علياء أحمد... مشاريع متعددة ومساعيٍ مستمرة لإدماج مصابي متلازمة داون في المجتمع
نجحت الصيدلانية وعضو مجلس إدارة مؤسسة فلك لتأهيل ذوي القدرات الذهنية علياء أحمد في دمج ابنتها صوفي، التي تعاني من متلازمة داون في مدرسة تجريبية بمدينة طنطا، بعد سنوات من المحاولة
نيرمين طارق
القاهرة ـ نجحت الصيدلانية وعضو مجلس إدارة مؤسسة فلك لتأهيل ذوي القدرات الذهنية علياء أحمد في دمج ابنتها صوفي، من أصحاب متلازمة داون في مدرسة تجريبية بمدينة طنطا، بعد سنوات من المحاولة.
في عام 2016 أطلقت الدكتورة علياء أحمد حملة بعنوان "متلازمة مش أزمة" للمطالبة بحقوق المصابين بمتلازمة داون في التعليم، ودمجهم في المجتمع، منطلقة من تجربتها مع ابنتها صوفي. ومن خلال عملها الدؤوب لإدماج ابنتها أثبتت علياء أحمد والتي تعمل أخصائية تغذية في مشفى57 طنطا لعلاج سرطان الأطفال، المقولة الشهيرة التي يرددها المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي "أمك هي جيشك الوحيد".
وكالتنا وكالة أنباء المرأة التقت مع الدكتورة علياء أحمد وحاورتها حول نجاح حملتها ومشروعها الجديد مع "مؤسسة فلك" لتأهيل ودمج ذوي القدرات الذهنية الخاصة.
كيف نجحت خطوة دمج ابنتك صوفي في مدرسة حكومية؟
خطوة الدمج لم تكن سهلة، وقابلت العديد من التحديات التي تتمثل في المعتقدات الخاطئة والمتطلبات الروتينية فكان مطلوب مني إجراء اختبار ذكاء لابنتي في إحدى المستشفيات الحكومية، وتقرير المدرسة لتحديد إذا كان الطفل لائق أم غير لائق، ولن أنسى عندما كتبت طبيبة بإحدى الوحدات الصحية غير لائق وذكرت السبب "منغولي"، وعندما دخلت لتقديم شكوى لمدير الوحدة وهو طبيب قال إن أصحاب متلازمة داون لا يستطيعوا التعلم، ودخول صوفي المدرسة سيكون فيه ظُلم لها، رغم أنهم لم يقوموا بالكشف عليها، فقمت باستعادة الأورق من جديد وذهبت لوحدة صحية أخرى.
ما أصعب المواقف التي واجهتيها أثناء محاولة إلحاق صوفي بالمدرسة؟
كان لدي اعتقاد بأن علينا واجب العمل على توعية الناس في الشارع بحقوق المصابين بمتلازمة دوان وهذا ما قمت به، وكنت أطوف المحافظات والقرى، ولكن الصدمة كانت أن الأطباء والمتخصصين بحاجة إلى توعية، فكلمة منغولي لا يجب أن تستخدم من قبل الأطباء. كما أن الأطباء في الوحدات الصحية يقررون أن الطفل لائق أو غير لائق بدون الكشف عليه، ومن ضمن المواقف الصعبة التي تعرضت لها حين قيل لي كيف حصلت ابنتك على 84 بالمئة في "اختبار بينيه" لقياس الذكاء وأصحاب متلازمة داون لا يحصلوا على أكثر من 60 بالمئة. التحديات التي واجهتني لا تنفي أن هناك أشخاص وقفوا بجانبي ودعموني، فمديرة مدرسة الإمام الشافعي كانت متفهمة لحق صوفي في الدمج، خاصة عندما علمت أنها كانت مدمجة في حضانة لغات لمدة ثلاث سنوات.
ما دورك في مؤسسة فلك لرعاية ذوي القدرات الذهنية؟
مؤسسة فلك هي مؤسسة تابعة للكنيسة القبطية، وتم إنشائها في محافظة الغربية بعد أن أعلن عنها بداية الشهر الجاري، ولكنها ستقدم الخدمة للمسلمين والمسيحيين، وتعد أول مشروع في مصر والشرق الأوسط لتأهيل ذوي القدرات الخاصة للإندماج في المجتمع، وستوفر المؤسسة الإقامة لأصحاب متلازمة داون لمن هم فوق سن 18 عاماً، في حال وفاة الأم، خاصة أن كثير من الآباء يتخلون عن دورهم تجاه ابنهم من ذوي القدرات الخاصة، مثل ما حدث معي وحالياً أقوم بدور الأب والأم.
إن توفير الإقامة أمر جيد خاصة أنني مثل كل أم لديها طفل من ذوي القدرات الخاصة تحمل هذا الهم وتسأل نفسها دائماً السؤال المعروف بعد موتي من سيقوم برعاية ابني.
أنا موجودة في مؤسسة فلك بصفتي أم لطفلة من أصحاب متلازمة داون، وبصفتي أخصائية تغذية علاجية درست دور التغذية في تأهيل ذوي القدرات الخاصة فأولادنا يحتاجون لتغذية مختلفة لإنهم عرضة للسمنة، ولنوع الطعام الذي يقدم لهم له دور في تنمية قدراتهم العقلية.
وللتذكير سيتم الافتتاح الرسمي لمؤسسة فلك في 21 آذار/مارس تزامناً مع اليوم العالمي لمتلازمة داون، وسنتعاون مع مؤسسات شبيهة في سويسرا لنقل الخبرات وستقدم المؤسسة الخدمة بشكل مجاني، وبالإضافة لخدمة الإقامة فهناك مسرح وعيادات، وورش لتعليم الحرف الإنتاجية حتى يصبح لأبنائنا دور فعّال في المجتمع.
وكذلك تم إنشاء مؤسسة فلك على مساحة 6300 متر وسنتعاون مع أبناء القرى المجاورة لزراعة بعض المحاصيل داخل هذه المساحة.
ما هي أشكال الدعم المطلوبة من الحكومة من أجل ذوي الاحتياجات الخاصة؟
من الأهمية تعيين خريجي التربية الخاصة فى المدارس المصرية حتى يتواجد مدرس في كل فصل دراسي، فهناك عدد كبير من خريجي التربية الخاصة لا يجدون فرص عمل، على الرغم من احتياج الأطفال فى المدارس لمدرسين تربية خاصة، فعلى سبيل المثال هناك مرض منتشر بين عدد كبير من الأطفال في مصر وهو فرط الحركة وضعف التركيز، وهؤلاء بحاجة لمدرسين من هذا الاختصاص. وأطالب بوضع كتب توعية داخل المستشفيات، وهو ما نسعى للقيام به حالياً بالتعاون مع وزارة الصحة، حتى تحصل الأم التي تلد طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة على كتب تساعدها في تأهيله.
ما الحياة التي تحلمي بها لصوفي؟
أتمنى أن يأتي اليوم الذي تذهب فيه صوفي للسوبر ماركت لشراء ما تريد دون أن يقول لها البائع "أطلعي أنتِ وابعتي حد تاني" واتمنى ألا تعاني عندما تلتحق بالجامعة كما عانيت لإلحاقها بالمدرسة.