"عون" مبادرة للدعم القانوني تعمل من أجل واقع أفضل للنساء واللاجئات

تعاني النساء من عدة أزمات يأتي في مقدمتها العنف المركب الواقع على اللاجئات كونه ناتج عن تقاطعية كونهن إناث، فضلاً عن أنهن تحملن جنسيات أخرى وربما تكن ذوات بشرة سوداء وكل ذلك يزيد واقعهن تعقيداً.

أسماء فتحي

القاهرة ـ النساء عادة ما يتحملن أعباء مختلف الأزمات التي تتعرض لها الدول خاصة إن كان هناك حرب أو كوارث ونكبات طبيعية كالأوبئة والأمراض والفيضانات وغيرها، وهو ما يجعلهن في واقع مأزوم والكثيرات يتركن بلدانهن ويذهبن نازحات باحثات عن مزيد من الاستقرار لأسرهن ولتأمين احتياجات أطفالهن وكذلك الفرار بأرواحهن إن كن معرضات للخطر الأكبر.

في خضم ذلك المشهد كان لوكالتنا حوار مع المحامية والناشطة النسوية داليا سعيد، مؤسسة مبادرة عون للدعم القانوني للنساء والتي برز دورها مؤخراً في دعم اللاجئات وتوفير ضمانات من الحماية لهن، فضلاً عن الوعي اللازم والمعرفة المتعلقة بمسارهن القانوني في الداخل المحلي لكونهن معرضات للعديد من الأزمات الناجمة عن غياب تلك المعرفة.

والمبادرة غير قاصرة على أزمات اللاجئات وإن كانت تحتل الجانب الأكبر من اهتمامها في الوقت الراهن نظراً للأوضاع الحالية، ولكنها تقدم مختلف أشكال الدعم القانوني للنساء بشكل عام وأيضاً تقوم بعمليات الاحالة وضمان مساحات أخرى من الدعم النفسي وهو الأمر الذي جعلها واحدة من المبادرات الواعدة في ذلك المسار الداعم قانونياً للنساء اللواتي لا يستطعن القيام بذلك.

 

قدمتم الكثير من الجهود في ملف اللاجئات، فهلا أخبرتمونا عن أبرز أنشطتكم المخصصة لهن؟

نحن مجموعة محاميات قررنا أن نتكاتف لتقديم الدعم القانوني اللازم للنساء والأمر غير قاصر على اللاجئات وحدهن فالخدمات تقدم للجميع، إلا أن الفترة الحالية نتيجة الحروب والنزاعات التي تحدث في عدة بلدان منها فلسطين والسودان وسوريا ولبنان وليبيا وغيرها من الدول وجهنا عملنا أكثر للنساء الوافدات من هذه البلدان للداخل المحلي في مصر.

وعن أشكال الدعم الذي نقدمه لهن فهو متمثل في تعريفهن بالإجراءات الخاصة بهن وكل متطلبات التسجيل في المفوضية، وأيضاً نقدم حملات توعية في مختلف الأزمات التي يمكن أن يتعرضن لها وخاصة حال وقوع عنف عليهن والجهات التي يمكنهن اللجوء لها وكذلك المسارات القانونية اللازمة.

كما أننا نقدم دعم قانوني في قضايا الأحوال الشخصية كذلك للاجئات، فضلاً عن تقديم حزمة من تدريبات لتمكينهن اقتصادياً بتمليكهن حرف كالخياطة والكروشيه وغيرها، كما أننا نساعدهن في إقامة المعرض والبازارات وذلك بالشراكة مع جمعيات أو مؤسسات أخرى.

بالإضافة إلى مساعدتهن على صعيد الدعم النفسي من خلال الورش التوعوية من جهة أو الإحالة للعيادات والأطباء النفسيين حال تطلب الأمر ذلك والمتابعة لحين التأكد أنهن تجاوزن ما يعانينه من أزمات.

للتجربة الشخصية دور في التوجه نحو العمل التطوعي خاصة إن كان مقدم لدعم النساء، فهلا تحدثتم أكثر عن مسيرتكم الذاتية؟

منذ دراستي في كلية الحقوق وأن أرى التمييز يتجسد أمام ناظري، فالمهنة التي ذهبت إليها بكل حب يخبرني الجميع أنها ذكورية "للرجال"، والكثير من العبارات كانت تتردد على مسامعي ومنها "مش هتعرفي تتعاملي في الأقسام والنيابات، الستات ملهمش في الشغلانة دي"، وغيرها من الجمل.

وكنت في مواجهة مباشرة مع التمييز لسنوات طويلة سواء عند خروجي من منزلي للشارع أو دخولي المحكمة وتعاملي مع الموظفين ثم الأقسام وضباط الشرطة جميعها خطوات مختلفة تحمل درجات متنوعة من التمييز.

ولذلك قررت العمل على تلك المبادرة حتى أتمكن من خلق مساحة لنفسي وللنساء من حولي آمنة وخالية من التمييز والعنف، وهو ما جعلنا محل ثقة الكثيرات ممن شاركن معنا مشاعرهن وأزماتهن وحصلن كذلك على الدعم اللازم وتحول الأمر لممارسات مجتمعية أوسع من مجرد الدعم القانوني.

 

ما هي أبرز الأزمات التي تطلب النساء مساعدتكم فيها؟

أكثر الأزمات التي وردت إلينا هي الرغبة في الحصول على الدعم النفسي كون تكلفته الطبية مرتفعة والكثيرات لا يستطعن تحملها وهو ما سعينا للتعامل معه من خلال نظم مختلفة للإحالة، فضلاً عن طلب الدعم المادي نتيجة ما تتعرض له النساء من تعقيدات اقتصادية حالت دون قدرتهن على العيش الكريم.

فاللاجئات أتين مجردات من أغلب ممتلكاتهن والكثيرات منهن على سبيل المثال لا تستطعن توفير فرص عمل وتبحثن عن فرص دون جدوى، وهو ما تعاملنا معه بتوفير عدد من الورش التمكينية وتمليكهن حرفاً تعينهن على الحياة.

ولا يمكن إغفال احتياجاتهن القانونية خاصة أن الكثيرات تقعن في قبضة الاستغلال والابتزاز، كما أن عدد كبير من الوافدات تشعرن بالغربة ويحتجن للدعم والدمج والحصول على فرصة كون الكثيرات منهن تتعرضن لتمييز في سوق العمل وهو أحد التحديات التي توجههن وتطلبن المساعدة فيها.

وتعاني الكثيرات خاصة من اللاجئات السودانيات من القولبة وحصرهن في مهن تعد الأدنى في سوق العمل "كعاملات المنازل" على سبيل المثال وغيرها من الأعمال التي ترتبط بهن دون غيرهن.

والكثيرات منهن كذلك تعاملن بدرجة أقل من الجهات التنفيذية وتخفن من رفض أي انتهاك يقع عليهن أو سلك المسار القانوني فيؤثرن الصمت رغم معاناتهن كونهن لن تجدن من يهتم لأمرهن وهذا أمر نلمسه في العمل على قضاياهن.

كما تتعرض الكثيرات منهن للابتزاز الإلكتروني بمختلف صوره والاعتداءات الجنسية والتنمر والتحرش وهو ما يحملهن بالأعباء النفسية التي يعد طلب دعمهن فيها من أكبر احتياجاتهن.

 

ما هي أبرز المحاور التي يحتجنها لتحسين واقعهن؟

هن بحاجة للاهتمام بهن ووضع قضاياهن في حيز الاهتمام لكونهن تشعرن أنهن مهملات ووجودهن غير مرغوب فيه.

والمجتمع المدني عليه دور كبير فنحن في المبادرة نقدم مختلف أشكال التمكين الاقتصادي وكذلك النفسي والقانوني، إلا أن الأعداد كبيرة وتحتاج لعمل جماعي على هذا الملف.

والمبادرة تلجأ إليها نساء بحاجة للدعم من نطاقات بعيدة وهو ما لا نستطيع العمل عليه خاصة في المدن التي يصعب وصولنا لها وهنا الأمر يتطلب تفعيل أكبر لدور المجالس المتخصصة وكذلك المؤسسات التي لديها قدرة للوصول لجميع أنحاء مصر لأن الحاجة باتت ملحة ونأسف كوننا نغلق الباب في وجه نساء يحتجن لدعم ومساعدة ولكننا غير قادرات على عمل ذلك.