الأرامل عرضة للعنف والاستغلال في مخيمات إدلب
إلى جانب الفقر والنزوح وسوء الأحوال المعيشية، تعاني نساء أرامل في إدلب من التحرش والابتزاز والاستغلال، فضلاً عن نظرة المجتمع التي تفرض عليهن الكثير من القيود.
لينا الخطيب
إدلب ـ تتعرض نساء أرامل في مخيمات إدلب لكافة أشكال الاستغلال، والعزلة عن المجتمع، والتحكم بحياتهن، وممارسة الوصاية عليهنّ، مقابل الحصول على المساعدات والحد الأدنى من مقومات الحياة.
"للمخيم سور عال وباب مغلق على الدوام، نعيش هنا حياة أشبه بالسجن، كما أبعدوا عني ولدي وحرموه من السكن في المخيم"، بهذه الكلمات عبرت رشيدة الكيالي (33 عاماً) النازحة من مدينة خان شيخون إلى مخيم لرعاية الأرامل والأيتام في مدينة سرمدا بإدلب عن معاناتها، وقسوة العيش في المخيم مقابل الحصول على بعض المواد الإغاثية والمساعدات.
وأوضحت أن "المخيم الذي أقطنه مخصص للنساء الأرامل، لذا تقوم إدارة المخيم بمنع أي رجل من العيش داخل المخيم، حتى ابني حين بلغ سن الخامسة عشرة مُنع من دخول المخيم، فاضطر للانتقال للعيش في منزل جده بعيداً عني وعن أخوته".
وأكدت رشيدة الكيالي أن إدارة المخيم تتحكم بدخول النساء وخروجهن، كما تحدد أوقات الزيارة، وتفرض سطوتها على جميع النساء المقيمات فيه.
ولم تتمكن من العثور على فرصة عمل تؤمن لها ولأبنائها الخمسة الاحتياجات المعيشية، الأمر الذي دفعها لقبول حياة الإساءة والعزلة المجتمعية، في سبيل البقاء داخل المخيم، وعن ذلك تقول "كلام الناس يفرض قيده علينا كنساء أرامل بعد أن أصبحنا عبئاً على عائلاتنا وسط الفقر وصعوبات الحياة".
كما تتعرض النساء داخل المخيمات للاستغلال الجنسي، وتتنوع بين حالات تحرش بصري أو لفظي أو حتى جسدي وجنسي في بعض الأحيان.
علية البكري (29 عاماً) نازحة من مدينة عفرين إلى مخيم كوكنايا بإدلب، تعرضت للتحرش من قبل مدير المخيم، الأمر الذي أجبرها على مغادرة المخيم، وعن معاناتها تقول "طلب مني مدير المخيم أن أراجع الإدارة لتقديم أوراقي الثبوتية وبيانات أبنائي الثلاثة، واستغل وجودي لوحدي للتحرش بي لفظياً، قبل أن أسرع بالخروج، ثم بدأت بالبحث عن مأوى بديل ولجأت لمغادرة المخيم مع أطفالي بعد فترة وجيزة".
وأضافت علية بحزن "كنساء أرامل أصبحنا صيداً سهلاً ولقمة سائغة في أفواه ضعاف النفوس، دون أن نجد من ينصفنا أو يمد لنا يد العون والمساعدة"، مؤكدةً أنها لم تقم بتقديم شكوى ضد مدير المخيم في المحاكم، وعن سبب ذلك توضح "المرأة تكون مذنبة في نظر المجتمع حتى لو كانت ضحية".
وتجبر الكثير من الأسر النازحة بناتهن الأرامل على الزواج دون شرط الموافقة، للتخلص من عبئهن المادي والمعنوي.
أمل الحمود (28 عاماً) نازحة من ريف حماة إلى مخيم أطمة في إدلب، أجبرت على الزواج بعد وفاة زوجها، دون أخذ رأيها أو مراعاة مشاعرها، وعن ذلك تقول "وافق والدي على تزويجي من شقيق زوجي بعد أقل من عام واحد على وفاته، بحجة المحافظة على الأولاد ورعايتهم والعيش في كنف عائلة أبيهم".
وأشارت إلى أن هذا الزواج كان محكوماً بالفشل منذ بدايته، حيث لم تتمكن من تقبل مزاجية زوجها وإهماله وتقاعسه عن العمل، إلى جانب قيامه بتعنيف أولادها باستمرار دون سبب، وأخذ ما بحوزتها من مصاغ ذهبي، فطلبت الطلاق وحصلت عليه، بعد رفع دعوى قضائية والتخلي عن كامل حقوقها.
من جانبها سلوى محمد (31 عاماً) من مدينة سرمدا تحدثت عن معاناة الأرامل بالقول "تعيش معظم الأرامل في إدلب حياة قاسية نتيجة التهميش والاستغلال، كونها شريحة مستضعفة في المجتمع".
ولفتت إلى أنه غالباً ما يتم التستر على حالات التحرش والاستغلال الجنسي لتبقى طي الكتمان خوفاً من نظرة المجتمع، لذا تنصح النساء بعدم التزام الصمت على التحرش وفضح المستغلين، كما تدعو النساء للتكاتف والتضامن والخروج إلى ميادين العمل، وتحثهن على التمرد على العادات والتقاليد البالية والذهنية الذكورية.
وشددت سلوى محمد على ضرورة دعم مراكز تمكين المرأة التي توفر فرص التدريب المهني والدعم النفسي والتوجيه الاجتماعي للنساء من فئات مختلفة، وخاصة "الأرامل".