أشواق معروفي: المكفوفات في تونس يعانين ولا وجود لقوانين تحميهنَّ
البصر للآفاق والبصيرة للأعماق، ونظر القلب أصدق من نظر العينّ.. مقولتان تؤمن بهما أشواق معروفي، طالبة كفيفة بكلية الصحة بتونس شعبة علاج طبيعي
زهور المشرقي
تونس- ، اختارت المجال الصحي لإيمانها بأهمية مساعدة الآخرين، وباعتبارها كفيفة لا تملك الحق في غير هذه الشعبة لدراسة المجال الصحي.
أشواق معروفي (24عاماً)، كفيفة وبصيرتها أقوى، برغم كل المعاناة والصعوبات التي اعترضت سبيلها إلا أنها حاربت لتدرس في بلد لا يعترف بحقوق الكفيف ويستمر في تهميشه.
تقول أشواق معروفي، في حديث لوكالتنا "الكفيف لا يرى لكنه يشعر ويتمتع مثل المبصرين، لم أجد صعوبة في الدراسة من ناحية تقبل المعلومة والفهم. وجدت صعوبة فقط في الاندماج باعتباري ابتعدت عن عائلتي التي تقطن بالشمال الغربي لتونس وأنا بعمر السبع سنوات، لأدرس بالعاصمة المرحلتين الابتدائية والثانوية بمعهد المكفوفين"، وتضيف "لم أتقبل فكرة العيش بمفردي بعيداً عمّن ترعرعت بينهم في قريتي، لكن بمرور السنوات تعودت وواجهت كل المصاعب التي اعترضت سبيلي وأنهيت المرحلتين الابتدائية والثانوية بتفوق، وها أنا اليوم أدرس بكلية الصحة في اختصاص اخترته بنفسي".
تقول عن اعتمادها على نفسها "بشكل يومي أتنقل بمفردي، أنا والعصا البيضاء من الحي الجامعي بمنطقة باردو إلى الجامعة بالعاصمة، لكن في بعض الأوقات ألجأ إلى المساعدة، وغالباً ما أجد في طريقي أناساً متفهمين لوضعي".
ليست الأمور بهذه الصورة الوردية دائماً فرغم اعتمادها على نفسها إلا أن العديد من الصعوبات قد تواجهها في الشارع، على غرار تعثرها في بعض الأوقات واصطدامها بشخص دون قصد، ليسمعها كلاماً مؤذياً وجارحاً في بعض الأوقات، "يقولون أين عائلتك؟ لماذا لا يساعدونكِ في التنقل؟ عمياء... افتحي عينيكِ!.. وكأنني إنسانة غير مسؤولة وغير عاقلة، ولكوني ذات إعاقة بصرية أعتبر أن هناك دائماً إشكالية من الناس التي لا تعرف إمكانياتك كمعاق، والأشياء التي أنت قادر عليها".
واستذكرت في قصتها أحد المواقف التي تعرضت لها حين استقلت الحافلة ذات يوم عائدة من الكلية إلى المبيت الجامعي حيث تقيم، "طلبت بلطف من السائق مساعدتي لمعرفة المحطة لكني فوجئت من ردة فعله غير الأخلاقية قائلاً بصوت مرتفع لا يهمني أن تصلي أو تظلين"، مضيفة "صدمت للوهلة الأولى ولكنني تجاوزت الموقف في لحظته. تلك هي الحياة. أنا فخورة بنفسي وكوني لست عالة على أي أحد".
وتواصل أشواق معروفي حديثها بالقول "أخرج من المنزل وأستعمل العصا البيضاء الخاصة بالمكفوفين، وأتوجه نحو موقف الحافلات أو المترو وبذكائي أصل أي مكان أريد، أعتمد على نفسي منذ أن كان عمري سبع سنوات".
وعن أبرز المشاكل التي تعترضها تقول أشواق معروفي "مشكلتي مع المجتمع الذي ينظر إلى حامل الاعاقة نظرة الدونية والعجز والانتقاص، ويتحدثون معنا باحتقار، على سبيل المثال كقولهم هل أنت قادرة على القيام بأعمال المنزل بمفردك والطبخ، هل أنت قادرة على ارتداء ملابسك بمفردك وكأننا، في نظر البعض، أصحاب خلل ذهني لا إعاقة عضوية، هذه أسئلة مزعجة، فهؤلاء لم ينجحوا في استيعاب أن مشكلتنا عضوية، وكم يؤلمني سماع كلمات من قبيل يا عمياء، إلا أني لم أضعف يوماً، برغم كل الأذية التي تعرضت لها وسمعتها، بقيت أستمد القوة من الثقة في نفسي ولم يخالجني قط إحساس بالإحباط أو النقص، هذا إضافة إلى الدعم المحاط بي من عائلتي التي تدعمني وتعاملني دوماً كغيري من الشابات ولا ينقصني شيء".
وعن معاناة المكفوف في تونس تشكو أشواق معروفي من غياب القوانين التي تضمن لهم حقوقهم مقارنة بالمكفوفين الذين يعيشون في بلدان أخرى، "نحن نعيش في جحيم، جحيم الإقصاء والتهميش واللامبالاة. أبسط حقوقي بطاقة الإعاقة التي أحملها دون مرافق، وحين سألت الجهات المعنية، كانت الإجابة أني تجاوزت عمر المرافقة! حقوقنا مهضومة، لا منح لا دعم".
وتعتبر أشواق معروفي أن القوانين الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة صورية وغير مطبقة، "هناك بعض المعاقين يعملون في مؤسسات الدولة، ولكن المسابقات التي تعنى بالتوظيف في عدة قطاعات لا تخصص نسبة لذوي الإعاقة، خلافاً لما ينص عليه القانون الذي يقضي بتخصيص 2 بالمئة لذوي الإعاقة"، متسائلة "لماذا يتم أصلاً إقرار هكذا قانون إذا لم يجد مجاله للتطبيق؟"
ووجهت أشواق معروفي رسالة إلى النساء من ذوي الاحتياجات الخاصة، قائلةً "عشن حياتكنَّ واثقات بأنفسكن، مؤمنات بقدراتكنَّ على الإبداع برغم كل الصعاب. الثقة بالنفس وحب الحياة طريق النجاح والتميز".