نساء تنصبن خيامهن بجانب مكب النفايات
في قلب مأساة النزوح، تضطر نساء غزة إلى نصب خيامهن بالقرب من مكبات النفايات، حيث تحاصرهن الحشرات والأمراض، وسط غياب أدنى مقومات الحياة الإنسانية.
					رفيف اسليم
غزة ـ تلجأ العديد من العائلات في قطاع غزة لنصب خيامها بجانب مكب النفايات نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية التي دمرت ما يقارب 40% من مجمل مساحة القطاع، وعدم وجود أراضي فارغة سواء في الشمال أو الجنوب لنصب الخيام، مما يشكل ضرراً مباشراً على صحة النازحين خاصة الأطفال والنساء.
في قلب واحدة من أشد الأزمات الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة، تتجلى مأساة النزوح في مشهد يفوق التصور، حيث تضطر النساء إلى نصب خيامهن بجانب مكبات النفايات، وسط غياب تام لأبسط مقومات الحياة، واقع مرير تعيشه العائلات النازحة الذين يواجهون الموت بأشكال متعددة.
تقول جيهان الغف إن الكثير من الخيام بات ينصبها النازحون بين مكبات النفايات، الأمر الذي يجعل الحشرات كالبعوض والذباب يغزو أجساد النساء والأطفال ناقلاً لهم عدد من الأمراض التي لا تنتهي، بداية من الحكة وحتى الأمراض الجلدية التي ظهرت لأول مرة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وتضيف جيهان الغف وهي تضرب كفاً بكف "ماذا سيفعل النازحون؟ يهربون من الموت الذي يلاحقهم جواً وبراً من الصواريخ والقذائف، فيجدون الموت على شكل آخر، بدءاً من عدم توفير أماكن مناسبة لنصب الخيام، وصولاً إلى النفايات والمياه العادمة"، لافتة إلى أن النازحات يقمن بإزاحة أكوام النفايات لنصب الخيمة.
وأكدت أن القوات الإسرائيلية تستمر في الاستيلاء على المزيد من أراضي القطاع دون تخصيص مخيمات للنزوح أو مناطق إنسانية آمنة يفر إليها السكان، مشيرة إلى أن السكان أيضاً لا يمكن إلقاء اللوم عليهم، فهم بحاجة إلى مناطق للتخلص من القمامة فيها، وأراضي المدينة خاصة في غربها، لا يوجد فيها شبر واحد فارغ.
مضاعفة الأمراض
وتلاحظ انتشار العديد من الأمراض الجلدية كالحساسية والدمامل، والحكة وبعض الأمراض قد تصل لسرطان الجلد التي قد شخصها مشفى "الرنتيسي" للأطفال، مشيرة إلى أنه لا دواء لتلك الحالات ومن يمرض يبقى بين ألم الحكة وحرارة الصيف، وعدم وجود مياه للاستحمام أو صابون معقم لتخفف من حدة الأمر.
ومن الإشكاليات الأخرى التي تلاحظها جيهان الغف هو صعوبة التئام الجروح الناتجة عن الغارات، فالمصابة قد تبقى لأشهر طويلة على هذا الحال ويكون مكان الإصابة هو مركز تجمع للذباب، بالتالي تتضاعف لديها العديد من الأمراض التي قد تصل في بعض الأحيان لحالات بتر بسبب التلوث الذي يحدثه السكن بجانب مكب نفايات دون خيارات أخرى متاحة.
وتؤكد أنه قبل الحرب لم تكن هناك مكبات النفايات عشوائية بهذا الحجم، بل كانت بلدية غزة تجمع أكياس النفايات من أمام المنازل، بينما اليوم الوضع كارثي والأزمة غير مسبوقة.
تتمنى جيهان الغف، الحصول على مسكن في مكان مخصص لسكن، وليس خيمة بجانب مكب النفايات، وأن ينتهي كابوس النزوح المستمر، الذي ما أن تجد مكان لنصب خيمتها حتى يأتي أمر إخلاء جديد، وتخت متسائلة: أين ستكون الخيمة في المرة القادمة، هل بجانب مصب للمياه العادمة؟