في الشرق الأوسط... أزمات وحروب ونضال ضد العنف في 25 نوفمبر ـ 6 ـ
خلال عام 2024 تعرضت النساء في المناطق المحتلة من قبل تركيا وعملاؤها من المرتزقة لمختلف أشكال العنف سواء كان مجتمعي أو سياسي أو حقوقي مما تسبب في ضعف النساء لتصبحن ضحية سهلة يفرغ عليها الرجل غضبه من الوضع السائد بالصفع والإهانة.
مركز الأخبار ـ لم يتغير شيء منذ اليوم العالمي للعنف وحملة الستة عشر يوماً للعام 2023 في المناطق التي تحتلها تركيا في إقليم شمال وشرق سوريا وسوريا عموماً، والأصح أنه لم يتغير شيء منذ سيطرة هؤلاء المرتزقة قبل سنوات فلا معنى للاحتفال هناك والأزمة السورية ما تزال عالقة ولا نية للاحتلال التركي لإعادة الأرض لأصحابها.
الشمال السوري مرتعاً للإرهاب
قبل سنوت وتحديداً في عام 2016 قررت القوى الدولية نقل المرتزقة في مختلف المدن السورية إلى إدلب لضمان أمان تلك المدن في الداخل السوري لكن بالمقابل أصبحت إدلب مرتعاً للإرهاب والنساء هناك تعانين أشد المعاناة بعد أن فرضت ما تسمى بـ "هيئة تحرير الشام" النصرة سابقاً قوانينها الضاربة في التخلف والرجعية وفرضت النقاب على النساء واستولت على السلطة ذات الأيدولوجية الإخوانية المدعومة من الاحتلال التركي وبعيداً عن رفع أعلام الاحتلال والتعامل بعملته هناك حرباً ليست بخفية أبداً على المرأة وحقيقتها إذ يعمل هؤلاء المرتزقة على تدجين النساء وإلهاء المرأة بهموم المعيشة وكانت وكالتنا في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في العام الماضي 2023 قد أخذت آراء عدة نساء حول هذا اليوم ليجبنَّ أنه مجرد اسم فالعنف قائم بكل أشكاله على نساء إدلب التي تعاني على مختلف الأصعدة منه.
بالطبع في مثل هذا الوضع لا توجد إحصائيات عن العنف المرتكب بحق النساء خلال عام 2024 سواء على مستوى الأسرة أو على مستوى سلطة الأمر الواقع المتمثلة بهيئة تحرير الشام وذراعها السياسي "حكومة الإنقاذ"، وهذه بعض الحقائق التي حصلت عليها وكالتنا:
تنفذ "هيئة تحرير الشام" بشكل مستمر عمليات قتل بحق نساء تحت ذرائع مختلفة من بينها العمالة، والزنا، حيث تجري هذه العمليات دون إجراءات قضائية شفافة، فالمتهمات يتم احتجازهن في سجون سرية، حيث تتعرضن لمحاكمات سريعة وغير عادلة، وغالباً ما يتم تنفيذ أحكام الإعدام بحقهن بعد جلسات قصيرة دون الحصول على حقهن في الدفاع عن أنفسهن.
وقالت عدد من النساء لوكالتنا أن التهم التي توجهها الهيئة للنساء تتنوع بين "سب الذات الإلهية"، وهو اتهام خطير في ظل حكم ديني صارم، إلى العمالة مع جهات مناوئة للهيئة، وصولاً إلى تهمة "الزنا" التي تعتبر جريمة تُعاقب عليها بشدة وفق تفسيرهم للشريعة، حتى أن الجثامين يتم التخلص منها بدفنها دون أي مراسم.
وتعرضت المتظاهرات للضرب والترهيب واقتحام منازلهن على خلفية مشاركتهن في مظاهرات مناوئة لـ "هيئة تحرير الشام" في تموز/يوليو الماضي.
ولأن العنف ليس فقط الضرب أو القتل فإن العوائق والعصي في العجلات التي توضع أمام أي نشاط نسائي هي أيضاً عنف، تتعرض له النساء اللواتي لم تقتنعن بالدور الذي فرضه المجتمع عليهن، فالعديد من النساء اللواتي حاولن المشاركة في الحياة العامة في إدلب واجهن تحديات تتعلق بالتقاليد وصلت حد التهديد أو الخطف من قبل المرتزقة.
ولكن بالمقابل لم تيأسن فعندما تم منعهن من تنظيم اجتماعات علنية، لجأن إلى الإنترنت لتنظيم ورش العمل الافتراضية وتوعية النساء، متحديات ما وصفنه بـ "محاولة فرض الصمت"، ولا يمكن تجاهل العنف المتعلق بحرمان الفتيات من التعليم، الذي يصب في صالح زواج القاصرات الذي سجل نسب قياسية خلال السنوات الأخيرة.
وقد وجد العنف الاقتصادي طريقه إلى نساء إدلب حيث يتم تشغيلهن لكن وسط ظروف قاسية إذ تمتد ساعات العمل من 12 إلى 14 ساعة في اليوم، لعوامل تتعلق بالفقر والحاجة الملحة للعمل، الذي يستغله أصحاب المحال والمطاعم لتوظيف النساء بأجور زهيدة بسبب ظروفهن المعيشية القاسية، هذا عدا عن اللواتي تذهب رواتبهن إلى جيوب أزواجهن منهم مدمنين على المخدرات.
وحتى أنهن لا تمتلكن الحق فما ترتدين مما يشكل عليهن عنف نفسي يزيد من معاناتهن معاناة فقد أرغمن على ارتداء النقاب بالقوة من قبل العائلة خوفاً من التعرض للمساءلة من قبل حواجز "هيئة تحرير الشام".
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش عن الوضع الحقوقي "في الأراضي التي تحتلها تركيا في شمال سوريا، ارتكبت فصائل مختلفة من "الجيش الوطني السوري" والشرطة العسكرية، وهي قوة أنشأتها "الحكومة السورية المؤقتة" للحد من انتهاكات الفصائل، انتهاكات عديدة ضد عشرات الأشخاص، مع إفلات من العقاب، وشملت الانتهاكات الاعتقال والاحتجاز التعسفيين، والاخفاء القسري، والتعذيب وسوء المعاملة، والعنف الجنسي، والمحاكمات العسكرية غير العادلة".
الاختطاف طلباً للفدية وقمع النساء
رغم أن الأمم المتحدة أصدرت القرار 1325 الذي يضمن حقوق النساء والأطفال في الحروب إلا أن هذا القرار لم يكن سوى حبر على ورق ولم يدخل حيز التنفيذ، وهذا واضح في عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض/كري سبي المحتلة فالمرأة عرضة لمختلف الانتهاكات، فعلى مدى خمس سنوات مارس مرتزقة الاحتلال التركي مسلسل التهجير والقتل والتدمير وسياسة التتريك والتدمير المجتمعي والتاريخي، ناهيك عن عمليات السلب والنهب والاعتقال والإخفاء القسري والاستيلاء على ممتلكات المهجرين وتشكيل شبكات للإتجار بالبشر وتجارة المواد المخدرة، وبات التغيير الديموغرافي سمة من سمات المدينة وأريافها كما المناطق المحتلة الأخرى.
والعنوان العريض للوضع الأمني في عفرين المحتلة هو الاختطاف من أجل الفدية والتغيير الديمغرافي نضيف إلى ذلك الاقتتال بين المرتزقة، وقد كان للنساء نصيب من عمليات الاختطاف.
وبحسب ما وثقته منظمة حقوق الإنسان عفرين ـ سوريا من جرائم واعتداءات المحتل التركي بحق النساء في عفرين المحتلة خلال عام 2024، ففي تاريخ 22 حزيران/يونيو تم مداهمة منزل المسنة الكردية الايزيدية غزالة درويش عربو من أهالي قرية باصوفان وتم ربطها من قبل لصوص وهم من مرتزقة الاحتلال التركي.
وفي تاريخ 24 حزيران تم إصابة المسنة الكردية زينب شيخو 85 عاماً من أهالي ناحية راجو بجلطة قلبية بعد تعرضها للضرب على يد المرتزقة، وإضافة إلى ذلك تم الاعتداء على امرأة برفقة زوجها من قبل "الشرطة العسكرية" على حاجز الباسوطة. وفي قرية دير صوان تم الاعتداء على امرأة برفقة طفلها الرضيع وهي من المستوطنين القادمين إلى عفرين.
كما لم تسلم النساء من التحرش حيث قام أحد مرتزقة "فرقة السلطان مراد"، في ريف عفرين بالتحرش بامرأة واغتصابها، وفي أيلول/سبتمبر هاجم مرتزقة تابعون لـ "فرقة السلطان سليمان شاه" احتجاجا نسائياً في قرية كاخرة، التي جرى فرض حصار مشدد عليها وفرضت ضرائب جديدة على مزارعي الزيتون، هذا الهجوم بالضرب والرصاص الحي أدى لإصابة 4 نساء.
إلى جانب الانتهاكات والاعتداءات التي تم ذكرها كشفت المنظمة حصيلة الانتهاكات بحق النساء منذ بداية الاحتلال، حيث تم اعتقال واختطاف أكثر من 1200 امرأة، وما يزال مصير أكثر من 100 امرأة مجهولاً إلى يومنا الحالي.
والنساء اللواتي تعرضن للاغتصاب منذ بداية الاحتلال عددهم أكثر من 72 امرأة، واللواتي فقدن حياتهنّ 96 بينهم 8 حالات انتحار نتيجة الأوضاع المعيشية والأمنية الصعبة في عفرين، وعشرات حالات زواج القاصر نتيجة سطوة السلطة الأمنية وإجبارهم على الزواج منهنّ.
جميع الحالات والانتهاكات التي تم ذكرها ضمن هذا التقرير أثبتت بأن المرأة تعاني من ضغوطات نفسية ويتم ممارسة عنف ممنهج بحقها بغية القضاء على دورها وجعلها مستعبدة من قبل النظام الذكوري المتسلط، وكل هذه الانتهاكات تثبت مدى حقد تلك الذهنية لدور المرأة وخاصة المرأة الحرة التي تنتفض بوجه سياستهم.
وعلى الرغم من وجود حماية خاصة للنساء والأطفال يكفلها القانون الدولي في العديد من المواثيق والعهود الدولية ومنها اتفاقية جنيف الرابعة من الفقرة الثانية من المادة "72" وتتضمن المادة "يجب حماية النساء بصفة خاصة ضد أي اعتداء على شرفهنّ، لا سيما ضد الاغتصاب وأي هتك لحرمتهنّ"، وكل هذه القوانين لن تحمي حقوق النساء داخل الأراضي المحتلة وتركيا تخالفها عبر انتهاكاتها التي تتضاعف يوماً بعد الاخر.