الثورة في روج آفا مصدر الهام لجميع النساء في العالم
استطاعت النساء في شمال وشرق سوريا التأثير على فكر النساء لتصبحن مصدر الهام لجميع النساء في العالم
دلال رمضان
كوباني ـ استطاعت النساء في شمال وشرق سوريا التأثير على فكر النساء لتصبحن مصدر الهام لجميع النساء في العالم، كما تؤكد نساء مدينة كوباني بأن الفضل يعود لفكر وفلسفة القائد عبد الله اوجلان الذي نادى بحرية المرأة وشجعهن للمطالبة بحقوقهن المسلوبة.
المرأة قبل ثورة روج آفا
يتكون مجتمع شمال وشرق سوريا من عدة مكونات وأطياف احتضنت بين طياتها تاريخاً لثقافات تعايشت معاً على مر السنين وكانت مهداً للحضارات القديمة ولكن سياسة القمع والاضطهاد، ومحاولات طمس الهوية واللغة لم تتركها تنعم بسلام، فالأنظمة الحاكمة والمستبدة توالت عهوداً على هذه الجغرافية، وكانت المرأة الضحية الأكبر، فحرمت من أبسط حقوقها في ظل هذه السياسات التعسفية سواء كانت من الفكر الرجعي في المجتمع أو من النظام الشوفيني، في حين اعتبرت المطالبة بحقوهن أمراً مسيئاً للعائلة، مما تسبب بتراجع الوعي الثقافي والحضاري والذي خلق الكثير من الأزمات والقضايا الاجتماعية العالقة إلى يومنا.
وكان العامل الاقتصادي من العوامل التي أبقت المرأة تابعة للرجل سواء كان الأب، الأخ أو الزوج، ومن الناحية الحقوقية تعرضت المرأة لكافة أشكال العنف الجسدي والنفسي بدءاً من نظام الولاية، أما من الناحية السياسية لم يتح الدستور والقانون الفرص للمرأة للمساهمة الفعالة في الحياة السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية أو إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع.
المرأة في ظل الحداثة الرأسمالية
عملت الحداثة الرأسمالية على تقيد حرية المرأة وجعلها سلعة بعيدة عن هويتها وتعرضت لغزو ثقافي واجتماعي، وما زالت تتعرض المرأة في مختلف أصقاع العالم للقتل والاغتصاب ومختلف الانتهاكات، ورغم استمرار النضال النسائي ضد ذهنية الرجل السلطوية إلا أن جميع أشكال العنف ضد المرأة مستمرة، ولا زالت المرأة تدفع ثمن السياسات الخاطئة للأنظمة القائمة.
بالنظر إلى التاريخ فإننا نرى أن هناك فكرين يتصارعان في تاريخ البشرية، الأول هو الذي تقوده الأم، حيث لا طبقية ولا تمييز، بل الحب، الاحترام، الحرية والمساواة وجميع القيم. وهذا المجتمع استمر فترة زمنية معينة، ومجتمعنا الراهن لا يخلو أيضاً من هذه القيم والمبادئ.
النساء ومن خلال ثورة روج آفا خطون خطوات تاريخية
يستند فكر القائد عبد الله أوجلان على تحليلات خاصة بالمرأة مستنداً إلى التاريخ، وإبراز دورها كأهم عنصر في الحياة البشرية، وهذا الفكر هو الذي استندت عليه ثورة 19 تموز/يوليو 2012، والتي انطلقت شرارتها من مدينة كوباني نحو شمال وشرق سوريا، هذه الثورة أيضاً عرفت بثورة المرأة.
ثورة روج آفا والتي عرفت بثورة المرأة لم تكن وليدة السنوات القليلة الماضية بل كانت نتيجة تنظيم المرأة لنفسها لسنوات فمنذ عام 2005 تم تأسيس مؤتمر ستار بشكل سري.
وعلى هذا الميراث انتفضت المرأة في شمال وشرق سوريا في وجه الظلم والاستبداد وبادرت إلى تنظيم نفسها وبنفسها وذلك من خلال تأسيس المنظمات النسائية والانخراط في العمل السياسي والحزبي والعسكري والمجتمعي والاقتصادي والفني والثقافي، إضافةً لإحداث تغييرات جذرية في الحال القانوني للمرأة من خلال سن قوانين المرأة، ما عكس حالة متقدمة من الوعي في المجتمع.
وتم تفعيل نظام الرئاسة المشتركة في جميع المؤسسات التابعة للإدارة الذاتية في مناطق شمال وشرق سوريا والذي القى بتأثيره على جميع النساء من مختلف مكونات المنطقة والذي لا يوجد نموذج مماثل له في جميع أنحاء العالم، فأصبحت المرأة صاحبة القرار المشترك مع الرجل واستطاعت بكل جدارة اثبات نفسها لتشارك في جميع القرارات حتى المصيرية منها وتغيير ذهنية الرجل والتي لم تكن بالشيء السهل وعملت على تطوير نفسها وشخصيتها.
"استطعن التأثير على فكر نساء العالم"
تقول الرئيسة المشتركة لحركة المجتمع الديمقراطي في إقليم الفرات هدلة حسن "اليوم العالمي للمرأة هو نتاج نضال آلاف النساء في سبيل الحصول على حقوقهن وحريتهن"، مشيرةً إلى أن نضال ومقاومة النساء في شمال وشرق سوريا وخاصةً المقاتلات في وحدات حماية المرأة اللواتي قاومن في معركة كوباني ضد مرتزقة داعش لفتت أنظار العالم "النساء في شمال وشرق سوريا قاومن وحشية مرتزقة داعش، واستطعن الانتصار عليه وما زلن يحاربن هذه القوة الظلامية".
وتطرقت إلى حياة النساء في مناطق شمال وشرق سوريا قبل اندلاع الثورة "لطالما عانت المرأة من الظلم والاضطهاد من قبل النظام الأبوي الذي حد من نشاطاتها وقيد حريتها، ولم يفتح لها النظام السوري المجال للعمل بشكل مؤثر إذا اقتصرت أعمالهن في المؤسسات على قطاعات التربية والتعليم والوظائف البسيطة. المرأة لم تكن إدارية وقيادية كما اليوم".
وأشارت هدلة حسن إلى دور النساء في ثورة 19 تموز/يوليو "لعبت النساء في مناطق شمال وشرق سوريا ومن جميع المكونات دوراً فعالاً في قيادة الثورة، وشاركت المرأة في جميع نواحي الحياة بدءً من الكومينات والمجالس المحلية وصولاً إلى المجال العسكري، الرئاسة المشتركة والعمل الدبلوماسي بنسبة كبيرة، كما نظمت النساء أنفسهن في التنظيمات النسائية من أجل الوصول إلى جميع النساء اللواتي ما زلن سجينات في منازلهن".
وأضافت "من خلال تشكيل المنظمات النسائية في شمال وشرق سوريا استطاعت المرأة في هذه المناطق الوصول إلى كافة النساء في العالم وعرفن نساء العالم بنشاطاتهن، وأصبحت مناطق شمال وشرق سوريا بوصلة لجميع النساء في العالم ليتعرفن على شخصيتهن وذواتهن، وأصبحت المرأة الكردية اليوم معروفة على مستوى العالم وقدوة لهن".
وبينت أن هناك العديد من النساء في العالم ما زلن تعانين من الظلم والاضطهاد ولم تحصلن إلا على جزء بسيط من حقوقهن "بالرغم من أن تجربتنا قصيرة ونتعرض للتحديات بشكل مستمر من الخارج إلا أن النساء حققن نقلة نوعية كذلك يتم العمل على تغيير ذهنية الرجل ليتجاوز المفاهيم القديمة التي ترسخت في فكره".
الفضل في كل ما وصلت إليه المرأة في شمال وشرق سوريا يعود للقائد عبد الله أوجلان كما أكدت هدلة حسن "القائد أوجلان نادى بحرية المرأة، وفلسفته هذه كانت السبب في نجاح الثورة ووصول المرأة لحقوقها، وتقدمها في كافة المجالات ومعرفة ذاتها".
وفي ختام حديثها طالبت هدلة حسن جميع النساء بالانخراط في العمل "يجب علينا الوصول لجميع النساء لتشجيعهن للمطالبة بحقوقهن، يجب عليهن مواصلة نضالهن وطريق شهيدات الحرية والنساء اللواتي قاومن منذ مئات السنين في العالم، ويجب أن يكون الثامن من آذار يوم الحرية والمقاومة ويوم لتصعيد مقاومة جميع النساء في العالم ومواصلة درب النساء اللواتي ضحين في سبيل هذا اليوم".
ومن جهتها قالت عضو أكاديمية المجتمع لديمقراطي في مدينة كوباني جانة عبدو "المرأة في مناطق شمال وشرق سوريا قبل ثورة 19 تموز كانت ضحية للعادات والتقاليد البالية، وكان عملها محصوراً فقط بتربية الأطفال والمنزل ولم تستطيع الخروج من منزلها إلا بأمر من أحد رجال عائلتها، وتم حرمانها من التعليم".
وأشارت إلى أن المجتمع الأبوي يخشى من تعلم المرأة ومعرفتها لذاتها وحقوقها لأن ذلك يهدد كيانه "معرفة المرأة لذاتها وشخصيها وحقوقها التي تستطيع المطالبة بها، تهدد سلطة الرجل لذلك يتم العمل دائماً على التضييق على المرأة ومصادرة قرارتها".
وأضافت "بعد ثورة روج آفا تعرفت المرأة في شمال وشرق سوريا على ذاتها وعرفت حقيقة قدراتها من خلال فكر وفلسفة القائد عبد الله اوجلان الذي طالب بحريتها، واتخذت مكانها في جميع المجالات ومنها العسكرية وخوض المعارك إلى جانب الرجل، وكذلك في الإدارة والسياسة، وأصبحت مستقلة اقتصادياً".
وفي ختام حديثها قالت جانة عبدو "من أجل أن تصل المرأة إلى كافة حقوقها وتعيش حياة المساواة والعدل يجب عليها أن تناضل وتكافح بكل ما تملك من قوة وإرادة كما فعلت النساء اللواتي قبلنا وشاركن في الثورات واستشهدن في سبيل ذلك، وأصبح يوم الثامن من آذار يومنا عالمياً للمرأة تحتفل فيه النساء من جميع انحاء العالم"، مشيرةً إلى أن على النساء أن تقاومن تكافحن من أجل الحصول على حقوقهن المشروعة، كما قال القائد عبد الله اوجلان بأن "كل امرأة مسؤولة عن حريتها".