موقع تل بيدر الأثري يمثل هوية وتاريخ شعوب المنطقة

أكدت نساء بلدة تل بيدر والتي كانت تعرف بـ "نابادا" على أهمية الموقع الأثري كونه يدل على حضارة وهوية شعوب المنطقة.

دلال رمضان

الحسكة ـ يتميز موقع تل بيدر الأثري بأهميته كونه يعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، ويعد من أهم مراكز الإمبراطورية الأكادية.

تقع بلدة تل بيدر على بعد 35 كيلومتراً شمالي مدينة الحسكة بشمال وشرق سوريا، وهو موقع أثري ومن أهم مراكز الإمبراطورية الأكادية في الألفية الثالثة قبل الميلاد، ويعد التل من التلال المتميزة بضخامته ضمن مجموعة من تلال الجزيرة السورية العليا مثلث الخابور، حيث تبلغ مساحة التل الرئيسي حوالي 28 هكتار، أما محيطه فيبلغ حوالي 2كيلومتر، ويرتفع عن السهول المحيطة حوالي 27,5 متراً، ويرتفع عن سطح البحر 387 متر، وكانت تسمى قديماً بـ "نابادا" واكتشفت عام 1992 من قبل بعثة أوربية مشتركة ونتيجة التنقيبات تم اكتشاف الكتلة المعمارية الموجودة فيها وهي عبارة عن أربعة معابد وقصرين الذي تم إنشائه على ثلاثة مراحل، وبيت الرقم وحي البيت الخاص ويتألف من عدة غرف بأحجام مختلفة تتمركز على أطراف شارع مرصوف بالأحجار البازلتية، ويتوسط الشارع قناة لتصريف المياه، وكما أكتشف فيها حوالي 141 رقيم مسماري و230 وثيقة مكتوبة مؤرخة إلى حدود 240 قبل الميلاد، وتضم ايضاً آثار تل بيدر بوابة الأكروبوليس الشارع الرئيسي التي تقع على الحدود الجنوبية للاكروبوليس وتعد من أكثر الأبنية أهمية.

تقول عضوة قسم الأثار والمتاحف في مقاطعة الحسكة والمشرفة على ترميم موقع تل بيدر الأثري رنا أسعد "يعد موقع تل بيدر الأثري من المواقع الاستراتيجية في المدينة لذا نعمل في قسم حماية الأثار وبشكل دوري على ترميم الكتلة المعمارية المكونة من أربعة معابد وقصر ومعالجة التشققات ضمن الجدران، ففي عام 2020 قمنا بحملة ترميم وخلال هذه الفترة سنبدأ حملة أخرى من أجل الحفاظ عليه من العوامل الجوية، وهناك مشروع لوضع سور حول الموقع خلال هذا العام لحمايته من التعديات".

وأوضحت أنه من خلال التنقيبات الأثرية التي كانت تنقب الموقع والتي بدأ منذ عام 1992 تم اكتشافه "اكتشف علماء البعثة الاوربية التي كانت تنقب الموقع "نابادا" وجاءت هذه التسمية من علماء الأثار الذين كانوا متواجدين في موقع ايبلا الأثري، ويعود تسمية نابادا إلى ناكار وهو يعرف اليوم بتل البرك، فكان ناباد موقع استراتيجي للتجار في تلك الفترة وطريق لهم، وتسمية تل بيدر جاءت لان التلة عبارة عن رسم هلالية أو تاجية ويوجد له سورين وسبعة أبواب وكل باب متجه على منطقة معينة، ويعتبر هذا الموقع فريد من نوعه".

وأشارت إلى أهمية موقع تل بيدر الأثري وما مر عليه من حضارات قديمة وعريقة "لقد مر حضارات عديدة على هذه التلة خلال فترة 240 قبل الميلاد إلى 4200 قبل الميلاد، ومن هذه الحضارات كانت الأكادية، الأشورية، هلمستية، باريسية وميتانية، ويوجد فيها أربعة معابد وساحة للاحتفالات في الجهة الجنوبية للموقع، وبرج للحراسة وكان يصل طوله إلى قرابة 6 أو 7 أمتار، وكان له سوق يجتمع فيها التجار بالإضافة إلى مخازن".

وأكدت أن هدفهم هو الحفاظ على ثقافة وتراث شعوب المنطقة ومنعها من الاندثار والطمس، لأن الحضارات المتواجدة في المنطقة دليل على ثقافتها وهويتها العريقة "من واجبنا الحفاظ عليها لمعرفة الأجيال القادمة بهذه الثقافة والتراث، واليوم ومن خلال احتلال عدة مناطق في شمال وشرق سوريا يعمل الاحتلال التركي على طمس هذا التاريخ والحضارات".

وبدورها قالت غزالة فرمان والتي تبلغ من العمر 50 عاماً وهي من سكان بلدة تل بيدر "أعيش في هذه القرية منذ أن ولدت وكان يعيش فيها جدي ووالدي قبل أكثر من مائة عام، وتعني لنا الكثير كونها تتمتع بموقع أثري مهم في المنطقة، فقبل بدء الحرب في سوريا كان هناك بعثات أجنبية تتردد إلى الموقع وتنقب عنه اما الآن فليس هناك أي بعثات". مؤكدة أنهم يعملون على حمايته من الاندثار لأنها تمثل هوية الشعب والمنطقة.

ومن جهتها قالت بيان عمر ذو الـ 24 عاماً من سكان القرية أيضاً وتعمل في بلديتها "هذه البلدة هي منبع للعديد من الحضارات القديمة والعريقة"، ودعت إلى القيام بالفعاليات الثقافية والتراثية التي تعبر عن حضارات وثقافة البلدة "نتمنى أن تكون فعاليات ثقافية وتراثية تقام في المنطقة، وأن تكون هناك عمليات تنقيب اخرى في الموقع كي نتعرف أكثر على حضارتنا وهويتنا".