"إعادة إحياء فكر داعش" مخاوف تثير قلق السوريات
تثير تصريحات وممارسات الجهاديين لهيئة تحرير الشام التي سيطرت على العديد من المناطق السورية مخاوف وجدل حول مستقبل سوريا.
تسنيم الصاري
الحسكة ـ في مناطق التي سيطر عليها الجهاديين لهيئة تحرير الشام، لا تفارق الأحداث والجرائم التي تنفذ تحت مسمى "أفعال شخصية" الأجندة اليومية من خلال ارتكاب جرائم القتل والخطف والضرب والتعذيب، وفي الوقت نفسه تُرتكب العديد من الأفعال والجرائم ضد الهياكل والطوائف والأماكن المقدسة، هذه التجاوزات تثير قلق السوريين من المكونات والمعتقدات الأخرى.
تتميز سوريا بتنوعها الثقافي وغناها بشعوب من مكونات وديانات وطوائف مختلفة تعايشت مع بعضها منذ أزل التاريخ ليشكلوا نسيج اجتماعي قوي فيما بينهم، وقد تعرضت دائماً هذه الشعوب لتهميش في تمثيل ذواتها وإرادتها في أماكن صنع القرار دائماً ما كانت السلطات التي تدير سوريا أو بلاد الشام سابقاً من قبل فئة معينة تهمش بقية الفئات، فعاشت سوريا حقبة حكمت عليها الإمبراطورية العثمانية ومن ثم الاستعمار الفرنسي وبعدها حكمتها عائلة الأسد من الطائفة العلوية وخلال تلك الحقب كانت إرادة الشعب السوري مهمشة وكانت البلاد تدار وفق مصالح الطبقة الحاكمة، وحتى المرأة التي شاركت في ثوراتها بقيت مهمشة بعد انتهاء الحرب كنازك العابد إحدى الثائرات في حقبة الاستعمار الفرنسي والتي شاركت في معركة ميسلون ناهيك عن نشاطها الثوري بين المجتمع، ولكن بعد استلام الحكم من قبل حزب البعث في سوريا المتمثلة بعائلة الأسد لم يكن للمرأة دوراً في إدارة البلاد ولا رأي ولا نسبة للكوتا النسائية وحتى النساء المتواجدات فيها كان وجودهم شكلي.
وخلال إندلاع الأزمة السورية على مدار 14 عاماً وبعد سقوط النظام السوري وسيطرة إدارة هيئة تحرير الشام الحكم في سوريا، والتي تعتبر من المجموعات المدرجة على قوائم الإرهاب في العالم لانتمائها لتنظيم القاعدة، وهذا ما يثير قلق السوريات والسوريين من أن يهمش دورهم وهويتهم ووجودهم في سوريا الجديدة لما تحمله هيئة تحرير الشام من ذهنية جهادية خصوصاً أن سوريا تحتضن أديان وعقائد مختلفة، ناهيك عن ردود فعل الحركات النسائية التي ناضلت على مدار سنوات لتأخذ دورها في كتابة دستور سوريا الجديد وتمثل نسبة منصفة مع رجل في الإدارة السورية الجديدة.
تداعيات إحياء فكر داعش في ظل إدارة هيئة تحرير الشام
تقول الناطقة باسم مجلس المرأة في حزب سوريا المستقبل في مدينة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا أماني الغربي إن إدارة هيئة تحرير الشام خلقت مخاوف بين مكونات ونساء المنطقة لإتباعها الذهنية الجهادية "بعد سقوط النظام السوري السابق الذي دام حكمه أكثر من خمسة عقود، يعتبر هذا الحدث خطوة مفصلية لمستقبل سوريا بعد العناء الذي واجه الشعب خلال حكمه، والحرب التي دامت 14 عاماً، لكن وصول هيئة تحرير الشام للحكم في دمشق خلق مخاوف بين جميع مكونات".
ولفتت إلى تطلعاتهن كسوريات "نأمل في بناء سوريا ديمقراطية تضمن حقوق جميع السوريين، وتعزز دور المرأة في أماكن صنع القرار، لأن هي من عانت خلال سنوات الحرب التي عاشتها سوريا، ولكن ما يحدث على أرض الواقع في ظل إدارة هيئة تحرير الشام عكس تطلعات الشعب السوري".
مخاوف تثير قلق النساء
وأما عن نساء إقليم شمال وشرق سوريا اللاتي قدنَّ ثورة في ظل الأزمة السورية، نوهت أماني الغربي إلى أنه "على نساء الحفاظ على المكتسبات التي حققنها خلال ثورة روج آفا التي أعطت المرأة حقوقها ومنحتها دوراً ريادياً في كافة المجالات، وعلى النساء السوريات الاقتياد بتجربة إقليم نساء شمال وشرق سوريا".
وأضافت "نحن في حزب سوريا المستقبل نؤكد على بناء سوريا ديمقراطية تعددية لامركزية لضمان حقوق جميع مكونات وأطياف المجتمع، وأن يكون لكل مواطن في سوريا الجديدة مكان في الإدارة ومراكز صنع القرار دون النظر لأي طائفة يعود أو ماهي قوميته أو لغته بما فيها المرأة"، مشددة على ضرورة إعادة النظر في كتابة وصياغة دستور سوريا الجديد بما يضمن حقوق جميع المكونات والأطياف وكافة فئات المجتمع.
وأشارت إلى الذهنية التي تتبعها إدارة هيئة تحرير الشام "لا تختلف بذهنيتها عن النظام السابق وذلك بفرض العلم الواحد والشعار الواحد والحزب الواحد"، مؤكدة أن "الشعب انتفض بوجه هذه الذهنية ومن الصعب تطبيقها مرة أخرى، فنحن لسنا ضد الشخصيات التي تقود البلاد نحن ضد الذهنية التي ستديرها".
كما رفضت أماني الغربي تصريحات عائشة الدبس مؤخراً بأنها لا تفتح المجال لمن يخالفها الرأي وأن مشاركة المرأة في السلطة القضائية مرهون بكتابة دستور سوريا الجديد الذي سيتركز على الشريعة الإسلامية، الأمر الذي أثار جدل لدى الحركات النسائية، معتبرة أن "تصريحات عائشة الدبس لا تمثل جميع النساء السوريات، فالنساء في إقليم شمال وشرق سوريا حققنًّ نجاحات واسعة في مجالات مختلفة وفي مجال الدفاع بشكل خاص، ومازالت النساء في مناطقنا تتمتعن بحقوقهن في جميع جوانب الحياة".
وفيما يخص حديث عائشة الدبس بأن عائلة المرأة وزوجها يجب أن تكون من أولوياتها، علقت أماني الغربي "كنساء إقليم شمال وشرق سوريا استطعنا أن نوافق بين واجبات المنزل ونضالنا من أجل الوصول إلى حريتنا".
وفي ختام حديثها أكدت الناطقة باسم مجلس المرأة في حزب سوريا المستقبل في مدينة الحسكة أماني الغربي بأنه "على المجتمع الدولي إعادة النظر بمن سيقود سوريا ومن سيضع الدستور لأنهم كشعوب إقليم شمال وشرق سوريا لا يقبلون سلام مع عبودية".
ولا تزال ردود الفعل تتوالى من قبل الحركات والتنظيمات النسائية حيال ما تنتهجه إدارة هيئة تحرير الشام من ذهنية جهادية تثير مخاوف مكونات المنطقة.