'معظم صناع القرار هم من الرجال وليس للنساء مكان'
شددت (ش. ر) على ضرورة عدم حصر الانتفاضة في قضية الحجاب وحرية ارتداء الملابس بل يجب أن تشمل جميع الحقوق والحريات المدنية والاجتماعية والسياسية.
جوان كرمي
کامیاران ـ لطالما تحدث الرجال عن أنفسهم وعن النساء، فمعظم ما نقرأه ونسمعه ونعرفه عن العالم هو بصوت الرجال، ولكن حان الوقت بأن تأخذ المرأة المنابر وتكون صوتها الخاص من أجل استرداد حقوقها المنزوعة والمساواة بين الجنسين.
يجب ألا يعتمد الناس على سرد عالم المرأة فقط من وجهة نظر المثقفات والمفكرات، بل التحدث مباشرة مع النساء من كافة الطبقات الاجتماعية، ومن أجل التعرف على واقع النساء من جميع الفئات، أجرت وكالتنا حوار مع (ش. ر) وهي امرأة في العقد الرابع من عمرها، والتي أكملت دراستها الجامعية حتى مستوى الماجستير، ونشأت في عائلة تعمل في الزراعة.
ما هي أشكال التمييز والقيود التي يتم تطبيقها على الفتيات بسبب العادات والتقاليد؟
ردود أفعال البالغين تجاه سلوك الأطفال وطريقة التنشئة جعلتني أدرك في سن الثالثة من عمري أن لدي اختلافاً عن الآخرين من ناحية الجنس، وربما يكون المثال الواضح الذي يمكن الاستشهاد به في هذه الحالة هو طريقة ارتداء الملابس، فعندما كنت صغيرة كانت والدتي تحاول دائماً اصطحابي إلى غرفة أخرى من أجل تبديل ملابسي، على عكس أشقائي الذين يمكنهم تبديل ملابسهم أمام الجميع.
وأعتقد أن هذه الأمور جعلتني أشعر بأنني مختلفة، وكان ذلك نوعاً من التناقض، أي أنه لدي شيئاً تحاول والدتي إخفاؤه وشعرت بالخجل وتسألت بيني وبين نفسي، لماذا يجب إخفاء جسدي؟ وكان هذا الشعور أقوى عندما عوقبت لعدم ارتدائي ملابس داخلية، كنتُ أشعر دائماً أنني أفتقر إلى شيء ما، وأن أختبئ ولا أستطيع أن أفعل ما أريده في الأماكن العامة، أعاقب على سلوكي، كل هذا جعلني أشعر أن هناك تمييزاً.
وإذا لم نكن على علم بهذه المشكلة في الفترة الحالية، فربما أشعر الآن أن هذا أمر طبيعي. اعتقدت ذلك نعم، أنه من حق الصبي أن يتصرف على هذا النحو وألا أكون متحررة. لم أذكر سوى حالة واحدة أعتقد أنها كانت أكثر بروزاً بالنسبة لي.
وتعاقب الفتيات إذا علم أحد أشقائها أو والدها بعلاقتها مع شاب. كانت إحدى فتيات جيراننا على علاقة مع شاب من نفس العمر، وعندما علم بذلك شقيقها بذلك عاقبها بشدة ومن ثم قتلها، الأمر الذي جعلني أخفي مشاعري تجاه الحب ولا أحاول توسيعه أو ممارسته كوني رأيتُ أن عقابه الموت.
عندما يصبح الوقوع في الحب في عصرنا بمثابة خطيئة وخزي ووصمة عار اجتماعية، عادة ما يحاول الآباء إدخال الفتاة في مرحلة الزواج قبل أن ترغب في اختيار شخص ما والتعبير عن اهتمامها به. كانوا يحاولون تزويج هذه الفتاة والاستقرار قبل أن يحدث شيء من شأنه أن "يفسد سمعتهم".
في رأيي، لم يكن للفتيات أي حق في الاختيار بل عائلاتهن هم من اختاروا لهن أزواجهن مثالاً على ذلك شقيقتي التي لم تتزوج باختيارها، وبعد عشر سنوات انفصلت عن زوجها. كان هناك عدد قليل جداً من الحالات التي اتخذت فيها الفتاة خياراً وتزوجت الشخص الذي اختارته.
إلى أي مدى ترين أن الاضطهاد الذي تتعرض له المرأة هو نتيجة التبعية الاقتصادية؟
الاستقلال المادي مهم جداً للمرأة في العصر الحالي، وأنصح أولئك الذين هم في سني أن يكونوا مستقلين مادياً. هناك مقولة شهيرة تقول إنه (إذا كانت يدك في جيب شخص ما، فيمكن لهذا الشخص أن يعاملك بالطريقة التي يريدها).
في مجتمع يعطي الحقوق الكاملة للرجل فإن أفضل حق يمكن للمرأة أن تحصل عليه ومن خلاله للوصول إلى حقوق أخرى هو الاستقلال المادي والذي يعني القدرة على الشراء، اتخاذ القرارات، قوة التبادل والقدرة على أداء مجموعة من الأنشطة الاجتماعية.
وعلى مدى السنوات العشر الماضية، شاهدت العديد من النساء وقعن ضحايا زواج لم يكن خيارهن، ومنهن من كان أزواجهن مدمنين ولم تستطعن الانفصال لأنه لم يكن لديهن القدرة على تغطية نفقات الأسرة، ولكن بمجرد حصولهن على الاستقلال المادي أصبحت حياتهن أفضل مما كانت عليها، وتمكنّ من عدم الاستمرار في الحياة التي كان عليهن أن تتحملن فيها كافة أشكال العنف.
تعتبر انتفاضة Jin jiyan azadî نقطة تحول تاريخية في حياة المرأة، هل يعكس صدى صوت الانتفاضة مطالب النساء؟
كانت الانتفاضة نقطة تحول إيجابية في حياتنا كنساء وغيرت منظورنا وذهنيتنا، كما تغيرت آراء والديّ بشأن القضايا التي أثيرت على سبيل المثال، فيما يتعلق بموضوع الحجاب، في الفترة التي سبقت نظام الجمهورية الإسلامية، كانت لدينا حرية ارتداء الحجاب، والتي أصبحت محدودة أكثر بعد ثورة 1979 ووضعت قيوداً اعتادت عليها العائلات واعتبرت ذلك أمراً مفروغاً منه.
فعلى سبيل المثال، في عائلتي، على عكس ما سمعته عن الماضي البعيد، كان علي أن أرتدي الحجاب في حضور عمي وخالي وأبناءهم، بينما الآن لدينا الحق في اختيار الملابس والحجاب.
في رأيي، على الأقل في عائلتي، نجحت هذه القضية بشكل جيد جداً والآن ليس لدينا قيود ويمكننا القول والمطالبة بأن هذا هو حقي في الاختيار وأود أن أحصل على هذا النوع من التغطية. ومع ذلك، لا أريد أن نحصر الانتفاضة في قضية الحجاب وحرية ارتداء الملابس بل هي أوسع بكثير من ذلك نريد حريات مدنية واجتماعية وسياسية، يجب أن تتمتع المرأة بالاستقلال المادي، وأن تكون حاضرة في الساحات السياسية، وأن تشارك في مراكز صنع القرار، ولا ينبغي أن تقتصر على زيادة عدد الموظفات والطالبات فقط.
وبشكل عام، الوضع الحالي لهذه الانتفاضة لا يمثل رغبات المرأة، ويجب أن يكون للمرأة دور أقوى وفعال. التيار يبتعد عن القضايا المتعلقة بالمرأة ومطالبها، وتحظى باهتمام أقل. آمل أن توجه الحركات النسائية التدفق بحيث أنه عند حدوث تغييرات جوهرية، يمكن للمرأة أن يكون لها موقع أقوى وأكثر فاعلية.
ونرى أنه في هيكل هذا النظام، فإن معظم صناع القرار هم من الرجال. لا يستطيع الرجال اتخاذ قرارات صحيحة لنصف سكان المجتمع. لهذا السبب، أعتقد أن هذه الانتفاضة يجب أن يكون لها وجه أوسع ويجب أن تأخذ في الاعتبار مجموعة أوسع من الحقوق للمرأة.
فإذا أدت هذه الانتفاضة إلى تغييرات جوهرية، فيجب أن تؤدي إلى توسيع نطاق الأنشطة النسوية. من الغريب جداً أن يكون نصف سكان إيران هم من النساء ولا يتم تمثيلهن بشكل صحيح في مراكز صنع القرار. الرجل الذي هو المشرع والتنفيذي ويقوم بجميع الأعمال بنفسه لا يفهم المرأة ولا يمكنه فعل أي شيء من أجلها.