في ظل الظروف المأساوية... نساء غزة أيقونات الصمود والتحدي

مثلت نساء غزة مصدر قوة حقيقي للشعوب المضطهدة، وتستحققن الإشادة بصمودهن وتقدير تضحياتهن، فعلى الرغم من تداعيات الحرب الخانقة إلا أنهن خلقن آليات التكيف والصمود.

نغم كراجة

غزة ـ تكتب النساء في غزة قصص الصمود والتحدي في ظل الحرب الهمجية التي انتهكت حقوقهن، لتقفن بوجه التهديدات والقصف المتواصل، لتثبتن أنهنّ أكثر من مجرد ضحايا، بل أنهن رموزاً للصمود والقوة في وجه الظلم.

أكدت المديرة العامة لمؤسسة أدوار للتغير الاجتماعي سحر القواسمة أن النساء في غزة تشكلن درساً حياً عن الصمود والإرادة، وأن الأمل لن ينقطع وأن القوة الحقيقية تكمن في الإرادة الصلبة والتصميم في التغلب على الصعوبات وتواجهن التحديات بدءاً من القصف المتكرر والهجمات العسكرية وصولاً إلى الحصار الشامل الذي يؤثر على حياتهنّ اليومية ويزيد عبء المسؤولية الملقاة على عاتقن.

وأضافت أن نساء غزة تمثلن مصدر قوة حقيقي للشعوب المضطهدة، وتستحققن الإشادة بصمودهن وتقدير تضحياتهن، فعلى الرغم من تداعيات الحرب الخانقة إلا أنهن خلقن آليات تكيف وصمود من خلال قدرتهن على توفير المأكل والمشرب والملبس لأسرهن في ظل شح المواد الغذائية والامدادات، كذلك استطعن تشكيل حالة من الانسجام والحضانة النفسية الاجتماعية بوسائل مختلفة مع مثيلاتهن وتقديم الدعم والمساندة لبعضهن البعض.

ولفتت سحر القواسمة إلى أن رحلة النزوح اليومية أعظم التحديات التي تواجه النساء، فهن مجبرات على مغادرة منازلهن قسراً تحت القصف وانتقالهن إلى مراكز الإيواء المكتظة والخيم المتلاصقة والضيقة، جميعها سلبتهن خصوصيتهن وضيقت على حركتهن وسط غياب الأمن والاستقرار النفسي، حتى أن وصولهن إلى أدنى مقومات الحياة المعيشية واليومية بات مهمة شبه مستحيلة وتشكل خطراً كبيراً على حياتهن.

كما سلطت الضوء على أوضاع النساء والفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة، وتقول "تواجه ذوات الإعاقة حرباً أخرى متمثلة بانقطاع الخدمات الصحية والعلاجات اللازمة والمعدات الخاصة بهن وغياب المؤسسات والجمعيات المعنية بمتابعة أحوالهن، ولا توجد أي حصانة تحميهن من المحيط الذي أجبرن على العيش فيه"، مؤكدةً أن هذه الفئة هي الأكثر عرضة للخطر من بين النساء، وهنالك تخوفات وشكوك مرعبة حول أوضاعهن.

ولفتت خلال حديثها إلى أنه "في يوم المرأة يجدد العالم احترامه وتقديره للنساء اللواتي تقفن وراء الستار وتتحملن أعباء الحياة، والأمهات اللواتي فقدن أبناءهن في سبيل الحرية والعدالة، والزوجات اللواتي تقدمن دعمهن وقوتهن لشركائهن حتى يبقوا صامدين، والنساء اللواتي تبقين شمعة الأمل مضاءة رغم جراح الفقد، واللواتي تتجاوزن حدود الظروف وتعبرن عن قوة الإرادة والعزيمة".

وأضافت سحر القواسمة أن "شهر آذار هو فرصة لاستحضار تضحيات النساء في غزة والإشادة بصمودهن، على الرغم من التشريد والتدمير ورحلة النزوح الشاقة تبقى النساء مصدر الدعم لأسرهن، وهن أيضاً أولى ضحايا الحرب، حيث تتعرضن لأبشع أشكال العنف والانتهاكات الجسيمة من قصف وتهجير واعتقال وحصار"، مؤكدة أنه يجب تسليط الضوء على نفاق المجتمع الدولي الذي يتجاهل معاناتهن ويغض الطرف عن مصيرهنّ المأساوي، كما يجب على العالم أن يسمع أصواتهن ويدعمهن في مطالبهن بالعيش الآمن والاستقرار وإنهاء الحرب والاحتلال".

وأوضحت أن "النساء واجهن واقعاً مريراً يفوق الوصف، حيث تشير الأرقام إلى مقتل 9 آلاف امرأة أي بمعدل 62 امرأة وفتاة يومياً من بينهن 37 أماً والعدد في تزايد، وهو رقم مأساوي يعكس حجم الفاجعة التي تعيشها المرأة في غزة، كما تعاني 60 ألف امرأة حامل من سوء التغذية، مع تسجيل ولادة 5 آلاف طفل شهرياً دون توفر رعاية صحية، بينما يجدّد النزوح لمليون امرأة معاناتهن بسبب ظروف الحرب والتهجير، وكذلك تعرضهن للاحتجاز والتعذيب، والعيش تحت وطأة الظروف القاسية".

وقد لعبت المؤسسات النسوية دوراً فعالاً ومتعدد الأبعاد في التصدي لانتهاكات الحرب ضد النساء وتمثلت هذه الجهود في صياغة البيانات والتقارير التي كشفت عن جرائم الإبادة، وتقديمها إلى المنظمات الدولية والجهات المسؤولة لتحقيق العدالة، بحسب ما قالته سحر القواسمة، مضيفةً أن هذه المؤسسات قامت بتوثيق معاناة النساء والفتيات بالصوت والصورة، وتعزيز تواجدهن في المجال العام الدولي، من خلال تسليط الضوء على قصصهنّ وتجاربهنّ بهدف رفع الوعي العالمي تجاه الظروف الصعبة التي تواجهها النساء في غزة، وضمان تلقي الدعم اللازم لهنّ من المجتمع الدولي في سبيل حماية حقوقهنّ وتحقيق العدالة والسلام في المنطقة.

وبالإشارة إلى الدور الإنساني الذي قامت به مؤسسة أدوار للتغيير الاجتماعي باعتبارها جزء من الحراك النسوي الفعال للتخفيف من حجم المأساة التي تعيشه النساء والفتيات والأطفال في قطاع غزة قالت "استطعنا تعزيز الحصانة النفسية وآليات التواصل بين أفراد الأسرة والأولوية كانت للنساء والفتيات من خلال تقديم سلسلة جلسات دعم نفسي لهن وكذلك فقرات ترفيهية للأطفال في مراكز الإيواء ومخيمات النزوح، إلى جانب توفير بعض المواد الغذائية، وخصصنا مساعدات للنساء اللواتي تعانين ضغوطات نفسية واجتماعية نتيجة الأحداث العنيفة وآلام الفقد".