دعوة للعشائر العربية... حان وقت الحكمة

ما جرى في مدينة السويداء السورية يمس كل سوري لديه شعور بالانتماء لهذه الأرض، التي لم تعد تحتمل جرح آخر، فما جرى اليوم ليس مجرد خلاف محلي، بل إشارة واضحة على خطر داهم يهدد وحدة سوريا وسلمها الأهلي.

زينب خليف

دير الزور ـ في ظل التصعيد الخطير الذي شهدته مدينة السويداء جنوب سوريا، ومع ازدياد التوترات الطائفية وتدخل بعض العشائر العربية في مجرى الأحداث لصالح الحكومة المؤقتة، تلوح في الأفق بوادر فتنة تهدد بانفجار داخلي جديد قد يعصف بسوريا ويقودها إلى نفق مظلم من الحرب الأهلية التي لا عودة منها.

السويداء تشتعل والدخان المتصاعد من سمائها لا ينذر بحريق محلي، بل بزلزال وطني. ما يحدث ليس مجرد اشتباكات بين أطراف، بل هو صافرة إنذار أخيرة لسوريا كلها، فنار الطائفية بدأ يتحرك تحت الرماد، والفتنة تتربص بالجميع، تنتظر لحظة ضعف لتلتهم المدن والقرى دون تمييز.

وحذرت نصره الحسين وهي من أهالي مقاطعة دير الزور بإقليم شمال وشرق سوريا من تدخل العشائر في الصراع الطائفي الذي أشعلته الجماعات المسلحة التابعة لجهاديي هيئة تحرير الشام، مؤكدةً أن الزج بالعشائر العربية في الحرب الطائفية استهداف لمفهوم العشيرة ومحاولة لإفراغها من مضمونها.

وبينت أن "أحداث السويداء ليست معزولة، بل سلسلة متصلة من المحاولات المتكررة لشق الصف السوري، ودفع المكونات نحو هاوية الحرب الأهلي. هناك من يعمل في الخفاء والعلن لبث الطائفية من جديد، لإعادة رسم سوريا بحدود مذهبية وقبلية لا تمت إلى هويتنا الجامعة بصلة".

وأضافت "نحن اليوم أمام مفترق طرق فإما أن نستفيق ونتّحد، أو نُترك لنغرق في مستنقع دم لا قرار له. هذه ليست معركة درزية أو سنية، ولا خصومة بين جبل وسهل، بل معركة على بقاء الوطن نفسه. فإما أن نكون شعباً واحداً يعبر الجراح، أو نتحول إلى جماعات ممزقة تتناحر على خرائب وطن ضائع".

وأكدت نصرة الحسين أن الشعب السوري "واحد، وما جرى في السويداء لا يمثلنا كسوريين، ولا يشبه أخلاقنا. الفتنة نار، إن اشتعلت لن تفرق بين مدينة وريف، ولا بين طائفة وأخرى. يجب أن نرفض هذه المؤامرات ونقف صفاً واحداً لنحمي بلدنا".

ووجهت نصرة الحسين نداءً للقيادات المجتمعية، وشيوخ العشائر، وصناع القرار في كافة المناطق السورية، مطالبة إياهم بالابتعاد عن التصعيد "على القيادات الكبرى والعشائر أن تتحد، أن يجتمعوا على كلمة واحدة، حتى نحمي أطفالنا من التشرد والضياع. لا نريد لسوريا أن تدخل حرباً طائفية جديدة. نريد أن نربي أبناءنا في وطن آمن، لا في مخيمات ولا في مدن مدمرة".

 

"السويداء ليست وحدها وأطفالها أطفالنا"

وترى أن أحداث السويداء لا تخص أبناء الجبل فقط، بل تمس كل بيت سوري "أطفال السويداء هم أطفال دير الزور، ودماء أبنائهم هي دماء أبنائنا. نحن شعب واحد مهما حاول البعض أن يفرقنا. سوريا وطن لكل أبنائها من كل الطوائف والمكونات، وليست ملكاً لفئة دون أخرى".

وأكدت أن ما جرى في السويداء هو إنذار مبكر لما يمكن أن يتحول إلى كارثة وطنية إذا لم يُحسن السوريون التعامل معه "بين دعوات التصعيد، هناك أصوات نابعة من أعماق سوريا الحقيقية ترفض الانقسام، وتؤمن بأن الوحدة الوطنية هي الخلاص الوحيد من دوامة الفوضى. في هذا الوقت الحرج، تحتاج سوريا إلى صوت الحكمة أكثر من أي وقت مضى، فإما أن نكون يداً واحدة في وجه الفتنة، أو نخسر ما تبقى من وطن جريح".