مشروع "خيوط ملونة" قصة نجاح وتحدي لفتيات من ذوات الاحتياجات الخاصة

افتتح فريق من الفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة مشروع "خيوط ملونة" لتحدي النظرة الاجتماعية المجحفة بحقهن، ولإثبات أنهن جزءاً لا يتجزأ من المجتمع وتستطعن الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي والاستقلالية.

نغم كراجة

غزة ـ على طاولة تتناثر عليها الخيوط الملونة بألوان زاهية اجتمعت عدة فتيات من ذوات الاحتياجات الخاصة متحديات نظرة المجتمع التي منعتهن من الحصول على فرصة عمل بدواعي العجز بعد انتظارهن سنوات في طابور البطالة، وقررن أن تفتتحن بحماسهن وإرادتهن مشروعاً لتحقيق استقلاليتهن وإثبات كيانهن.

تخرجت مسؤولة الفريق فداء الوادية من كلية التعليم الأساسي وحصلت أيضاً على شهادة تصميم الجرافيك في محاولة لإيجاد عمل لكن المجتمع يرى أن ذوات الاحتياجات الخاصة عاجزات وغير قادرات على تحمل المسؤولية والإنتاج.

وحول بداية انطلاق مشروع "خيوط ملونة" قالت "أعلنت إحدى المؤسسات المعنية بتمكين وتأهيل ذوي الإعاقة عن مسابقة لاستقبال أفكار مشاريع نوعية وتم اختيار فكرتنا ضمن أول 10 مشاريع من بين 100 فكرة، وحصلنا على تمويل ودعم جيد، لنتمكن بعد ذلك من تحويل أحلامنا إلى حقيقية بعد جهد وعناء".

وأوضحت أن المشروع هو لصناعة المشغولات اليدوية والتحف الفنية والمعلقات ولكل واحدة منهن مهامها في إنجاز طلبيات الزبائن "تلقينا دورة تدريبية لتطوير مهاراتنا وخبراتنا، حيث أجمع الفريق على حب الفنون اليدوية وابتكارها بأكثر من شكل، ولاقينا إقبال مدهش من الجميع"، مشيرةً إلى أنهن تسوقن منتجاتهن من خلال المعارض والبازارات الموسمية التي تقام في القطاع.

وبينت أنها واجهت الكثير من التحديات الاجتماعية التي منعتها من تحقيق طموحاتها خاصة عند تعبئة طلب عمل لمجرد أنها تضع نعم في خانة هل لديك إعاقة، ليتم التغاضي عنها مباشرة بالرغم من امتلاكها المؤهلات والخبرات التي تتوافق مع شروط المؤسسة "لقد عشت رحلة صمود وكفاح خلال السنوات الماضية حتى تمكنت من التصدي في وجه جميع العراقيل والصعوبات".

وأوضحت أن هنالك صعوبة في إدخال المواد الخام والأدوات اللازمة إلى القطاع بسبب الحصار وغلاء أسعارها، وقلة الجهات الداعمة لطاقات وإبداعات ذوات الإعاقة "بالرغم من وجود المعوقات إلا أن المشروع بدأ يتوسع إلى خارج فلسطين وازدادت طلبات الزبائن على المنتجات التي نصنعها ونتقنها بكل شغف".

وأشارت إلى أن الفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة تعانين من صعوبة الاندماج في المجتمع بسبب عدم تفهم أفراده لإمكانياتهن وقدراتهن، وكان للثقافة النمطية دور في تهميش وجودهن والتقليل من شأنهن فالكثير من العائلات تخفي عن البيئة المحيطة وجود فتاة من ذوي الاحتياجات في البيت خوفاً من عدم زواج أخواتها باعتبار إعاقتها وصمة يهرب منها الجميع "بعض الأسر تحبس فتياتها في غرفة منعزلة وتمنعها من الخروج وتقيد حركتها مما يؤدي إلى تراكم الضغوطات النفسية وتدهور الوضع الصحي لهن".

ونوهت إلى أن ظاهرة استغلال الموارد المالية للفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة أصبحت شائعة في الآونة الأخيرة من خلال نهب الأموال والمساعدات المقدمة من جمعيات ومؤسسات التأهيل والتمكين، كذلك تتعرضن للابتزاز الجنسي بسبب عدم قدرتهن في الدفاع عن أنفسهن.

 

 

استطاعت خلود الديب التي تعاني من إعاقة حركية في يدها نتيجة خطأ طبي أن تطور ذاتها وتصقل شخصيتها للأفضل بعد محاولات عديدة، من النجاح في امتحانات الجامعة بسبب عدم قدرتها على الكتابة ولم ينظر الكادر الأكاديمي لها بعين الإنسانية ومساعدتها على تخطي عقبات إعاقتها "لم أستطيع الكتابة بيدي اليسرى لعدم ثباتها لكني أصريت على إيجاد بدائل لحل المشكلة وقوبلت بالرفض ولم أكمل المسيرة".

وأشارت إلى أن مهاراتها في صناعة التحف الفنية وشغفها في الحفاظ على التراث الفلسطيني فتح لها الطريق أمام الإبداع "حين بدأ المشروع يزدهر وذاع صيته بين الناس أدركت أنني لست معاقة وبوسعي فعل الكثير من الإنجازات وتحقيق باقي الطموحات وبذل مجهود أكثر من الأشخاص العاديون الذي لا يملكون جزءاً من طاقتي".

 

 

من جانبها قالت سماح الشندي التي تعاني من إعاقة في العمود الفقري "فور انضمامي للفريق شعرت بقيمة ذاتي وإمكانياتي، ولا أنكر أنني لم أتعرض للتنمر والانتقادات لكنني رأيت نظرات الشفقة والاستعطاف وكنت على أمل أن تأتي فرصة واحدة لإثبات قدراتي الغير محدودة".

وأشارت إلى أنه "بالرغم من التحديات الاجتماعية التي واجهتها إلا أن إرادتي وعزيمتي لم تثنيني عن تحقيق النجاح وانخراطي في سوق العمل وإنشاء بصمة خاصة بي"، مضيفة أن قوة الفتيات ذوات الإعاقة عملت على تصحيح الصورة الاجتماعية حولهن وتغيير واقعهن للأفضل والتأكيد على أن إعاقتهن ليست عائقاً للتميز بل فرصة للتفوق والتحدي.

وتطمح الفتيات بافتتاح شركة متخصصة ورائدة في مجال المشغولات اليدوية والفنية وإتاحة فرصة تشغيل عدد من ذوات الاحتياجات الخاصة، والسعي نحو المشاركة في المعارض والمهرجانات الدولية لإبراز مواهبهن وابداعهن، وتوسيع خط الانتاج.