المرأة في موريتانيا الحلقة الأضعف في سلسلة متهتكة
تسعى العديد من المؤسسات النسوية في موريتانيا إلى رفع وعي النساء تجاه المخاطر التي تواجههن في المجتمع، والسبل الممكنة لنيل حقوقهن المشروعة.
خديجة شيختنا
موريتانيا ـ أكدت الناشطة المدنية فاطمة بنت عالي أن المؤسسات النسوية في موريتانيا تعمل جاهدة على توعية النساء وحمايتهن من كافة أشكال العنف.
تعمل منظمة "لمنيحر" في مجال الثقافة والتعليم وتوعية النساء وجعلهن أكثر معرفة بحقوقهن، فهي تقدم لهن معلومات كافية لبناء حياة أسرية ناجحة قائمة على وعي المرأة وإدراكها، هذا ما أكدت عليه رئيسة المنظمة فاطمة بنت عالي.
وعن الأسباب الكامنة وراء تأسيس منظمة لمنيحر قالت إن "عمل المنظمة بدأ منذ عام 1997 حيث كانت منتسبة لاتحاد التعاونيات النسائية، ومن هنا جاءت الحاجة لإنشاء منظمة تسعى لمساعدة النساء والأطفال لتلبية احتياجاتهم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والصحية"، مضيفة أن "المنظمة تستهدف النساء في الريف كونهن أكثر الفئات تهميشاً واضطهاداً نظراً لتراجع المستوى الثقافي للمجتمع الريفي، ولبناء كل مجتمع لا بد من إصلاح الأسرة أولاً لذلك نعمل في كل المجالات التي من شأنها إصلاح الأوضاع التي تعيشها المرأة والطفل والمجتمع ككل"، لافتة أن المنظمة تتعاون مع عدد من الشركاء مثل UNICEF Terre des Hommes FHI360.
وأكدت أن منظمة "لمنيحر" تعاني من ضعف في التمويل حيث أن المبالغ التي تتلقاها من المؤسسات لا تكفي لإنشاء مراكز تدريب للخياطة أو لشراء غرفة متنقلة للوصول إلى أكبر عدد من النساء في أنحاء البلاد.
وأوضحت أن "المنظمة تستقبل بشكل يومي العديد من النساء اللواتي تعانين مشاكل أسرية، وتأخذ المنظمة دور الوسيط بين الزوجين في حالات الطلاق وتحاول الإصلاح بينهما وإذ لم تعزف الزوجة عن قرارها في طلب الطلاق نتيجة تعرضها للعنف فيتم مساعدتها قانونياً لنيله بالإضافة لحقوقها"، مؤكدة أن المحاكم في موريتانيا تسجل ارتفاع واضح في قضايا الطلاق جلها عائدة للزواج المبكر والتقليدي "المصلحجي".
وعن دور المرأة في المجتمع قالت فاطمة بنت عالي "دورها من أهم الأدوار فبصلاح المرأة يصلح المجتمع وإذا فسدت فسدّ المجتمع، وبذلك نتأكد أنها اللبنة الأولى لبناء المجتمع فهي جنباً إلى جنب مع الرجل في السلم والحرب وهي المربية والمعلمة وغيرها"، مضيفة أن الناخبات كن الأكثر تصويتاً في عمليات الاقتراع من الرجال، والنساء تعملن بجهود مكثفة في مجال توعية المرأة وتربية الطفل.
وعن ارتفاع نسب الزواج المبكر في موريتانيا قالت "بحجة الفقر تقوم العديد من الأسر بتزويج بناتها وهن لم يتخطين عمر الـ 15 عاماً، ولو أنهن تمكن من إتمام تعليمهن سيكون بمقدرهن الحصول على عمل، أو تقبل الفتيات على هذا النوع من الزيجات هروباً من الضغط العائلي اعتقاداً منهن أن الزواج يساعدهن على التخلص من قيود العائلة ويحقق لهن الاستقلالية وإثبات الذات"، لافتةً إلى أن ظاهرة الزواج المبكر تنتشر في موريتانيا بشكل كبير ولا تقتصر على شريحة اجتماعية أو منطقة معينة، بل إنها سائدة في المدن والأرياف والبوادي.
وبينت أن "السبب في ذلك يعود إلى سيطرة القيم والعادات التي تنظر إلى الزواج المبكر على أنه وسيلة تبعد الفتاة عن الانحراف الأخلاقي وأنه مكمل لتعاليم دينها، وتحاول المنظمات النسائية الحد من انتشار هذه الظاهرة التي تؤثر سلباً على حياة الأفراد بشكل خاص وعلى المجتمع وتنميته بشكل عام، وتركز هذه المنظمات في عملها على تأثير الزواج المبكر على الصحة الجسدية والنفسية للفتاة"، مؤكدة أن عدداً كبيراً من المراهقات يتم نقلهن إلى المستشفيات في أول ليلة من الزواج بسبب تلقيهن صدمة نفسية أو جسدية، مطالبة الحكومة بتوفير فرص عمل للنساء خاصة الخريجات من الجامعات والمعاهد.
من جانبها أشارت الأخصائية بأمراض النساء والتوليد الدكتورة عائشة بنت الخراشي إلى أن الزواج المبكر يعرض الفتيات لمخاطر صحية كثيرة منها الاضطراب النفسي والحمل والإنجاب المبكرين "الزواج المبكر سبب رئيسي في ارتفاع وفيات الأمهات والأطفال في موريتانيا حيث قاربت وفيات الأمهات 700 حالة وفاة لكل 100.000 ولادة حية، وأن العلاقات الجنسية تعرض الفتيات الصغيرات لمخاطر صحية كثيرة في مراحل الزواج والحمل والإنجاب كما يضاعف من المشاكل الصحية في مرحلة الشيخوخة"، مؤكدة أن المرأة إذا درست وتعلمت وحصلت على فرصة عمل ستكون مستقلة مادياً، ولن يستطيع أحد إجبارها على الزواج بحجة الفقر والعادات والتقاليد.