جواهر الطاهر: تحقيق العدالة الجندرية يبدأ بإلغاء القوانين التمييزية
القضاء على التمييز واحد من القضايا التي تحتاج لعمل دؤوب من أجل التأثير الفعلي في واقع المجتمع لأنه مرتبط إلى حد كبير بالثقافة السائدة التي تجعل النساء في مرتبة أدنى من الرجال وهو ما يترتب عليه الانتقاص من حقوقهن.
أسماء فتحي
القاهرة ـ العدالة الجندرية حلم تعمل العديد من الجهات على تحقيقه في محاولة منها للقضاء على مختلف أشكال التمييز، ولكن الأمر معقد بدرجة كبيرة كونه يحتاج جهد ووقت من أجل جنى ثمار العمل على هذا الملف الشائك.
أساس التمييز يعود لنظرة المجتمع للنساء واعتبارهن في ترتيب أقل من الرجال، وهو الأمر الذي انسحب بدوره على مختلف أشكال التعاملات فنجد هناك انتقاص لحقوقهن داخل المجال العام والخاص.
ولمعرفة المعوقات التي تحول دون القدرة على تطبيق العدالة الجندرية والحلول التي من شأنها أن تعالج تلك الأزمة كان لوكالتنا مع المحامية جواهر الطاهر، وهي مديرة برنامج الوصول للعدالة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية، التي تحدثت عن جانب من عملهم في المؤسسة على هذا الملف ومستقبل تنفيذه على أرض الواقع، الحوار التالي:
هناك عدد من الأزمات تمر بها النساء ومنها التمييز... برأيك ما هي أبرز المعوقات التي تمنع تحقيق العدالة الجندرية؟
هناك الكثير من الإشكاليات في المجتمع المصري ومنها الثقافة المجتمعية التي رسخت في الوجدان أن النساء أقل من الرجال، وهو ما انعكس على الممارسات العامة، وهذه الثقافة انعكست أيضاً على القوانين فلدينا ترسانة من على درجة عالية من الكفاءة كتابةً وصياغة ولكن مازالت بها مواد تميز بين الجنسين حتى في العقوبة.
فالدستور المصري يتحدث عن المساواة أمام القانون ولكن القوانين بها الكثير من المواد التمييزية، فالعقلية الذكورية أيضاً تتحكم في تفكير من كتبوا التشريعات، لذا يجب العمل على إيجاد قوانين تدعم المساواة وتعديل النصوص التمييزية منها، فنحن في مؤسسة قضايا المرأة المصرية نعمل منذ فترة على إعداد ورقة بها جميع الإشكاليات الموجودة في القوانين المصرية والتشريعات وحصر لعدد القوانين التمييزية بين الرجل والمرأة وأغلبها في العقوبات والأحوال الشخصية.
وتعمل مؤسسة قضايا المرأة الآن على مشروع متكامل نسعى خلاله للخروج بمشروع قانون خاص بإنشاء مفوضية التمييز التي نص عليها الدستور المصري في عام 2014، وإلى الآن لم يحدث تفعيل للأمر، كما قمنا بصياغة مشروع قانون به أكثر من 14 مادة ونتمنى أن يتبناه أعضاء البرلمان ليتم تقديمه للجنة التشريعية من أجل مناقشته في وقت قريب.
كان لمؤسسة قضايا المرأة المصرية دور في تحريك المياه الراكدة في ملفات رئيسية منها العنف والأحوال الشخصية والوصاية... إلى أي مدى ترين أن ذلك العمل أثر على الواقع التشريعي؟
تعمل مؤسسة قضايا المرأة المصرية منذ نحو 20 عاماً على قانون الأحوال الشخصية وتم وضع أولى اللبنات في طريق الوصول له في عام 2003، وعملنا من خلال لقاءات مع فئات مختلفة منها المحامين والإعلاميين وأصحاب المصلحة الذين يعانون من إشكاليات على أرض الواقع وتضرروا من قانون الأحوال الشخصية.
وخلال العشرين عاماً عملنا جاهدين على صياغة مشروع قانون الأحوال الشخصية وفي العام الماضي فقط تم إنشاء لجنة من قبل وزارة العدل لصياغة مشروع قانون جديد، وهو ما حرك الأمل بداخلنا نحو إنجاز الأمر سواء للمسلمين أو المسيحيين، وعندما خرج وزير العدل متحدثاً عن بعض ملامحه وجدنا بها تقارب كبير مع المشروع الذي أعدته المؤسسة.
وأرسلنا مشروع القانون لجميع الجهات المعنية بالأمر ومنها اللجنة المشكلة من قبل وزارة العدل ورئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والمجلس القومي للمرأة، وتبنته النائبة نشوى الديب وتمكنت من الحصول على 60 توقيع من أعضاء البرلمان ليدخل اللجنة التشريعية.
ما أبرز ملامح مشروع القانون الجديد المناهض للتمييز في مصر الذي تعملون عليه؟
مشروع القانون به أكثر من 14 مادة نتحدث خلاله عن إنشاء مفوضية تناهض التمييز، وهناك عدد من المواد نعمل من أجل إلغائها ومنها المادة رقم 17 التي تعطي سلطة تقديرية للقضاة للنزول بالعقوبة درجة أو اثنين، وهو الأمر الذي يتم استخدامه في جرائم الشرف والاغتصاب.
وهناك مواد تمييزية نعمل من أجل إلغائها وصياغة أخرى تضمن العدالة والمساواة للجميع رجال أو نساء حتى يتم إلغاء المواد التي تميز بين الجنسين أو تخفف العقوبة عن الرجل في الوقت الذي تشددها على المرأة في نفس الجريمة.
التمييز جانب ليس بالقليل منه مرتبط بثقافة المجتمع... فما هي أدواتكم التي ستعالجون بها هذا الأمر من أجل إحداث تغيير حقيقي؟
كمؤسسة ومشروع نعمل على رفع الوعي المجتمعي، فلابد من رفع معدل الوعي بحقوق كلا الجنسين وضرورة وجود مساواة أمام القانون، وجزء من عملنا عبارة عن تقديم مجموعة من المعارف للنساء المهمشات الغير مدركات لحقوقهن خاصة الجزء الخاص منها بالدستور المصري، فضلاً عن تعريفهن من خلال ندوات التوعية على القوانين التمييزية وإشكاليات الأحوال الشخصية.
ولإدراكنا أهمية دور الإعلام في تسليط الضوء على القوانين التمييزية نحرص على منحهم المادة اللازمة من أجل القيام بعملهم المؤثر فعلياً في أفكار وثقافة القراء.
ونعمل أيضاً مع المحاميين والمحاميات لأن قطاع منهم قد لا يعلم عن وجود القوانين التمييزية ويتم تدريبهم على الاتفاقيات الدولية خاصة المعنية بإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وبالتالي نضعهم في خارطة العمل حتى نتمكن من تغيير الواقع والتأثير في تلك القضية، بالإضافة إلى العمل مع الطلاب والطالبات خاصة في كلية الحقوق وحديثي التخرج لخلق جيل واع بالعدالة الجندرية والاتفاقيات الدولية وأهميتها وعلاقتها بالقانون والدستور، فنحن ندرك أهمية العمل مع صانعي ومسؤولي السياسات والتنفيذيين الموجودين في الدولة وضرورة وجودهم معنا على طاولة الحوار لنستفيد من مواقع عملهم ونتعاون معاً من أجل إلغاء التمييز الواقع على النساء في التشريعات والقوانين المصرية.