المرأة العراقية في 2024... عام حافل بالتحديات والإنجازات وأماني بمستقبل أفضل
أكدت ناشطات وإعلاميات وفنانات عراقيات أن عام 2024 شهد العديد من الإنجازات في بلادهن بالرغم من الصعوبات التي اعترضت طريقهن، مشددات على ضرورة بذل المزيد من الجهود لتحقيق إنجازات ومكتسبات جديدة على كافة الأصعدة.
رجاء حميد رشيد
العراق ـ خلال عام 2024، حققت المرأة العراقية العديد من الإنجازات في مختلف المجالات، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها، فقد أثبتت قدرتها على التغيير والمساهمة الفعّالة في بناء المجتمع، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو التعليم ومع ذلك، لا تزال تعاني من بعض أشكال الظلم والتمييز التي تعيق تحقيق طموحاتها بالكامل، لكن تبقى آمال النساء العراقيات كبيرة في أن يشهد المستقبل مزيداً من التقدم والعدالة.
أكدت المديرة التنفيذية لمؤسسة مسارات للتنمية الإعلامية آمنة الذهبي، على أن عام 2024 مثل كل الأعوام السابقة التي استمرّ فيها نضال المرأة في العراق على مختلف الأصعدة لتحقيق بصمة واضحة في مسار حقوقها ووجودها وتأثيرها في تغيير واقع حياتها وسط الكم الهائل من التحديات "خلال عام 2024، وقفت المرأة العراقية بحزم في تظاهرات عديدة لتسمع صوتها الرافض لسلب حقها في الأمومة وحضانة أبنائها بعد محاولات لتشريع قوانين جديدة، كما كانت القائد الأبرز لكل حملات حماية البيئة والمناخ وهو ما يعكس شعار المرأة هي الحياة فكانت المدافعة الأولى واليد الأولى في حماية الطبيعة ومواجهة التغيرات المناخية التي تمر بها المنطقة".
وتابعت "مع أن ظاهرة العنف بكل أشكاله فكرياً وجسدياً والقتل كانا في تصاعد ضد المرأة حيث اغتيلت العديد من الأصوات وهجرت أعداد أخرى وأجبرت العشرات على الصمت بقوة التهديد وسط عجز حكومي عن حمايتها، إلا أن المرأة سجلت تأثيراً في المواجهة مع القوى التي تريد تغييبها عن مشهد المستقبل أو تغييب المعارضات المعترضات على تحويل المرأة إلى سلعة لهم لا دور لها في المجتمع سوى متعتهم".
تميز عام 2024 بازدياد ملحوظ في المنافسة النسوية على القبول في الدراسات العليا في مختلف الاختصاصات، وهو ما يشير إلى إصرار المرأة العراقية على مواجهة التخلف الذي تحاول بعض الجهات فرضه عليها. وتبقى المواجهة الأكبر هي محاربة زواج القاصرات وتحقيق إلزامية التعليم الكامل للمرأة حتى الجامعة.
وقالت الإعلامية والناشطة الحقوقية أسماء عبيد، إن المرأة العراقية غالباً وفي كل الأوقات قوية، شجاعة، منجزة، ملهمة أمثال صبيحة الشيخ داود أول محامية عراقية عام 1940 وكان يطلق عليها المحامية الأولى وأول قاضية في العراق والوطن العربي، وكذلك المهندسة الأولى في العالم زها حديد وغيرهن كثيرات.
وتستمر الإنجازات المميزة لنساء عراقيات ومن أبرزها فوز صحفية وكالتنا رجاء حميد رشيد بالجائزة الأولى لمسابقة (ترميم) لصحافة الحوار، وفوز منار الزبيدي بالمركز الأول لجائزة قريب للصحافة، واللاعبة الشابة نجلة عماد أول بطلة بارالمبية عراقية تفوز بالميدالية الذهبية في تنس الطاولة ضمن أولمبياد باريس 2024 وهي فاقدة لثلاثة أطراف وهو إنجاز لم يتحقق في البلاد منذ ثلاثين عاماً تقريباً.
وهذا ما أكدته المدافعة عن حقوق الإنسان سارة جاسم، أن عام 2024 شهد تقدماً ملحوظاً للمرأة العراقية في مختلف المجالات، حيث برزت إنجازاتها على الصعيدين الوطني والدولي.
فيما يلي بعض أبرز هذه الإنجازات:
في مجال ريادة الأعمال والتمكين الاقتصادي: تم افتتاح مجلس سيدات أعمال العراق في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بهدف دعم وتوجيه النساء الطموحات في بناء مشاريعهن الخاصة، مما يعكس التزام الجهات الحكومية والخاصة بتوفير الفرص اللازمة لنجاح المرأة العراقية ومساهمتها الفعّالة في النمو الاقتصادي.
وفي المشاركة السياسية وصنع القرار: عقد مؤتمر المرأة العراقية الثالث في تموز/يوليو الماضي، تحت شعار "بنضالنا المشترك نكون صوتاً لحماية النساء من الإبادة"، حيث نوقشت قضايا المرأة من الناحية الاجتماعية والسياسية، والمعوقات الدستورية والقانونية التي تواجهها، مع التركيز على تعزيز دورها في الحياة السياسية.
وفي التنمية المستدامة وسبل العيش: أطلق برنامج نهج التخرج حيث استفادت العديد من النساء من هذا البرنامج التابع للمنظمة الدولية للهجرة، والذي يهدف إلى تزويد الأسر الأكثر ضعفاً بالأدوات والموارد اللازمة لبناء سبل عيش مستدامة على سبيل المثال، قامت غفران حسن، البالغة من العمر 26 عاماً، بتأسيس مركز للتدريب البدني والصحي للنساء في الموصل، يقدم خدمات تدريبية ودعماً نفسياً واجتماعياً.
وفي مجال الاستراتيجيات الوطنية: تم إقرار الاستراتيجية الوطنية للمرأة العراقية 2023-2030 في أيار/مايو الماضي، وتم الإعلان عن الاستراتيجية الوطنية للمرأة العراقية، والتي تهدف إلى تعزيز دور المرأة في تحقيق التنمية المستدامة من خلال محاور التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والحماية، ومواجهة تحديات المناخ.
فيما أشارت الفنانة التشكيلية كفاح مجيد، إلى أن هناك تراجع في دور المرأة العراقية في عام 2024، في مجال السياسة "لم تكن للمرأة صوت متميز، بل كانت تابعة للزعماء والأحزاب، وفي مجال الزراعة كان هناك إهمال من الحكومة بهذا المجال، وانتشار الفساد بين أركانها مما أدى إلى هجرة الفلاح من العمل الزراعي، وهذا أثَر كثيراً على عمل الفلاحات، حتى التعليم، انتشرت ظاهرة شراء الشهادات من الدول المجاورة, ولكن رغم هذا وذاك أثبتت المرأة قدرتها على التحدي".
بدورها قالت الشاعرة والإعلامية فالنتينا هيدو، إن المرأة حققت إنجازات بارزة في مجالات متعددة، مما يعكس دورها المتنامي في المجتمع حيث حصلت على ألقاب مهمة منها صانعة الأمل في مجال العمل الانساني والتطوعي، كما برزت في حقل التمكين الرقمي والتكنولوجي، وهذا بدوره يعزز دورها في الاقتصاد الوطني، "لا يغيب عن بالنا مشاركة المرأة في المجال الأكاديمي حيث برزت من خلال تكنولوجيا المعلومات والحاسوب، ولا تزال مساهماتها البارزة والفاعلة في مجال الرياضة حيث حققت انجازات تاريخية في هذا العام".
هذه الإنجازات تعكس التفوق والتميز الذي حققته المرأة العراقية في مختلف المناحِ خلال عام 2024، وتؤكد على دورها المحوري في بناء المجتمع وتطويره.
من جانبها ترى مديرة متحف شبكة الإعلام العراقي مينا أمير الحلو، أن "المرأة العراقية لديها القدرة على التكيف في هذا المجتمع الذي يمكن أن نصفه على أقل تقدير أن المرأة مظلومة فيه بشكل كبير جداً، بقاء المرأة بهذه القوة ونجاحها المستمر وتميزها في عملها وحصولها على جوائز، وأن تتحمل مسؤولية بيتها بنفسها وما أكثر النساء اللاتي نراهن وحدهن في الحياة تتحملن مسؤولية المنزل والأطفال وتعملن في ذات الوقت، فأجد أن المرأة تفوق الرجل بكل شيء".
وأضافت "رغم تفوقها، إلا أننا نجدها مجتمعياً غير منصفة بداية من موضوع الإرث وحضانة الأبناء إلى الحقوق الأخرى، تحدياتنا اليومية هي بطولتنا، نواجه العديد من الصعوبات في الشارع مثلاً نتعرض للتحرش والازعاج ناهيك عن نظرة المجتمع للمرأة عندما تكون وحدها نظرة مستضعفة، والتحديات تصاحبها منذ الصغر".
سابقاً كانت المرأة مقيدة ومن المعيب أن تخرج وتعمل طوال اليوم، الآن هناك الصحفيات والمراسلات والمصورات والعاملات والخريجات وحاصلات على شهادات، لكن لم تجدن فرص للعمل تتناسب مع تخصصهن، بعضهن تعملن على مساعدة أنفسهن في إكمال دراستهن مثلاً أو مساعدة وإعالة أهلهن أو تربي أطفالها.
وتتمنى مينا أمير الحلو أن تكون هناك قوانين صارمة جادة تحفظ حقوق المرأة عند خروجها من البيت مروراً بعملها والمشاكل التي تواجهها في الحياة اليومية عامة، خاصة في المنزل حيث تتعرض للعنف الأسري بأشكاله، وتمرير قانون الأحوال الشخصية الذي يعتبر إجحاف بحق المرأة والأطفال "يجب أن تكون القوانين بجانب المرأة لها حقوقها مثل الرجل وحينها نستطيع القول ماذا أنجزت المرأة العراقية".
وأشارت الفنانة التشكيلية منى مرعي، إلى أن هناك تقدماً ملحوظاً في مجالات متعددة، مما يعكس التزام المرأة المستمر بتحقيق المساواة والتمكين، ففي اليوم العالمي للمرأة، الذي حمل شعار "الاستثمار في المرأة لتسريع وتيرة التقدم"، تم تسليط الضوء على أهمية تعزيز التمويل المخصص للنساء كضرورة استراتيجية للنمو الاقتصادي الشامل.
وبينت أن الساحة الثقافية شهدت تنظيم المعرض السنوي للتشكيليات في جمعية التشكيلين العراقيين في بغداد حيث ركز على مساهمات النساء في مجال الرسم والنحت والخزف، وأيضاً كان للشاعرات والإعلاميات دوراً فاعلاً في المهرجانات والمشاركات المحلية والدولية مما يعكس الاعتراف المتزايد بدور المرأة في الحفاظ على دورها الثقافي، كما برزت النساء كقيادات في تمكين المجتمعات، حيث شاركن في فعاليات نظمتها المنظمة الدولية للهجرة، مؤكدات على دورهن الحيوي في تعزيز السلام والاستقرار.
وقالت الشاعرة سمرقند الجابري إنه خلال عام 2024 زادت المطبوعات التي شاركت بها المرأة شعراً، سرداً، مسرحاً، نقداً وكذلك شاركت في مهرجانات داخل وخارج العراق، وظهرت أسماء جديدة في الساحة العراقية لشابات، كما شجبت المرأة الظلم الذي تتعرض له النساء في (فلسطين، ولبنان، وسوريا) وكان لها موقفاً في الوقوف ضد القوانين التي تصادر حقوق المرأة، وأيضاً شهدت تفوقها في مجالات عديدة عربية وعالمية، فأديبات العراق وخارج البلاد لهن وجودهن المميز.
ولفتت إسراء سلمان طالبة جامعية وناشطة، إلى أن هذا العام عام صعب على المجتمع العراقي عامة والنساء خاصة، حيث كانت محاولة تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل والذي يعد "اعتداء" على حقوق الإنسان، هذه الحقوق التي ناضلت النساء من أجلها لسنوات طوال، ولكن بالرغم من المصاعب والتحديات التي تخللتها هذه السنة، إلا أن المرأة استطاعت مواجهة هذه الضغوط والحفاظ على مكتسباتها والعمل على تعزيز دورها في المجتمع.