مفهوم الصحة الإنجابية وتأثيره على النساء والأطفال

نتيجة الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تفاقمت في بلدٍ منكوبٍ مثل لبنان، أهملت الأمور الأساسيّة التي تعنى بحقوق الإنسان، ولاسيّما اللاجئ.

مارينا عندس

لبنان ـ يرتبط مفهوم الصحة الجنسية والإنجابية لدى النساء ارتباطاً وثيقاً بحقوق الإنسان وحرياته، بما فيها الحق في الحياة، والحق في عدم التعرّض للتعذيب، والحق في الصحة، والحق في الخصوصية، والحق في التعليم، وحظر التمييز.

تمثّل الصحة الإنجابية والجنسية 20 في المئة من العبء العالمي لسوء الصحة بالنسبة للمرأة، وذلك بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية منذ عام 2008.

فالصحة الإنجابية تعني قُدرة الناس على الحصول على حياة جنسية مسؤولة ومُرضِيَة وأكثر أماناً. وأن يكونوا قادرين على الإنجاب ولديهم حرية اختيار التوقيت وكيفية القيام بذلك، وامتلاك التكاليف المطلوبة.

وتشمل أيضاً معرفة الرجال والنساء بوسائل تحديد نسل أمنة وفعّالة وميسورة التكلفة ومقبولة، والحصول على خدمات الرعاية الصحية المناسبة للطب الجنسي والإنجابي، وتطبيق برامج التثقيف الصحي للحصول على فترتي حمل وولادة أمنتين توفران للأزواج أفضل فرصة لإنجاب طفل سليم، بالإضافة إلى ممارسة نظام صحّي للمرأة لاسيّما خلال فترة الحمل.

ومن هذا المنطلق قمنا بزيارة منزل اللاجئة السورية منال العطو، للتّعرف عليها وعلى حاجاتها، دخلنا منزلها من باب خشبي مرّ عليه الدّهر، فهو قديم جداً لكن خلفه ألف رواية ورواية.

ويضمّ هذا المنزل المصنوع من البلاستيك والتنك والحديد، ثلاث عائلات، وكلّ عائلة تتألف من عدة أبناء وبنات. وأمام المنزل، تقوم منال العطو بطهي الطّعام على الحطب، أذا توفّر ذلك، لإطعام أولادها وأولاد جاراتها وزوجها المريض.

تقول منال العطو ليس هناك رعاية صحيّة لها ولأولادها. مشيرة إلى أن أحد أطفالها توفي العام الماضي في بحيرةٍ قرب سكنهم، بعد إصابته بطفح جلدي وتسمّم.

تعمل منال العطو كعاملة في أحد المنازل وتتقاضى راتباً لا يؤمن لها أبسط حاجاتها، وتعيش من دون أيّ رعاية صحية أو مادية أو اجتماعية.

وأوضحت أنها واجهت خلال فترة حملها العديد من الصعوبات نتيجة سوء التغذية، فهي لم تتلقى أي علاج خلال فترة حملها، مبينة أنها لم تتلقى أيضاً أي تثقيفاً حول الصحة الإنجابية وأنها لم تسمع بهذه العبارة من قبل، لتتسأل "ماذا تعني صحتي الإنجابية؟".

المخيف أنّها ليست الوحيدة المحرومة من حقها في معرفة مفهوم الصحة الإنجابية والرعاية الصحية. فمجتمعاتنا لا تزوّد هؤلاء النساء بالثقافة ولا بتأمين المستلزمات والرعاية الطبية والاستشفائية.

وحول هذا الموضوع قالت الدكتورة النسائية حنان السّيد، أنّ التغذية السّليمة مهمّة جداً للصّحّة الإنجابيّة، لذلك غالباً ما ننصح المرأة أن تُوازن في أكلها، وتنوّع ما بين الخضار والفاكهة واللّحوم، مع الانتباه للوزن الزائد لأنه يخفف نسبة الخصوبة ويمكن أن يؤدّي إلى مشاكل في الحمل مثل السكري والضغط.

وأكّدت أنّ الصّحة الإنجابية تؤثر بشكلٍ مباشر على نموّ الطّفل، لذلك ولأنّ اللاجئة تعيش في ظل وضع صعب نوعاً ما، نشهد ارتفاعاً في عدد الأطفال الذين يعانون من نقصٍ في النمو، أو ضعف في التطور مثل الغدّة، وأمراض عديدة غيرها.

وأوضحت بأنّ كثرة الإنجاب بشكلٍ متتالي يمكن أن يؤثر سلباً على صحّة المرأة، لذلك من المحبّذ أن يكون الحمل بين الطفل والطفل فترة العام الواحد، لتتمكن الحامل من استعادة صحّتها وتقوية مناعتها. وأثبتت الدراسات أنّ كثرة إنجاب الأطفال يمكن أن يؤذي رحم المرأة.

وأوضحت عالمة الاجتماع الدكتور مي مارون أن "هناك ارتفاع كبير في عدد كبير أفراد الأسرة بالرغم من صعوبات الحياة واللجوء، نتيجة ارتفاع نسبة الأمية، وعدم التوعية".

وشدّدت على ضرورة تثقيف الفتيات حول مفهوم الصحة الإنجابية والرعاية الصحية وغيرها. بالإضافة إلى توعية الشباب أيضاً قبل الزواج.

ونتيجة الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تفاقمت في بلدٍ منكوبٍ مثل لبنان، أهملت الأمور الأساسيّة التي تعنى بحقوق الإنسان، ولاسيّما اللاجئ في بلده.