أجارات مرتفعة ومنازل بعيدة عن مكان عملهن... معاناة مضاعفة للسودانيات
تواجه النساء في السودان صعوبات كبيرة أثناء البحث عن منازل لهن بالقرب من مكان عملهن بعد أخلائهن لمنازلهم بشكل قسري.
ميساء القاضي
السودان ـ منذ اندلاع الحرب في السودان واجه السكان حتى في المناطق الآمنة الكثير من الصعوبات منها ارتفاع تكلفة السكن وارتفاع الإيجارات بنسبة كبيرة الأمر الذي فاقم معاناة النساء في ظل توقف الراتب حيث وجدت الكثيرات منهن أنفسهن في الشارع بعد أن قام ملاك المنزل بإخلائه.
في منازل تتبع لهيئة السكك الحديدية السودانية كانت تقيم سلمى عطا الله مقابل أجار قدره 15 ألف جنيه قالت إنها كانت تدفعها بانتظام ولديها إيصالات بذلك لكن هيئة سكة الحديد أخبرتهم بضرورة إخلائها لأنها تريدها لسكن منسوبيها الذين قدموا بفعل الحرب من الخرطوم، وقامت بإخراجهم منها بالقوة قبل الموعد المقرر للإخلاء.
وكانت سلمى عطا الله وهي معلمة بالمرحلة المتوسطة التي عملت على مدار عشرون عاماً بالمنطقة، تركض بين مكاتب التعليم وهي تحاول إيجاد طريقة لنقلها لمنطقة أمري الجديدة التي ستنتقل للسكن فيها في منزل أحد أقاربها بعد أن طالبتهم هيئة سكك حديد السودان بإخلاء المنزل وأصبحوا بلا مأوى وقد حزمت أمتعتها مستعدة للمغادرة في اليوم التالي، لكن شقيقها أخبرها أن المنزل تم إخلاؤه من قبل الشرطة وأن أمتعتهم الآن في الشارع.
وإثر محاولاتها لحل مشكلة انتقالها للسكن في منطقة أخرى أخبر مكتب التعليم سلمى عطا الله بضرورة إيجاد بديل لها إذ أن المدارس في مدينة كريمة بحاجة لها في هذه الفترة والمنطقة مقبلة على بداية عام دراسي جديد وطالبها أن تحضر بديلاً لها حتى يتم نقلها إلى منطقة أمري الجديدة التي قررت الانتقال للإقامة فيها بعد أن استعصى عليها إيجاد منزل لتسكن فيه بإيجار مناسب، إضافة لارتفاع الإيجارات بسبب الحرب، وعندما وجدت البديل قرر مكتب التعليم نقلها إلى القرية الرابعة بمنطقة أمري الجديدة بدعوى أنها المنطقة التي أتى منها البديل بينما سلمى عطا الله كانت تبحث عن طريقة لنقلها إلى القرية الثانية التي ستسكن فيها وهي تبعد كثيراً عن قرية الرابعة وستكون بحاجة إلى وسيلة نقل وهي مصروف إضافي لا تستطيع تحمله.
ووجدت سلمى عطا الله نفسها في مواجهة خيارين إما السكن في منزل مستأجر آخر وستواجهها عقبة أسعار أجارات باهظة تتراوح ما بين 200 ـ 500 ألف جنيه وهي التي كانت تدفع مبلغ خمسة عشرة ألف جنيه لهيئة سكك حديد السودان والتي لم تؤخرها يوماً واحداً مقابل استئجار المنزل الذي تسكنه أو الانتقال للسكن في منزل عائلتها في أمري الجديدة والتنقل يومياً بين القرية الثانية والرابعة في ظل عدم انتظام راتبها وقلته وغياب الحلول المقدمة من مكتب التعليم والوزارة أمراً بالغ الصعوبة كذلك.
تقول سلمى عطا الله أن منزل عائلتها في القرية الثانية مغطى برمال الزحف الصحراوي "طالبني مكتب التعليم بإيجاد بديل، وأخبرني بأن البديل سيأتي من القرية الرابعة لذلك سيتم نقلي إلى هناك أخبرتهم أنني لن أستطيع التنقل يوميا بين القريتين بسبب الوضع المادي والمعيشي الذي أعيشه لكنهم قالوا لي ليست هناك طريقة أخرى".
ولفتت إلى أن شقيقها أتصل بها حينها وأخبرها بأمر الإخلاء "أتيت ووجدت أمتعتي مرمية في الشارع أليست هنالك إنسانية، أليس هنالك ضمير؟ أين هي الحكومة التي تتحدثون عنها أين الأمان؟ يريدون فتح مدارس في وقت أنا كمعلمة ليس لدي أمان كيف يمكنني أن أعمل، أوراقي التي أخذتها لمكتب التعليم لعمل الإجراءات لا أدري أين هي الآن كيف يريدون فتح المدارس ويقولون إننا نعيش في أمان".
أما سارة عطا والتي تعمل بهيئة توفير مياه المدن التي يقع مقرها بالقرب من منزلها هي الأخرى وجدت نفسها تواجه مشكلة توفير سكن بديل بعد إخراجها من منزلها ونقلها إلى منطقة أمري الجديدة، تقول أنها ستضطر للإقامة في منزل اصدقائها لأن هيئة توفير المياه واحدة وتوجد في مكان منزلها الحالي وليس هناك مكاتب أخرى في منطقة أمري الجديدة لتنتقل إليها.