نجية تزروت: التمييز يجعل النساء في وضعية هشاشة دائمة

ترى الناشطة الحقوقية نجية تزروت أن تحسين وضعية النساء يرتبط ارتباطاً وثيقا بتعديل القوانين التمييزية، وأن الحيف يجعلهن في وضعية هشاشة ولا مساواة.

حنان حارت

المغرب ـ تعتبر الناشطة الحقوقية نجية تزروت أنه بالرغم من المكتسبات التي تحققت لصالح المغربيات، إلا أن ذلك لم ينعكس على أوضاعهن داخل المجتمع، حيث لم تتحسن بالشكل الذي تطمح إليه وتناضل من أجله الحركات النسوية في البلاد.

في العديد من المحافل والندوات الإقليمية والعالمية أكد الناشطات الحقوقيات والمدنيات في المغرب أن تحسين وضعية المرأة المغربية داخل المجتمع يرتبط بتعديل القوانين التمييزية، منهن عضوة فيدرالية رابطة حقوق النساء ورئيسة شبكة رابطة "إنجاد ضد عنف النوع" نجية تزروت، وتقول إن "النساء المغربيات تستحققن قوانين أفضل للعيش بكرامة، وبحاجة إلى إرادة سياسية قوية لإنصافهن".

ولفتت إلى أن المرأة تعمل داخل البيت وخارجه، لكنها بحاجة للاعتراف بعملها داخل المنزل، فهي تبذل مجهودات جبارة في تربية الأبناء وإدارة المنزل بالتالي تحتاج لتثمين هذا العمل، معتبرةً أن النساء تعانين الحيف والتمييز بسبب مدونة الأسرة الحالية "تغيير القوانين هو الباب الأساسي لتعزيز المساواة بين النساء والرجال داخل المجتمع".

وعن بعض المقتضيات القانونية في مدونة الأسرة الحالية قالت "أصبحت غير ملائمة للمستجدات التي يعرفها المجتمع المغربي، وللبيئة الدستورية وللاتفاقيات الدولية التي صادق عليها البلاد"، مشيرةً إلى أن فيدرالية رابطة حقوق النساء قدمت مقترحاتها بشأن تعديل مدونة الأسرة أمام اللجنة المكلفة بتعديل المدونة خلال مرحلة الاستماع لمختلف الفعاليات.

وأكدت أن النساء تعانين من مشاكل عدة "استقبالنا للنساء في مراكز الاستماع التابعة للجمعية، جعلنا نقف على المعاناة الحقيقية التي تعيشها النساء، نتيجة القوانين التمييزية التي تتضمنها مدونة الأسرة مثل الولاية القانونية"، مضيفةً أنه ليس فقط مدونة الأسرة التي تحتاج إلى التعديل، بل أيضاً القانون الجنائي الذي يتضمن حيفاً كبيراً بخصوص التمييز ضد النساء، لافتةً إلى أن هذا الحيف يجعل النساء في وضعية هشاشة ولا مساواة.

وأوضحت نجية تزروت أن إصلاح القانون الجنائي يجب أن يتضمن عقوبات رادعة لكل الممارسات التي تدخل في خانة العنف ضد النساء والفتيات، خاصة وأن التجربة كشفت عن قصور مواد هذا القانون في الحد من هذه الظاهرة، مؤكدةً أنه حان الوقت لملاءمة الترسانة القانونية الوطنية مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وحقوق النساء، خاصة وأن الدستور المغربي في ديباجته وفي فصله التاسع عشر يؤكد على مسألة المساواة بين الجنسين، وإقرار مبدأ سمو المواثيق الدولية على القوانين المحلية، وهو مطالب وملزم بأن يكون وفياً لهذه الاتفاقيات.

وعن كيفية تغيير المواقف بخصوص المساواة، قالت إن تغيير المواقف تدخل فيه عدة اعتبارات "منها التوعية لكل مؤسسة من موقعها فالإعلام يجب أن يلعب دوره، والمناهج التربوية يجب أن تؤدي دورها كذلك، كما يجب أن يكون هناك توعية لكافة فئات وشرائح المجتمع من أجل تغيير العقليات".

وترى أنه بالموازاة مع هذا العمل، يجب إزالة القوانين التمييزية، وسن أخرى لتكريس مبدأ المساواة، لأن وجود قوانين تحمي النساء وترفع الحيف والتمييز عنهن سيسهل العمل "العمل على الموروث الثقافي يتطلب المزيد من الوقت، وبالتالي الوصول للنتائج المرجوة سيتأخر، لكن عندما تكون لدينا قوانين تؤكد على المساواة، فإن تحقيق ذلك سيكون سهلاً".

وحول تقييمها لقانون رقم 103.13 لعام 2018 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، أوضحت أنه خلال التطبيق تم رصد فراغات فيه، وأن هذا القانون بدوره تنادي الحركات النسائية بضرورة مراجعته، لأنه بعد مرور هذه المدة لازالت ظاهرة العنف ضد النساء مستمرة، مضيفةً أن هذا القانون عملت عليه الفيدرالية مدة طويلة "القانون ظل قاصراً ولم يتمكن من الحد من الظاهرة".

وأكدت نجية تزروت على أن قانون محاربة العنف ضد النساء هو عبارة عن تعديلات بسيطة في القانون الجنائي، لهذا يبقى غير كافٍ أمام ظاهرة العنف، مطالبةً بقانون شامل ومستقل يضمن الحماية ويكفل عدم إفلات الجناة من المحاسبة والعقاب.

وأضافت أنه من بين الإشكاليات التي يطرحها قانون حماية النساء من العنف "ما يتعلق بالإثبات، أي المتزوجة لو تعرضت للعنف الزوجي داخل بيتها يطلب منها الإثبات، فكيف يمكن أن تثبت عنفاً داخل فضاء خاص أو تحرش في الشارع، فالإيحاءات والأفعال تندثر بمجرد حدوث الفعل المادي، وهذا الإثبات يتركنا أمام نص غير واضح، لهذا نرى ضرورة إعادة النظر في هذا القانون من أجل وضع حد للعنف وحماية النساء".