قلة الخيارات تدفع نازحات للسكن في منازل مهدمة آيلة للسقوط في إدلب
لم تجد الكثير من العائلات النازحة جراء العمليات العسكرية إلى إدلب ملاذاً للاحتماء به من حرارة الصيف وصقيع الشتاء سوى عدد من الزوايا الصامدة تحت الركام للسكن فيها بعد تهجيرهم من مدنهم وبلداتهم وقراهم
سهير الإدلبي
إدلب ـ .
قالت النازحة أسماء حاج سليمان (٣٨) عاماً وهي نازحة من بلدة الفطيرة جنوب إدلب، أنها لم تجد حلاً بعد نزوحهم إلا السكن في بيوت شبه مهدمة ومهجورة بعد أن عجزوا عن تأمين مأوى.
وأضافت أن ارتفاع الإيجارات التي لا تتناسب مع سوء أوضاعهم المادية حال دون سكنهم في بيت ملائم، حيث وصل إيجار المنزل الواحد المؤلف من غرفتين ومنافعهما إلى ١٥٠ دولار أمريكي.
"كثيراً ما أخاف من تساقط البناء فوف رؤوسنا أنا وعائلتي المؤلفة من زوجي المريض بالديسك وأطفالي الأربعة، ولكن ماذا نفعل فليس لدينا خيار آخر" وفق تعبيرها.
من جهتها انتقلت النازحة خديجة النجار (٤٠) عاماً مع أسرتها إلى إحدى المنازل المهدمة مرغمة بعد انجراف خيمتها الواقعة في حربنوش بفعل السيول والأمطار، إذ لم يعد من مأوى تلجأ إليه بعد أن وجدت نفسها مع أسرتها في العراء بين ليلة وضحاها.
قالت خديجة النجار "نحن النازحون لا أحد ينظر لمعاناتنا، ودائماً ما نسمع عن تبرعات بآلاف الدولارات للنازحين وحياة أفضل قادمة دون أن نرى شيء ملموس على أرض الواقع، ها نحن قد انجرفت خيامنا وأصبحنا عرضة للبرد والتشرد مع أطفالنا دون أي تطور طرأ على أوضاعنا".
لم تجد عائلة خديجة النجار سوى بعض الجدران التي ما زالت تقاوم الانهيار، بعد تعرض المبنى لقصف سابق لتقطن فيها مع زوجها العاطل عن العمل وأبنائها الستة بعد أن عمدوا لتعزيل الحجارة وأكوام الرمل المتجمعة داخل المبنى "ربما ينهار هذا المبنى في أي لحظة ليدفننا تحته ونحن أحياء، ومع ذلك لن نخرج من هنا فلا نملك المال لاستئجار منزل، ولا نستطيع السكن بخيمة بالية سرعان ما نجد أنفسنا فيها عرضة للعراء بمجرد هبوب أول عاصفة".
تكررت الحوادث التي تعرضت فيها أبنية آيلة للسقوط للانهيار موديةً بحياة ساكنيها من النازحين الفقراء الباحثين عن ملاذ يأويهم ليجدوا أنفسهم اختاروا مكان قبورهم بأيديهم.
ففي ١٤ شباط/فبراير ٢٠٢٢ ارتفعت حصيلة الوفيات جراء انهيار مبنى سكني على أطراف مدينة إدلب إلى خمسة أشخاص معظمهم من النساء والأطفال وهم من عائلة واحدة.
وقالت فرق الدفاع المدني أن عملية الإنقاذ استمرت حوالي ٤ ساعات متواصلة تمكنت على إثرها من انتشال أفراد العائلة ولكنهم للأسف خرجوا جثث هامدة، ويرجع سبب انهيار المبنى إلى تعرضه للقصف سابقاً فأدت الأمطار وعوامل الطقس لسقوطه مؤخراً.
وتوفي طفل وأصيب شاب في نيسان/أبريل العام الماضي جراء انهيار مبنى سكني آخر، كما توفي مدني وأصيب آخرون في مدينة الدانا شمال إدلب جراء انهيار مبنى تعرض للقصف سابقاً أيضاً.
وكانت فرق الدفاع المدني حذرت أكثر من مرة من اقتراب المدنيين من المباني الخطرة الآيلة للسقوط والإبلاغ عنها.
وفي إحاطة افتراضية قدّمها نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، مارك كتس، للصحفيين في نيويورك، قال "إننا قلقون للغاية بشأن الوضع في الشمال السوري، وكما تعلمون فإن واحدة من بين أكثر الفئات السكانية ضعفاً في العالم تعيش في تلك المنطقة".
وبحسب الأمم المتحدة يوجد 2.8 مليون شخص نازح ومعظمهم في مخيمات، وهذه المخيمات سيئة في أفضل الأحوال كما قال مارك كتس، لأنها منطقة حرب، وقد فرّ السكان العديد من المناطق في البلاد، ويعيشون هناك في ظروف صعبة للغاية. وأضاف "لكن الآن، خلال هذا الطقس البارد جداً، رأينا بالفعل مشاهد مروعة في الأيام القليلة الماضية".
وإضافة إلى ذلك، تساقط المطر بغزارة في بعض المناطق. وعن ذلك، قال كتس "تضرر حوالي 100,000 شخص بسبب الثلوج وحوالي 150,000 شخص يعيشون في خيام بسبب المطر ودرجات الحرارة المتجمدة، وهذا يعني ربع مليون شخص يعانون الآن".
ووفقاً للمسؤول الأممي، فإن هؤلاء الأشخاص مرّوا بالكثير في السنوات الأخيرة، وفرّوا من مكان لآخر، ولحقت القنابل بهم، والكثير من المستشفيات والمدارس في الشمال السوري تدمرت خلال 10 سنوات من الحرب "الآن، نرى هؤلاء الأشخاص في بعض المخيمات التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة، إنها منطقة كوارث حقيقية".
وأفادت الأمم المتحدة بأن معظم النازحين احتموا لدى أصدقاء وأقرباء، وتم استضافة حوالي 750 شخصاً في مخيمين مؤقتين.