الوضع الأمني في ليبيا يؤثر على مشاركة المرأة في الاحتجاجات

أسباب عدة قللت من مشاركة المرأة ميدانياً في الاحتجاجات التي تشهدها ليبيا والتي طالبت بتسليم السلطة للمجلس الأعلى للقضاء وإسقاط كافة الأجسام التشريعية والتنفيذية بالبلاد، رغم مشاركتها في الدعم والتنظيم والتنسيق لهذه الاحتجاجات.

هندية العشيبي

بنغازي ـ شاركت النساء الليبيات في المسيرات والمظاهرات التي اسقطت النظام السابق، وقاتلت المرأة للحصول على حقوق الليبيين أسوة بالرجال، لإثبات وجودهن في الثورات التي غيرت وجه العالم العربي، مثلما حدث في ثورة فبراير 2011، وانتفاضة الشعب في ثورة الكرامة 2014، وغيرها من الاحتجاجات المطالبة بالتغير.

مع تجدد الاحتجاجات الشعبية التي كانت قد انطلقت منذ نحو أسبوع في مناطق متفرقة من ليبيا، والتي طالبت بتنحي الأجسام السياسية في البلاد وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، في عدد من المدن الرئيسة من بينها العاصمة طرابلس، وبنغازي، وطبرق، وسبها لم نجد خلال تغطيتنا لهذه الاحتجاجات مشاركة قوية من النساء، بل في بعض المدن كطبرق وطرابلس انعدمت مشاركة المرأة في التظاهرات بشكل كامل.

هذه المشاركة الضئيلة أرجع سببها البعض لتردي الأوضاع الأمنية وسيطرة المليشيات المسلحة على بعض المدن بينما رأى البعض الآخر أن السبب يعود للعنف المجتمعي الذي تعاني منه المرأة والمتمثل في منعها من المشاركة في الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية التي قد تكون ضد تيار معين أو شخصية معينة تدعمها العائلة أو القبيلة أو الزوج.

 

الوضع الأمني

حول هذا أكدت الناشطة في المجتمع المدني دينا الفزراني أن الوضع الأمني يعد أحد الأسباب التي منعت النساء من المشاركة في الاحتجاجات التي شهدتها البلاد منذ الجمعة الماضية "الوضع الأمني المتردي لا يسمح للنساء بالمشاركة"، مستبعدة أن يكون العنف الجسدي أو اللفظي سبباً في منع النساء من المشاركة في الاحتجاجات، كما أن الجهات الداعية لهذه الاحتجاجات والمنظمة لها لم تكن واضحة، موضحةً أن المطالبة بحقوق المرأة الليبية خلال المظاهرات ضرورة قصوى فحضورها "مؤثر جداً ويجعل صوت المرأة أقوى".

وأكدت على أهمية دور المرأة في الحياة العامة باعتبارها شريك أساسي تساهم في إحداث التغيير والتنمية "مشاركتها تعني مشاركة الوطن بأكمله في الأحداث الجارية".

 

مشاركة سياسية هشة

وفي حين وفر التغيير السياسي الذي تشهده ليبيا فرصاً غير مسبوقة من أجل إعادة تشكيل الحالة القانونية والاجتماعية للنساء في ليبيا، فإن المكاسب التي تم الحصول عليها إلى الآن ما زالت هشّة وتحتاج إلى تدعيمها وتعزيزها.

وحول هذا بينت دينا الفزاني أن المرأة لازالت تعاني من التهميش سياسياً رغم تقلد بعض النساء في ليبيا مناصب قيادية وحقائب وزارية، وأشارت إلى أن المرأة منذ ثورة شباط/فبراير فقدت العديد من المكاسب التي اكتسبتها خلال السنوات السابقة، حيث لاتزال الحكومات المتعاقبة تهمش عمداً دور المرأة سياسياً، موضحةً أن المجتمع الدولي يضغط على الحكومات الليبية لتفعيل مشاركة المرأة في العمل السياسي والاقتصادي في البلاد.

من جانبها قالت الناشطة الحقوقية غادة الكاديكي أن المجتمع في ليبيا يضع قيوداً على المرأة، تمنعها من المشاركة في الاحتجاجات أو التظاهرات خلال الفترة الحالية والتي تشهد انفلات كبير في الوضع الأمني، وتعدد للتيارات السياسية وأهدافها.

 

قيود اجتماعية

وبينت أن المجتمع لايزال ينظر للمرأة في ليبيا بنظرة دونية، فيقيد حقها في المشاركة السياسية، وحقها في التظاهر وحتى حقها في العملية الانتخابية سواء أكانت برلمانية أو رئاسية، موضحةً أن النساء المشاركات في الاحتجاجات قد يتعرضن للعنف أو التحرش أو التصوير دون أذن.

ومن داخل ساحة تيبستي ببنغازي والتي شهدت احتجاجات كبيرة خلال الأيام الماضية شددت إحدى المشاركات في الاحتجاجات والناشطة في المجتمع المدني سعاد شبلي على دور المرأة في تنمية البلاد رغم القيود التي تتعرض لها من المجتمع، مبينةً أن البعض يخشى من استغلال هذه المظاهرات أو الاحتجاجات من قبل تيارات سياسية أو أخرى متطرفة، تسعى لإعادة الفوضى في البلاد من جديد "رغم هذا هناك نساء شجاعات، نساء بحجم الوطن".

وقالت حول المشاركة الضئيلة للنساء في الاحتجاجات التي شهدتها عدة مدن ليبية منذ الجمعة الماضية "الوضع الأمني أثر على هذه المشاركة خاصةً في العاصمة طرابلس"، مشيدةً بدور النساء عبر المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي في دعم المظاهرات والتأكيد على الحق في التظاهر السلمي لتحقيق التغيير في البلاد.

ورغم الضغوط الاجتماعية المفروضة على النساء للامتناع عن المشاركة السياسية، فقد لعبت نساء كثيرات أدواراً بالغة الأهمية في الاحتجاجات التي بدأت الجمعة الماضية في بنغازي وطرابلس ومصراتة وطبرق، حيث ساعدن في تنظيم المظاهرات، ونشرن المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت، لدعم هذا الحراك الشبابي ولو عن بعد.