فرحتها تحولت إلى مأساة... شابة تفقد قدمها جراء غارة

"لا أشعر بقدمي، ابحثوا عنها لا أريد فقدها"، هذه الكلمات الأولى التي لفظتها صابرين الخيري وهي تفترش الأرض نتيجة الغارة الإسرائيلية التي استهدفت المنزل الملاصق لهم.

رفيف اسليم

غزة ـ لم تكن صابرين الخيري تعلم أنها في اليوم المقرر به ذهابها لأداء تجربة فستان الزفاف سيغير القدر طريقها لينتهي بها الحال في مشفى "الوفا" للتأهيل الطبي والجراحة التخصصية لتركيب طرف صناعي، سالبة منها الحرب في قطاع غزة ليس فرحتها فحسب بل قدمها التي هي جزء من جسدها.

قالت صابرين الخيري لوكالتنا، إنها في ليلة الثامن عشر من آذار الماضي، خلدت إلى نومها ما بعد منتصف الليل تقريباً لتستيقظ واجدة نفسها على سرير في المشفى الأهلي العربي، لكن تلك ليست القصة الكاملة فالضحية صابرين الخيري قد تآكل جزء من ذاكرتها جراء الحادث الأليم الذي عايشته.

وأضافت أن الأحداث بعد تجميعها ووفق روايتين واحدة لها والأخرى من قبل عائلتها تمت كالتالي، كانت تلك الليلة حلم بالنسبة لها فقد أغلقت حقائب جهازها بعد تجوالها لساعات هي وخطبيها بالأسواق في قطاع غزة ومن ثم قررت العائلة الاشتراك بخط كهرباء الكيلو الواحد تقدر تكلفته بـ 30 دولار، ليشاهدوا ضوء الكهرباء لأول مرة منذ عام ونصف من بدء الحرب ويفرحوا بعروسهم التي ستغادر المنزل في الأيام القليلة المقبلة.

لا تنسى صابرين الخيري، فرحة الصغار والكبار ولا صخب البيت الذي حمل أجواء من الأمل، خاصة أنهم عادوا لبيتهم بعد نزوحهم بخيمة في جنوب القطاع لما يقارب العام ونصف، حتى استهدفت القوات الإسرائيلية منزل ملاصق لهم لتجد نفسها هي وابنة عمها ذات 4 سنوات في الطريق تفترش الأرض من هول الانفجار وهي تردد "لا أشعر بقدمي، ابحثوا عنها لا أريد فقدها"، بينما توفت الطفلة ونقلت هي للمشفى الأردني لإجراء عدة عمليات جراحية صعبة ومعقدة.

لدى صابرين الخيري، وفق ما أفادت لنا كسر في الظهر وبتر في القدم وكسور أخرى تحتاج للكثير من الوقت حتى تتعافى منها، كما أنها بحاجة ماسة إلى تحويلة علاج للخارج كون جل ما يمكن تقديمه لها في المدينة المحاصرة بعض الماء، لافتة إلى أن الغذاء الصحي غير متوفر فلا حياة تمنح لمن نجا من الغارات لا طعام، لا شراب، لا ملبس، ولا أي نوع من مقومات الحياة.

وتشعر بوجع لا يطاق تحمله كأنها كهرباء تمسك بجسدها بمقدار ألف فولت تفقدها القدرة على فتح أعينها، وعندما تبكي مناشدة الأطباء بوجود حل لها يخبرونها بعدم توافر المسكنات أو الأدوية سوى تلك التي تعالج الصداع أو وجع الأسنان.

وتضيف أن لديها خوف كبير من أصوات الغارات والطائرات الحربية ففي كل مرة تسمعها تشعر أنها على وشك الموت، متسائلة هل هناك لو بصيص أمل أن تعيش النساء في مدينة غزة وهي متخلصة من ذلك الخوف الذي أثقل كاهلهن وجعلهن تتمنين الموت في كل لحظة من لحظات الإبادة.

ويعد أكثر ما يخيف صابرين الخيري، خرائط الإخلاء التي أصبحت تنشرها القوات الإسرائيلية مرتان أسبوعياً لجميع مناطق قطاع غزة، مستنكرة كيف ستستطيع هي وعشرات المرضى مثل حالتها التحرك من مكان لمكان وإلى أين تريد القوات الإسرائيلية الزج بالمواطنين بعيداً عن المشافي ومراكز تقديم الخدمات لتتركهم وسط مصير مجهول ما بين الجوع والفقر والخيام.

وتتمنى صابرين الخيري، لو أن بإمكانها الجلوس أو الوقوف على قدمها مرة أخرى كما بقية فتيات جيلها، محاولة العمل على رفع روحها المعنوية بنفسها، ففي كل يوم لا تتعرض به لانهيار عصبي، تكافئ ذاتها، مقنعة نفسها بفكرة الرضا بكل ما مرت به من مصاعب وآلام وأن القادم سيكون أفضل.