إلى 87 % في الشمال السوري وإلى 94% ضمن مخيمات النازحين.