ما بين قصفٍ تركي وحصار النظام السوري نداء أهالي شيراوا يعلو
من الجهة الغربية قصف للاحتلال التركي ومن الجهة الشرقية حصار جائر يفرضه النظام السوري على أهالي ناحية شيراوا في مقاطعة عفرين بشمال وشرق سوريا. والخطر والمعاناة ترافقهم ونداءاتهم تعلو للمنظمات والمجتمع الدولي لكن دون استجابة
روبارين بكر
الشهباء ـ .
يستهدف الاحتلال التركي ومرتزقته قرى ناحية شيراوا جنوبي مقاطعة عفرين بشكلٍ يومي خاصة بعد احتلال المقاطعة وتهجير سكانها، خلال العدوان الذي بدأ في 20 كانون الثاني/يناير، وانتهى بـ 18 آذار/مارس 2018.
ويفرض القصف المتواصل والعشوائي حياة قاسية على سكان الناحية والمهجرين فيها. حياتهم غير مستقرة فبين اللحظة والأخرى يواجهون خطر الموت. كما أن القصف اليومي يطال كلاً من قرى صوغانكة، كوندي مازن، قنطرة، أقيبة، بينة، برج القاص، مياسة، كلوتية.
تسببت هذه الهجمات المستمرة حتى يومنا الراهن بخسائر فادحة في أموال وممتلكات المدنيين من نفوق في المواشي والدواجن إلى جانب أضرار في الأراضي الزراعية أهمها عدم مقدرة الأهالي من التوجه لأراضيهم الزراعية جراء القصف الهمجي والرصاص الحي المستهدف لهم إلى جانب احتراق مئات أشجار الزيتون، والصنوبر ومختلف الأشجار الحراجية المعمرة بالقذائف أو بالحرائق المفتعلة.
ووسط هذه الهجمات يواجه الأهالي في قرى ناحية شيراوا حصار مفروض من قبل النظام السوري من الجهة الشرقية في بلدتي نبل والزهراء اللتين تتمركز فيهما قواته، وهذا ما يعرقل عمليات شراء أو بيع المنتجات الغذائية والمحروقات والخضروات وحتى الأدوية.
تقول نازلية جمو من أهالي قرية كوندي مازن "لا يفصلنا عن القرى المحتلة من قبل تركيا سوى القليل من الكيلو مترات. منذ أكثر من عامين نقاوم الهجمات والاعتداءات التي تستهدفنا بكافة الطرق والوسائل ونحن هنا في منزلنا". مضيفةً "منذ احتلال عفرين مارست تركيا ومرتزقتها أبشع الجرائم بحق النساء والمسنين والأطفال، وقطعت الأشجار وحرقت الغابات، وتستهدف قرانا المأهولة بالسكان، بالقذائف والأسلحة الثقيلة بشكلٍ شبه يومي".
تعتمد نازلية جمو وعائلتها كجميع العائلات القروية على تربية المواشي لتأمين لقمة عيشها، لكن القذائف اليومية والحصار الخانق الذي يفرضه النظام يعرقل عملهم ويزيد من معاناتهم "في قرية دير مشمش لدينا أراضٍ مزروعة بأكثر من 150 شجرة زيتون لكننا لا نتمكن من الاقتراب منها جراء الألغام التي زرعها الاحتلال التركي واستهدافه لنا بالأسلحة والقذائف في حال الاقتراب منها"، وأضافت "في العام الماضي اشتعلت فيها النيران بفعل الاحتلال التركي إلا أننا لم نتمكن من إطفائها جراء استهدافنا بالرصاص".
في حين قالت زينب محمد معمو وهي من أهالي قرية صوغانكة "نحن أصحاب الأرض والممتلكات ومع هذا نتعرض بشكلٍ يومي للاعتداءات بالقذائف والأسلحة الثقيلة من قبل الدولة التركية المحتلة ومرتزقتها، وهذا ما يسبب الهلع والتوتر في نفوس الأطفال ويجعل حياتنا صعبة. نعيش في خطر مستمر فبين لحظة وأخرى من الممكن أن نفقد حياتنا أو أحد أحبائنا".
عند اشتداد القصف يلجأ أهالي القرى للملاجئ كما تقول "عندما يشتد القصف نلجأ إلى الأقبية للاحتماء، وكثيراً ما يكون ذلك في ساعات الليل المتأخرة ونحن نيام". مضيفةً "الهجمات باتت أصعب مما يمكن وصفه. تركيا ومن أرضنا المحتلة توجه إلينا مدفعياتها... هذا واقع مرير ويصعب تحمله فهذه الأرض التي قدمنا لها سنوات عمرنا حتى تمكنا من زراعة أشجارها وغاباتها وقدمنا أرواحنا فداءٍ لحمايتها أصبحت بفعل تركيا واحتلالها مركزاً لاستهدافنا".
وتشعر زينب محمد معمو بالغضب حيال ما يحدث في عفرين والاعتداءات التركية وسط صمت دولي حالها كحال جميع أهالي المنطقة المنسيين من قرارات الشرعية الدولية "العالم بأسره على علم بأن تركيا ترتكب المجازر، والقتل والنهب وقمع الحريات والاعتداء على شعوب المناطق المحتلة وهذا ما ينافي الإنسانية والقوانين الدولية، إلا أنهم ما زلوا يلتزمون الصمت وليس هناك أي بريق أمل للتدخل من أجل إيقاف تركيا".
وتساءلت حول إن كانت الدولة التركية تقبل أن يسلب وينهب السوريين أراضيها لتجيب "بالتأكيد لن يقبلوا احتلال أرضهم وارتكاب هذه المجازر بحقهم، نعم إنها ممارسات غير شرعية ومرفوضة، لكنها تستمر باستهدافنا بالقذائف بشكل يومي".
وفي ختام حديثها شددت زينب محمد معمو على أن من حقهم العيش بأمان "الحياة والعيش بأمان واستقرار من حق جميع الشعوب، ومن هذا المبدأ نطالب بخروج تركيا ومرتزقتها من أرضنا. على المجتمع الدولي التدخل وإنقاذنا من الظلم والاستعباد الذي نعيشه في عفرين والقرى المجاورة لها".
فيما أكدت زينب معمو وهي من أهالي قرية صوغانكة أيضاً على حديث سابقتها بالقول "نواجه العديد من الصعوبات والعراقيل إثر استمرار القصف التركي الهمجي على قريتنا... يستهدفوننا ليلاً ونهاراً ولا نتمكن من الخروج والقيام بأعمالنا اليومية لتأمين قوت يومنا ولقمة عيشنا".
وأضافت "نحن أصحاب مواشي ويتطلب أن نخرج بها للراعي بين الأراضي الزراعية إلا أن هذا العمل غاية في الصعوبة لما يشنه الغزو التركي من هجمات عشوائية، كذلك بسبب الألغام... الخطر يحوم حولنا دائماً".
ويواجه أهالي القرى صعوبات كثيرة متمثلة بفقدان الغاز، والمحروقات إثر سياسة النظام السوري وحصاره منذ عام 2019، مما يزيد من معاناتهم "نطالب بحقوقنا من المنظمات الدولية والإنسانية، وعليها مساعدتنا وإيقاف هذه الهجمات عن الناحية وفك الحصار من ناحية أخرى".
وترى زينب معمو أن الاحتلال التركي يسعى لتهجيرهم من أرضهم "يحاول زرع الخوف في نفوسنا لكي نخرج من قرانا ويحتل ما بقي من أراضي عفرين، وبالطبع لن نفعل ذلك، لن نترك أرضنا لنكون مهجرين وسنقاوم، ولن نسمح لتركيا بتحقيق أهدافها".