المغرب... قرويات تواجهن تحديات تحول دون انخراطهن في التنمية
أكدت الناشطة الحقوقية زهراء صديق على أن النساء في العالم القروي تواجهن تحديات كبيرة تعيق انخراطهن في التنمية وعدم ضمان حقوقهن.
رجاء خيرات
مراكش ـ تعاني النساء في المناطق المتضررة من الزلزال الذي ضرب المغرب في الثامن من أيلول/سبتمبر الماضي من صعوبات عدة متمثلة بالتهميش والهشاشة وعدم حصولهن على حقوقهن وصعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم.
قالت الناشطة الحقوقية وعضوة فدرالية رابطة حقوق النساء بجهة مراكش آسفي زهراء صديق، إن النساء في المناطق المتضررة من الزلزال تواجهن تحديات تحول دون انخراطهن في التنمية، وتشمل هذه التحديات تزويج الطفلات، والتعرض للعنف دون الإفصاح عنه، خاصةً في ظل صعوبة وصولهن إلى مراكز الاستماع أو مركز استقبال المعنفات بحكم بُعدها عن هذه المناطق الجبلية.
وأوضحت أن النساء تفتقرن إلى الوعي بحقوقهن الإنسانية وتجهلن القوانين الخاصة بهن كمدونة الأسرة، مما يحد من قدرتهن على المطالبة بحقوقهن والاستفادة من الدعم المتاح، لافتةً إلى أنه انطلاقاً من القوافل التي نظمتها الفدرالية على مستوى أربع جماعات قروية بإقليم الحوز، وفي إطار مشروع يجمعها بمنظمة "أوكسفام"، تم تنظيم حملات توعوية وتضامنية مع سكان هذه المناطق، ووضع بعض البنيات التحتية وسجلت مجموعة من الاختلالات والصعوبات التي تواجهها النساء والفتيات بهذه المناطق.
وحول إعمال مقاربة النوع في التدخل لمعالجة آثار الزلزال الذي ضرب المنطقة في الثامن من أيلول/سبتمبر الماضي، قالت إن النساء استبعدن من المشاركة في معالجة تداعيات الزلزال، إضافة إلى أنهن تعانين من ارتفاع نسبة الأمية ومعدلات عالية من الهدر المدرسي كالتسرب المدرسي في صفوف الفتيات، فضلاً عن غياب العنصر النسوي في جهود إعادة الإعمار وتقديم المساعدات.
وفيما يتعلق بالاستفادة من مساعدات إعادة إعمار المناطق المتضررة، أوضحت أن هناك العديد من الصعوبات التي تؤثر على العدالة والفعالية في توزيع هذه المساعدات، من أبرزها عدم الأخذ بعين الاعتبار أوضاع المطلقات والأرامل ما يحرمهن من الاستفادة من الدعم اللازم، كما يزيد من تهميشهن ويقلص من فرص خروجهن من دائرة الفقر والهشاشة.
ولفتت إلى أن النساء كن تواجهن العديد من الصعوبات حتى قبل الزلزال الذي ضرب المنطقة، كمعاناتهن من التهميش والهشاشة وصعوبة في الوصول إلى الخدمات الأساسية، كالصحة والتعليم والعدالة والأمن، ليأتي الزلزال ويكشف عن هذا الواقع.
وبالإضافة إلى تعزيز البنية التحتية وإشراك النساء في وضع لبناتها الأساسية، أكدت زهراء صديق على أهمية القوافل التحسيسية التي نظمتها الفدرالية وشملت العنف والمجال القانوني والمجال الصحي والنفسي ومدونة الأسرة، فضلاً عن الحقوق الاقتصادية في صفوف القرويات، ودورها في الوقوف على حقيقة الوضع الذي تعشنه.
وقالت إن معظم المناطق المتضررة تعاني من تحديات كبيرة في المجال الصحي تشمل عدم توفر المستشفيات التي تستوفي المعايير اللازمة من تجهيزات وموارد بشرية ولا سيما الأطباء في تلك المناطق، مؤكدةً أنه لتجاوز هذا الخصاص تم إقامة مستشفيات ميدانية تخفف من وقع هذه الكارثة على السكان.
ولفتت إلى أن الحوامل أيضاً خاصة في الولادات الأولى تواجهن مخاطر كبيرة بسبب غياب الرعاية والمؤسسات الصحية مما يجبرهن للتنقل إلى المدن المجاورة، الأمر الذي قد يؤدي إلى مضاعفات قد تؤثر على صحة الأم والطفل.
وذكرت أمثلة على التداعيات النفسية الشديدة كنوبات الهلع وصعوبة نسيان ما حدث، حيث لا تتوفر خدمات متابعة النفسية، مما يؤدي إلى تراكم الأضرار النفسية وتأثيرها السلبي على صحتهن، مضيفةً أن التدخل الميداني خلال تدبير الأزمة إضافة لارتفاع نسبة الأمومة في صفوف النساء هو ما يطرح سؤالاً حول سياسة الدولة في محاربة الأمية، إذ أنه على الرغم من الجهود المبذولة والميزانية المرصودة إلا أن ظاهرة الأمية ما تزال منتشرة في صفوفهن، فضلاً عن الجهل التام بمضامين القوانين خاصةً قانون الأسرة، وهو ما دفع المتدخلين بوضع برنامج مخصص لمحو الأمية في صفوف هؤلاء النساء.
وعن الارتباطات المتعلقة بمطالب الحركة النسائية في مجال تغيير مدونة الأسرة، قالت إن اقتراحات النساء القرويات لا تختلف كثيراً عن اقتراحات الهيئات النسائية، سواء كان الأمر متعلقاً بزواج القاصرات أو الولاية القانونية على الأبناء أو النفقة أو أشكال الطلاق، لافتةً إلى أن النساء تساهمن في وضع اقتراحات ومطالب إذا ما تم التواصل معهن وإشراكهن.
وأشارت لمسألة عدم تبليغ النساء عن العنف الذي تتعرضن له، لافتةً إلى أنه يعود لمجموعة من التحديات من بينها غياب وسائل النقل والطرق، فضلاً عن قلة ذات اليد التي تحول دون تنقلها من مكان سكنها إلى مراكز استقبال النساء والأطفال ضحايا العنف، وهو ما يطرح مسألة التمكين الاقتصادي للنساء، مؤكدةً أن هناك تحديات ينبغي تجاوزها تحول دون وصول النساء إلى مراكز الاستماع والاستقبال لوضع شكواهن.
وحول الحقوق الاقتصادية للنساء وانخراط المغرب في بلوغ أهداف التنمية لعام 2030 التي وضع لها برامج كالنموذج التنموي الجديد، أوضحت أنه في غياب إشراك النساء وتمكينهن اقتصادياً لا يمكن بلوغ هذه الأهداف رغم كل ما يبذل من مجهودات، على الرغم من أن النساء تمتلكن قدرات هائلة وطاقات كبيرة يمكن استثمارها، في ظل ما تزخر به هذه المناطق من مؤهلات طبيعة تمكنهن من خلق مشاريع مدرة للدخل في المجالين الفلاحي والسياحي.
ولبلوغ هذه الأهداف شددت زهراء صديق في ختام حديثها، على ضرورة تأهيل القرويات من خلال توفير وسائل التكوين والمواكبة والأخذ بيدهن للخروج من دائرة الفقر والهشاشة، ولتحقيق الانسجام بين البرامج التنموية والأهداف المتوخاة التي وضعتها الدولة والواقع الذي تعيشه النساء.