جمانة قويدر سفيرة الفضاء في قطاع غزة
حولت جمانة قويدر حلمها إلى حقيقة، بأن أصبحت أول المؤسسين للفريق الفلكي التابع للجمعية الفلكية الفلسطينية في كلاً من الضفة الغربية وقطاع غزة
رفيف اسليم
غزة - ، وقدمت المساعدة للكثير من الأشخاص للتعرف على الفضاء.
بدأت قصة جمانة قويدر (29) عاماً، حسب قولها عندما كانت تشاهد أفلام الخيال العلمي عبر قنوات التلفاز وهي في سن السادسة عشر وقد لاحظ والدها شغفها فأهداها عدد من الكتب العلمية المتخصصة بموضوعات علم الفلك, لافتةً أنه بالرغم من استهزاء من حولها لاهتمامها بهذا المجال، إلا أنها لم تتنازل عن حلمها وأصبح انتقادهم يزيد شغفها للوصول إلى بداية الطريق ورؤية النجوم والتعرف إلى أسماء الكواكب ودورة حياتهم وعلاقتهم بكوكب الأرض.
وتقول جمانة قويدر أن حلمها بدأ يتحقق عندما تلقت رسالة عبر بريدها الالكتروني من إحدى صديقاتها تخبرها أن الدكتور سليمان بركة عالم الفلك الفلسطيني في وكالة ناسا الأميركية ينوي تشكيل فريق مختص بعلم الفلك في قطاع غزة ويبحث عن أشخاص مهتمين, مضيفة أنها لم تستطيع تمالك نفسها من الفرحة وفتحت الرابط على الفور للتسجيل في المقابلات التي ترتبط بأحد المراكز بغزة عبر مرحلتين وبدقة عالية.
لا زالت جمانة قويدر تستذكر تلك المقابلة التي أجرتها وهي في (22) من عمرها وتخبرنا بأنها اجتازت المرحلتين والتقت بالعالم سليمان بركة في أول ندوة علمية منظمة لعلوم الفلك والفضاء في قطاع غزة, مشيرة أنها شاهدت أيضاً أول تليسكوب فضائي الذي كان من الصعب جداً إحضاره للقطاع بسبب القيود التي يضعها "الاحتلال الإسرائيلي" ورغبته في زرع سياسية الجهل بين أبناء غزة لكن مع جهود العالم سليمان المتواصلة تم الأمر.
تحسست جمانة قويدر في ذلك اليوم التليسكوب كطفل صغير متلهف لاستكشاف لعبته الجديدة ها هي الأجزاء كما تراها بالصور والأفلام لونه الأسود والعدسة المكبرة حسب حديثها, مضيفة أن جميع تلك الأحداث كانت في عام (2014) وبمشاركة فريق مكون من (30) شخص، لذلك لم يكن هناك وقت طويل لتقضيه برفقة التليسكوب, فكل ما كان لديها بعد سنوات الانتظار الطويلة خمسة دقائق لتسمح لباقي أعضاء الفريق بمشاهدة النجوم ليلاً عن كثب هذه المرة.
وتشير جمانة قويدر أنه لم يكن من السهل إقناع أسرتها أن تغادر المنزل ليلاً لتشاهد النجوم فهذا الأمر بالنسبة لأهل قطاع غزة هو ضرب من ضروب الجنون وأمر مستحيل, لكن والدها كان متفهم لذلك كما أن ثقته الكاملة بجمانة أنها ستصبح من أفضل أعضاء الفريق هي ما دفعته لسماح لها بالذهاب, وتشير بأنه بعد ذلك أصبحت الجلسات العلمية منظمة وأكثر دقة في تلقي المعلومات ليصبح الفريق العلمي قادر على مواكبة العالم بعد أشهر من تكوينه فقط.
وتكمل جمانة قويدر أنها وأعضاء الفريق أصبحوا بفضل الجلسات التأملية خلال ساعات الليل قادرين على تحديد أسماء النجوم بدقة ومعرفة الكثير من الظواهر الكونية عن علم الفضاء لتخبر أسرتها بها, مشيرة أنهم يستمعون لها باهتمام بالغ لأن ما تقوله يشاهدونه بشكل فعلي وهو يحدث بالسماء كانزلاق نجمة من السماء وظهور قمر الحصادين الخاص بزراعة الأرض والمرتبط بالأساطير الفلسطينية القديمة الخاصة وبخصوبة الأرض.
وتشير جمانة قويدر أنه بعد سنة واحدة فقط كبر عدد المنتسبين لفريق سفراء المريخ فقرروا تقسيمه لقسمين الأول العلماء والباحثين ذات الخلفيات العلمية والدارسين لتخصص الفيزياء والكيماء والذين ساعدوا في إجراء عدة أبحاث خاصة بعلم الفلك وقد أطلق عليهم أعضاء مركز أبحاث الفلك والفضاء, مكملة أن القسم الآخر كان للهواة وقد أطلق عليه نادي هواة الفلك لأن المركز لم يكن يرغب برفض أي شخص لديه حب وشغف فعلي لعلم الفضاء الخارجي.
وتبين جمانة قويدر أن المشكلة كانت بازدياد أعداد المنتسبين في فترة زمنية قليلة فكان من الصعب تقسيمهم وإدماجهم في الورشات التعليمية والدورات التدريبية أيضاً, مضيفة أن عادات البلد كانت تصعب من إجراء المخيمات الفلكية في الليل حتى للشباب ومن خروجهم أيضاً إلى الدول العربية والأجنبية للمشاركة في الخيمات والأنشطة وحتى بعض الجلسات التعليمية لتقديم الأبحاث فدوماً يختارون من ينوب عنهم بالضفة من الأعضاء للمشاركة.
تعقيدات "الاحتلال الاسرائيلي" والمعبر في قطاع غزة حسبما أفادت جمانة قويدر منعتها من حضور جلسة كانت قد نظمتها مع دولة المغرب العربية ليرسل فريق ينوب عنهم وتتابعه هي من خلال برنامج الزوم, مشيرةً أنها مازالت تتمنى أن تشارك بنفسها في تلك الفعاليات وترى نتائج أبحاثها على أرض الواقع وأيضاً الأجهزة المستخدمة والقمر الصناعي ومحطة الانطلاق بالفضاء وعدة تفاصيل أخرى خاصة بالرواد الذين حلمت أن تكون منهم ذات يوم.
وتشير جمانة قويدر اليوم بعد أن أصبح نشاط الجمعية الفلكية منظم، اتجهت المدارس لتعليم الأطفال المهتمين بالفضاء الخارجي, مستدركة أنها تفتن بابتسامتهم المشدوهة عند تلقيهم المعلومات وتركيزهم الذي يصل لـ 80 % عند سماعهم للمعلومات, لافتةً أن أولئك الأطفال يناقشونها بعد عدة جلسات في أمور علمية بحتة ويطالبون اللقاء بها باستمرار, وقد بلغ عدد المستفيدين حتى الآن (140) طفل من مختلف مدارس قطاع غزة.
وتحاول جمانة قويدر حسب قولها أن تربط علم الفلك بالتاريخ والحضارات الكنعانية والمصرية والبابلية كي توضح دوره في حياة تلك الحضارات ولماذا كانوا يرسمون النجوم على جدران المعابد, وأيضاً أهمية مراحل القمر في الحصاد والنجوم للملاحة البحرية وطرق السفر البري قديماً, مضيفة أنها تحاول أن تربط الفضاء بالجغرافيا والبيئة وطرق الاسترخاء وببعض العلوم الأخرى لتكون جلسة غنية وممتعة في الوقت ذاته.
وتضيف جمانة قويدر أن بعض الأطفال يتفاجئون عندما يعلموا أن المعادن مصادرها النجوم كالحديد والغازات كغاز الهيلوم ذات الاستعمالات المتعددة, لافتةً أن جائحة كورونا أوقفت جميع الأنشطة المذكورة للأطفال والبالغين وأنها تحضر حالياً برفقة فريقها الفلكي لعدد من الأنشطة والمخيمات في غزة وخارجها على أمل أن يزول الوباء أو أن تخف حدته في الأيام القليلة المقبلة ولاستكمال الأنشطة وإدخال أعضاء جدد أيضاً للفريق.