'إثارة الفتنة بين مكونات سوريا لن يحقق سوى المزيد من المعاناة والدمار'
في ظل الأزمات التي تعصف بسوريا، برز صوت أهالي إقليم شمال وشرق سوريا وخاصة النساء كرمز للتماسك، معبرين عن رفضهم القاطع لمحاولات إثارة الفتنة بين مكونات المنطقة.
يارا الخليف
مركز الأخبار ـ أكدت نساء إقليم شمال وشرق سوريا، رفضهن القاطع لمحاولات إثارة الفتنة بين مكونات المنطقة، والسعي نحو التعايش السلمي المشترك في ظل الإدارة الذاتية الديمقراطية.
في ظل التطورات التي شهدتها الساحة السورية عامة من أعمال عسكرية، يحاول الخلايا النائمة عن طريق منصات التواصل الاجتماعي أو على شكل مجموعات إثارة فتنة بين مكونات إقليم شمال وشرق سوريا وخاصة بين المكون العربي والكردي، من بينها مقاطعة دير الزور.
نساء دير الزور بين الأمل والخوف من عودة داعش
وعما ما جرى في دير الزور خلال الأيام الأخيرة، تقول رويدا سليمان الشلاش إحدى نساء المدينة، أن ما يقوم به البعض هو مجرد محاولات لإثارة الفتنة وزعزعة أمن واستقرار المنطقة، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى الوحدة والتضامن "نحن أهالي دير الزور نرفض إثارة الفتنة بين مكونات الشعب السوري، وندعو الجميع إلى التكاتف والمحافظة على الممتلكات العامة التي تحققت بدماء أبنائنا وعدم نشر الفوضى".
وأشارت إلى أن الهجمات التي يشنها الاحتلال التركي ومرتزقته على إقليم شمال وشرق سوريا، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، معظمهم من الأطفال والنساء "هذه الهجمات تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة وإثارة الفتن بين مكونات المجتمع، نحن أهالي مدينة دير الزور نقف مع قوات سوريا الديمقراطية، ولن نخيب آمال هؤلاء المقاتلين الذي دفع العديد منهم حياتهم ثمناً لحمايتنا، فقد بذلوا جهوداً كبيرة في محاربة داعش، حتى حرروا المنطقة وخلصوا الأهالي من بطشهم".
وحول المستجدات على الساحة السياسية ومحاولات زعزعة أمن المنطقة تقول "نحن نؤمن بأن الحوار هو السبيل الأمثل للحفاظ على وحدة سوريا ووحدة الشعب بكافة مكوناته بعد معاناة دامت أكثر من 13 عاماً، لن نسمح لأحد أن يفرقنا، وغير ذلك لن يحقق إلا المزيد من المعاناة والدمار، فالبلاد تعيش مرحلة حساسة بعد سقوط النظام السوري".
وشددت مجدداً على ضرورة التكاتف والحوار السلمي بعيداً عن استخدام السلاح من أجل تحقيق الأمن والسلام في البلاد بعد سنوات طويلة من عدم الاستقرار "ما يهمنا اليوم هو استقرار المنطقة، إن الدعم والتأييد الذي يوجهه أهالي مقاطعة دير الزور لقوات سوريا الديمقراطية تعكس رغبتهم العميقة في تحقيق الأمن، في وقت تحتاج فيه سوريا إلى الوحدة والتضامن، يبقى الأمل معلقاً على قدرة أبناء المنطقة على تجاوز المحن والعمل معاً لبناء مستقبل يسوده السلام والازدهار لجميع مكوناته".
بدورها أعربت ريم الروام، إحدى نساء دير الزور، عن قلقها وخوفها من عودة داعش، مشيرة إلى أن هذا الخوف ناتج عن تجارب سابقة مريرة فقدن فيها عائلاتهن وأحبائهن، وكانت شاهدة على الانتهاكات التي يرتكبها داعش.
وأكدت أن بعض النساء تشعرن بالقلق بشأن فقدان الحريات التي تم تحقيقها بعد التحرير، حيث تشمل المخاوف فقدان الأمن والاستقرار، وعودة العنف، وفرض القيود على حقوق المرأة، مشيرةً إلى إمكانية استهداف النساء بشكل خاص، سواء من حيث العنف الجسدي أو التمييز الاجتماعي.
وأضافت أن هناك اعتقاداً بوجود تهديدات حقيقية نظراً لوجود خلايا نائمة لداعش في المنطقة، أو بسبب عدم الاستقرار السياسي، موضحة أن الوضع الاقتصادي الصعب قد يسهل عودة داعش إذا لم يتم معالجة الأسباب الجذرية.
ويمكن أن يؤثر هذا الخوف بشكل كبير على الحياة اليومية للنساء، مما يؤدي إلى القلق المستمر والتوتر، فقد يتجنبن الخروج من منازلهن أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية خوفاً من التعرض للخطر، مما يؤثر أيضاً على الأطفال الذين قد يشعرون بعدم الأمان.
ولفتت إلى الأحداث المأساوية التي شهدتها المنطقة بسبب وجود داعش، حيث فرض سيطرته وسبب معاناة كبيرة للسكان ومع تحرير المنطقة "بدأت النساء في دير الزور تستعدن بعض الأمل، لكن الخوف من عودة داعش لا يزال يسيطر على قلوبهن".
وأكدت ريم الروام أن "التحرير كان لحظة تاريخية بالنسبة لنا شعرت بالحرية لأول مرة منذ سنوات لكنني أرى أن هناك حاجة لمزيد من الدعم من المجتمع الدولي لضمان عدم عودة داعش، ونحن كنساء يجب أن نكون جزءاً من العملية السياسية والأمنية لنحمي أنفسنا وأسرنا".
"المرأة عاشت حقبة سوداء خلال سيطرة داعش على الرقة"
وحول واقع المرأة إبان سيطرة داعش على المنطقة، قالت عضوة مجلس تجمع نساء زنوبيا في مقاطعة الرقة أمينة الصالح إن "المرأة عاشت حقبة سوداء خلال سيطرة داعش على مدينة الرقة بسبب تعرضها للعديد من الانتهاكات فقد مورس بحقها كافة أشكال العنف والقتل والرجم والخطف تحت ذرائع واهية، وفرض عليها الزي الأسود ومنعت من الخروج من منزلها، كما أن صوتها كان ممنوع أيضاً وقُمعت حريتها وهمش دورها في جميع المجالات".
وعن القفزة التاريخية في واقع المرأة بعد تحرير مدينة الرقة، أكدت أن "تحرير مدينة الرقة على يد قوات سوريا الديمقراطية أشبه بولادة حياة جديدة للمدينة والأهالي فقد تمكنت النساء من نزع الزي الأسود الذي كان يقيد حركتهن، وتمكنّ من خلال فكر ونهج مشروع الأمة الديمقراطية الحصول على حريتهن وجميع حقوقهن"، لافتة إلى الإنجازات والمكتسبات التي حققتها ثورة المرأة "لعبت المرأة دوراً ريادياً وبارزاً على جميع المجالات مناصفة مع الرجل، وأخذت مكانة مرموقة في المجال العسكري والسياسي والتي لم تسنح لها أي نظام مسبق بهذه الفرصة".
وعن مخاوفهن من إعادة إحياء داعش في المنطقة، أوضحت أن "المنطقة تشهد مرحلة حساسة من المجريات على الساحة السياسية وهناك خطر حقيقي ينذر بإعادة إحياء داعش نفسه لذا كنساء مدينة الرقة لدينا مخاوف من هذا وخاصة بعد الظلم والإهانة والعنف الذي عشناه خلال فترة سيطرته".
ودعت أمينة الصالح جميع نساء المنطقة بأن تتكاتفن وتوحدن صفوفهن من أجل حماية أنفسهن ومناطقهن من أي خطر يحدق به، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل الفوري وحماية المنطقة "لن نستسلم مهما كلفنا الأمر ولن نسمح لأي محتل كان أن يهاجم مناطقنا ويحتلها".
وفي ظل هذه المخاوف المتزايدة، تبقى نساء إقليم شمال وشرق سوريا رمزاً للصمود والإرادة، فإن تجاربهن المريرة مع داعش لم تضعف عزيمتهن، بل زادت من إصرارهن على استعادة حياتهن وحقوقهن، ومع ذلك، فإن الحاجة إلى الأمن والاستقرار لا تزال ملحة، حيث تعبر النساء عن أهمية الدعم المستمر من المجتمع الدولي لضمان عدم عودة داعش.