مركز الاستماع والتوجيه... الملاذ الآمن للمعنفات
مركز الاستماع هو مركز تأسس في تونس في تسعينات القرن الماضي، بهدف الاستماع لضحايا العنف من النساء ومحاولة حل مشكلاتهن.
زهور المشرقي
تونس ـ عندما تطأ قدم المرأة مركز الاستماع تقابل الكثير من النساء ضحايا العنف، لكنها تسمع عبارات كثيرة ومنها (تريدين مساعدة، ونحن هنا من أجلك، ولا شيء صعب، وسنتعاون من أجل إيجاد حل لمشكلتك ومقاضاة من تجرأ وكسر فيك هذا الشموخ)، كل هذه الكلمات ترفع من معنويات أي امرأة معنفة، هاربة ممن حاول كسر شخصياتها.
تأتي النساء من مختلف الفئات الاجتماعية ومختلف الأعمار إلى مركز الاستماع، ليستمعوا إلى مشاكلهن ويحاولن أيجاد حل لهن، المكان الذي تشعر فيه المرأة بالراحة النفسية وقد أنشئ بعناية لتشعر الضحية بالطمأنينة، هنالك تتمكن النساء من مقابلة مستمعة تستمع لهن بحب وتركيز وتوجيههن فيما بعد وفق رغباتهن دون أجبار أو ضغط.
وتأسس مركز الاستماع في عام 1993 وكان أول مركز في تونس، جاء تأسيسه حين كانت ظاهرة العنف ضد النساء مسكوتة عنها ولا مجال للحديث بشأنها، وكانت الحكومة لا تعترف بالعنف ضد المرأة، وكانت السلطات تعتبر أن العنف ضد النساء قضية لا تخص المجتمع المدني بقدر ما هي مسألة يتكفل بها الأمن، وفي تلك الظروف الصعبة أنشئ المركز ليكون مجال وملاذ لمساعدة المعنفات.
مركز يستمع ويرافق ويوجه
وحول هذا قالت المسؤولة عن لجنة مكافحة العنف بالجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات جليلة الزنايدي "أقيم المركز بالتزامن مع حادثة خطيرة عاشتها تونس في ذلك الزمن حيث اغتصبت فتاة تبلغ من العمر 11 عاماً، وتعرضت للعنف الاجتماعي بعد إقدام والديها على طردها من المنزل بسبب الاغتصاب، لافتهً إلى أن "الجمعية حينها قامت بحملة كبيرة مساندة للفتاة ولكل النساء ضحايا العنف ليكون عام 1993 لانطلاق الفعالية للمركز الذي يقدم خدمات كثيرة للنساء".
وأضافت "تبدأ المرشدة بالاستماع إلى الضحية بعد استقبالها في المقر، وفي المرحلة الثانية يتم تحديد موعد للضحية مع مختصة للوقوف على طبيعة مشكلتها وقناعاتها والتحاور بشأنها وفهم طلباتها دون أي فرض أو ضغط، بل تتم مختلف المراحل في إطار رغبتها، ومن خلال ما تبديه من رغبات يوفر لها المركز الدعم النفسي والتوجيه القانون".
وعن أهمية قسم الجانب النفسي قالت "له أهمية كبيرة لمرافقة المرأة المعنفة حتى تتجاوز مرارة الوضع وتداعيات الحادث، لتجد السبل للمقاومة ومقاضاة معنفها وأخذ حقها، وللمركز العديد من المختصات في علم النفس الاجتماعي والقانون، وكلهن مؤهلات ومجهزات لمساعدة الضحية وتأهيلها من أجل تجاوز محنتها".
وأشارت إلى أن المركز يوفر التوجيه القانوني خاصة للنساء اللواتي لا تعرفن جيداً حقوقهن ولا تفهمن مسار التقاضي الذي عادة ما يكون معقداً وصعباً "يضع المركز محاميات لضحايا العنف لتوعيتهن وتفسير الإجراءات التي يجب القيام بها"، مبينةً "في بعض الأحيان تزورنا النساء فقد لمجرد الاستماع إليهن أو طلب مقابلة المختصة النفسية دون التوجه إلى مقاضاة معنفها، وأحياناً تأتينا النساء لمساعدتهن في مسار التقاضي، وبتوفير محامية من الجمعية تساعدهن في ذلك".
فتيات قصر يترددن على المركز
وعن استقبالهم للفتيات القاصرات قالت جليلة الزنايدي "نستقبل الفتيات القاصرات برفقة الوالدين للاستماع إليهن وعادة ما يكن ضحايا عنف أو اغتصاب، كما يتم الاستماع إلى الأم وتوجيهها ويكون التدخل عبر إشعار لمندوب حماية الطفولة لإعلامه بالحالات التي يتعرض لها الأطفال، أما في حال قدوم فتيات شابات إلى المركز فيتم إبلاغ وزارة المرأة عبر مكتوب لعرض الحالات والتدخل والتنسيق بين مختلف الهياكل لحسم المشكلة".
فروع في الجهات
بعد قرابة ثلاث سنوات من العمل والأصغاء للنساء، تطور المركز ليفتح له فروعاً في محافظات عدة مثل صفاقس، وسوسة، والقيروان، وتعتبر آلاف النساء أن المركز بات ملاذهن الآمن، ويوفر لهن الدعم والتوجيه للانطلاق في مسار التقاضي المعقد.